انتفاضة القدس.... باقية وتتمدد

بقلم: محمد مصطفي شاهين

لا زالت عمليات الانتفاضة باقية وتتمدد في جميع محافظات الوطن من القدس الي الخليل ورام الله وغزة ومدن الداخل المحتل بالرغم من سجن عدد كبير من نشطاء الانتفاضة واستشهاد ما يزيد علي 93شهيدا من أبطال الشعب الفلسطيني واصابة ما يزيد علي 1500 جريح الا ان فعاليات انتفاضة القدس لم تقف يوما بل انطلقت في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي وكان لها أهمية كبيرة وعظيمة فلقد أعادت الانتفاضة للقضية الفلسطينية ظهورها علي الساحة الدولية بأنها قضية شعب يبحث عن الحرية  من الاحتلال الإسرائيلي في ظل الواقع الدولي الجديد والمتغيرات الإقليمية المتلاحقة  وحالة الصراع ما بعد الثورات العربية والذي جعل الاحتلال يستغل هذه التحركات كستار  للتغطية علي جرائمه  وممارساته الاجرامية بحق فلسطين شعبا وأرضا  .

انتفاضة القدس استطاعت أن تشكل تطورات مهمة في القضية الوطنية الفلسطينية فلقد وجدت الدعم الشعبي من شتي ألوان الطيف السياسي والنضالي الفلسطيني ومن جانب اخر تطورت الانتفاضة في أشكال متنوعة من العمليات فمن الحجر والسكين التي هي المعلم البارز في العمليات الفردية لنشطاء الانتفاضة و من بعدها دخول عمليات اطلاق النار ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه ساحة العمل النضالي بالإضافة لتشكل تطور هام آخر  وهو قنص  الجنود ففي الخليل مثلا أوجد صدمة وحالة من الخوف في صفوف جنود الاحتلال ومستوطنيه ليس لأنها قتلت منهم  بل لأنها تعزز شعور الجنود والمستوطنين بأنه في أي مكان يمكن أن يتم وضع حد لحياتهم ليست عمليات الطعن وحدها فقط فهذه  المعطيات تجعلنا نستبشر خيرا ان انتفاضة القدس أصبحت عصية علي الانهيار  فنيران الانتفاضة ستعلن عصر جديد من المقاومة والنضال.

وفي جانب اخر من الانتفاضة انطلق  عدد من عناصر الانتفاضة  ونفذوا عملية ضد عدد من المستوطنين في الخليل لقي فيها مستوطنين مصرعهم  وامتنعت  المقاومة خلالها عن قتل أطفال المستوطنين الخمسة الذين كانوا في المركبة التي تمت مهاجمتها  فعلي الرغم من إقدام المستوطنين علي حرق  عائلة دوابشة  وأطفالها إلا أن  أخلاق نشطاء الانتفاضة كانت بمثابة دستور يسيرون عليه فلم  يقتلوا  الأطفال هذه هي أخلاق نشطاء الانتفاضة إنها تعاليم الله بعدم قتل الأطفال في الحروب وعلي العكس تماما كان تعامل الجنود الإسرائيليين تجاه الأطفال الفلسطينيين فما يزيد علي 25%من شهداء وجرحي انتفاضة القدس كانون من الأطفال الفلسطينيين.

لقد تشكلت لدي الفلسطينيين حالة فريدة من الصمود والتحدي تضاف لسجله الحافل بالنضال لنيل حقوقه، استطاع المواطن الفلسطيني ان يقف ويصمد في وجه سياسات العقاب الجماعي التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية بالرغم من هدم بيوت شهداء الانتفاضة واحتجاز جثامين ما يزيد علي 22شهيد وعدم تسليمهم لذويهم لإتمام مراسم دفنهم   لقد عملت هذه الاعتداءات علي زيادة الدافعية نحو المقاومة والنضال على عكس ما كان يتمني العدو الإسرائيلي ،لقد ولي عهد الصمت ونحن الان أمام انتفاضة شعب قرر مواجهة الاعتداءات الهمجية الإسرائيلية بشتي أشكال النضال والكفاح.

 

يوشك كبار القادة والساسة الإسرائيليين أن يصيحوا أخرجونا من جحيم الانتفاضة فلقد استنزفت الانتفاضة جهود قوات الاحتلال  بداية تم استدعاء آلاف الجنود من مختلف الوحدات العسكرية  وتم زيادة  عدد القوات العاملة في الضفة  و محيطها وكذلك رفع درجة الجاهزية الأمنية في داخل المناطق المحتلة عام 1948 وفي المجمعات الاستيطانية التي بات افرادها يشعرون بانعدام الأمن في جميع ارجاء إسرائيل ،عملت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ بداية انتفاضة القدس علي جلب معلومات استخباراتية لمساعدتها في التصدي للانتفاضة  ولكن عملاء واستخبارات الاحتلال الإسرائيلي عجزت عن التنبؤ بعمليات الانتفاضة لان عناصر الانتفاضة و منفذي العمليات البطولية ضد الاحتلال  لم يكونوا علي قائمة المتابعة الأمنية من سلطات الاحتلال الإسرائيلي انهم مواطنين فلسطينيين مدنيين سئموا  الظلم والقهر الإسرائيلي ضدهم  وهذا اما اعترف به كتاب وباحثين إسرائيليين  فذاك مراسل هآرتس للشؤن العسكرية عاموس هرائيل :يجب أن نعترف أنها انتفاضة شعبية فلسطينية، وأن الخوف من أن تصل الانتفاضة لمرحلة الباصات المفخخة في تل ابيب .

لقد نجح نشطاء الانتفاضة في نقل نيران الانتفاضة الي قلب تل أبيب لتشعر بنيرانها وتكتوي بلهيبها النضالي انطلق الشهيد رائد محمد مسالمة الي أحد المجمعات التجارية بجنوب تل أبيب فيطعن خمسة من الإسرائيليين هلك منهم اثنين ورقد ثلاثة في مستشفيات تل أبيب، إن هذا الجيل الفلسطيني الصاعد يحمل المعني الحقيقي للمناضل الوطني الثائر لنيل حقوقه والحفاظ على كرامة شعبه، يمكننا القول إن انتفاضة القدس عصية على الاحتواء.

بقلم/ محمد مصطفي شاهين