الأسير الشهيد رقم 36 من شهداء الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة الأسير عمر شلبي ، من سكان مخيم النيرب حلب بسوريا ، والذى أعدم فى السجون الاسرائيلية بتاريخ 22/10/1973م ، يعد أحد عمالقة السجون ، والذى لم يأخذ حقه إعلامياً ووطنياً ، مع أنه كان من أوائل شهداء الحركة الأسيرة ، ومن أشجعها ، ومن ذوى الفضل الكبير على مسيرتها منذ البداية ومتفضلاً بدمه على الأسرى والمعتقلين والشعب الفلسطينى حتى النهاية .
ثلاث روايات حول كيفية استشهاده ، جميعها تؤكد على بطل من المؤسف أن لا يدرج اسمه فى المناهج التعليمية الدراسية ، أو أن لا يسمى باسمه شارع ، أو مبنى كبير أو قاعة مناقشات فى جامعات ، أو نصب تذكارى على أهم الميادين فى المدن الفلسطينية .
الرواية الأولى من الأسير سليم حسين الزريعى – أبو حسين فى مقابلة عبر برنامج توثيقى على إذاعة صوت الأسرى قال : انتهى عمل السخرة فى السجون بدم الشهيد الأسير " عمر شلبى " فلسطينى من مخيم النيرب بحلب " ، فهو سجل للعمل من أجل عمل شىء لانهاءه ، وحينما خرج للعمل قام بتكسير كل الأدوات والآليات وقلب المكان رأساً على عقب فقاموا بضربه حتى الشهادة ، وكان دمه ثمن لوقف نظام السخرة .
الذى وصفه الباحث الأسير زياد زياد من القدس فى رسالة ماجستير فى صفحة 51 بأنه كان يهدف لاستغلال وإذلال الأسرى عن طريق تشغيلهم بحياكة شبك الدبابات وإنتاج بعض الأمور للمؤسسة العسكرية " كاستغلال بشع للقوة العاملة الأسيرة، وتجسيدا للعبودية التي ولت منذ عقود .
والرواية الثانية للكاتب محمد القيسى " الهواء المقنع - أبو على شاهين خمسة عشر عاماً فى الاعتقال الصهيونى " صفحة 160 ، والذى ذكر أن إدارة السجون قتلت الشهيد الأسير عمر شلبى فى أعقاب ضربه بالهروات والعصى ، لرفضه لعمل السخرة فى السجون ، وقد كان برفقة المعتدين عليه طبيب اسمه "فيلمتن " حمل هراوة ، وشارك فى الضرب ، وفيما بعد عمل مديراً لمشفى الرملة " مراج" ، وحنما نقلوه إلى معهد التشريح أبو كبير صدر تقرير أنه مات فى ظروف طبيعية ، وأن التقرير مصدق كونه مقدم من قاضى وطبيب إدارى بحيث لا يمكن نقضه أو الاعتراض عليه .
أما الشهادة الثالثة موجودة فى كتاب " أوراق من خلف جدران الأسر " ، للكاتب الأسير المحرر عبد الحق شحادة ، ص 101 ، قال فيها أن الشهيد عمر الشلبى دفعته وطنيته إلى رفضه لممارسات إدارة السجون ، ومن ثم القيام بتحريض المناضلين لعدم النزول إلى مرافق العمل الانتاجية ، موضحاً لهم مخاطر عملهم فى هذه المرافق وسلبيات ذلك على محتواهم النضالى ، وقد أدى به الحماس الوطنى فى إحدى المرات إلى تصديه لإحدى المباريات الرياضية التى كان قد حضرها مدير السجن وزوجته ، وقام حينها الشهيد البطل بتكسيره لكاميرا كان المدير قد جلبها لتصوير المباراة التى دعى اليها فى السجون ، والتى كان هدفها التقاط الصور واستغلالها كبوق دعاية من قبل هذا المدير فى محاولة منه لإظهار كيفية ترويض وإسقاط المعتقلين الأمنيين ، فغيرة هذا المواطن ووطنيته دفعته لرفض ومواجهة ذلك ، وهذا ما أدى فى النهاية لفقدانه حياته على اثر ما قام به ، حيث عمل مدير السجن الذى صعق مما أقدم عليه هذا الشهيد إلى التخطيط للايقاع به ، وقد كلف أعضاء من الطابور الخامس فى السجن ، لتنفيذ خطوات هذا المخطط التصفوى بحق هذا المناضل الذى اعتبر بمثابة شوكة فى حلق مدير السجن والإدارة ، وإقناع هذا المناضل من خلال خداعه بالعمل فى مرفق المكاوى " كخطة " من أجل القيام بتحطيمها وتقوية معنويات المعتقلين ، وإعطائهم دفعة معنوية وحافزاً لترك العمل ورفضه ، وهذا ما كان يسعى اليه الشهيد ، وكانت الرؤيا هو ايجاد المبرر لقتله من قبل إدارة السجون ، وبالفعل : فما أن بدا فى تكسير المكاوى حتى أسرعت قوة من الإدارة لإخراجه من غرفة المكاوى ليقوم المدير بعد ذلك بتعذيبه والانتقام منه وتصفيته جسدياً .
أتمنى على التربية والتعليم ، وقيادات الفصائل الوطنية ، والحركة الوطنية الأسيرة فى السجون ، ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين وكل العاملين فى مجال الأسرى ، بالتأكيد على رمزية هذا المناضل العريق ، وهذا الشهيد الفدائى من خلال الكتب الدراسية ، والمهرجانات المساندة للأسرى ، ومن خلال تسمية المؤتمرات والفعاليات باسمه لمنحه المكانة التى يستحق فى ظل غيابها عنه .
بقلم : رأفت حمدونة