في ظل الإنتفاضة والمقاومة المتجددة … المراجعات النقدية و الاستخلاصات !!

بقلم: وفيق زنداح

فصائل العمل الوطني هي ملك شعبنا ….وكل ما هو للشعب فيجب ان يراجع ويقيم …وأن تستخلص العبر ..لان الوقت تكلفته باهظة …كما أن الوطن وحريته يحتاج الي الاقوياء والمخلصين له والقادرين علي المراجعة النقدية ….وتحديد الاستخلاصات …وليس الاستمرار بما نحن عليه !!
النقد والنقد الذاتي أساليب تنظيمية لدي العديد من القوي والاحزاب …لما لهذا الاسلوب من امكانية تحقيق المراجعة النقدية لمجمل الاوضاع التنظيمية ومدي تحقق الاهداف والمبادئ التي من أجلها تم تأسيس هذا التنظيم أو ذاك .
الساحة الفلسطينية فيها العديد من الحركات والجبهات والاحزاب وهي بمجموعها ذات تاريخ وباع طويل في العمل التنظيمي والفعل النضالي…. ولا يمكن لأحد أن يتنكر لهذا الفصيل أو ذاك ….فالجميع وقد ناضل وجاهد وعمل بكل ما باستطاعته من فعل وجهد وتضحية من أجل رفعه هذا التنظيم أو ذاك في اطار أداء الواجب الوطني لتحقيق أهدافنا الوطنية .
الا ان مسيرة العمل التنظيمي للقوي والاحزاب انتابها ما بين فترة واخري حالة من الجمود والتكلس وعدم الفعالية لأسباب ذاتية وموضوعية ولكل فصيل اسبابه ومبرراته التي يمكن تسويقها بمحاولة الدفاع عن موقفه وتبرير توجهاته ومواقفه ….لكن الاغلبية العظمي من هذه القوي لا زلت تتعثر في مواجهه الذات وممارسة النقد الذاتي واستخلاص تجارب المراحل السابقة وتحديد الاخطاء ومعالجتها … .كما تحديد الانجازات والبناء عليها .
حالة الجمود وغياب ديناميكية الفعل والتفاعل الايجابي مع الجماهير وما يلاحظ من تباعد ملحوظ ما بين القوي السياسية والجماهير الفلسطينية يدلل ان هناك أزمة حقيقية لابد من مراجعتها والوقوف امامها والبحث في الاسباب الحقيقية وراء هذا التباعد والفجوة القائمة .
أي فصيل سياسي ومهما بلغت جماهريته والمؤيدين له بحاجة الى المراجعة النقدية كما أنه بحاجة أيضا الى تصويب مساره التنظيمي والاجتماعي والسياسي ومراجعه الاهداف التي من أجلها كان هذا التنظيم ودراسة التكتيكات والاستراتيجيات بما يعزز من صلابة وقوة هذا التنظيم من خلال بناء فكري تنظيمي يعتمد علي تعبئة تنظيمية ذات منطلقات وطنية متوازنة بعيدة كل البعد عن كراهية الاخر ..بل تعزيز للمنافسة الايجابية وليس تعزيزا للصراعات التي توصل الي حالة من التعصب والكراهية للأخر لان في مثل هذه السياسة قد تكون النتائج بعكس ما يتمني هذا ال فصيل أو ذاك .
وهنا ما يستوجب طرح العديد من النقاط التي أري أنها ذات أهمية وضرورة ومنها :
أولا : تعزيز قدرة التنظيم علي التواصل الجماهيري وتحسس مشاعر ومطالب الجمهور والدفاع عنها واستمرار المطالبة بها .
ثانيا : لكل تنظيم برنامجه السياسي ومدي قدرته الحقيقية علي التنفيذ الفعلي ومدي ملائمة هذا البرنامج للواقع الثقافي الاجتماعي الاقتصادي ومجمل التجربة السياسية للمواطن والتي ستحدد مدي جماهرية هذا التنظيم أو ذاك .
ثالثا : المناسبات الفصائلية والدعوات التنظيمية ومدي الحشد الجماهيري مقياسا لكنه ليس بالمطلق معيارا قاطعا عن جماهرية هذا الفصيل أو ذاك علي اعتبار أن المشاركة ليست حاسمة لتحديد مدي جماهرية هذا التنظيم أو ذاك مع ملاحظة أن هناك الكثير من التنظيمات تشهد انخفاضا وربما ارتفاعا في الحشد الجماهيري بحسب المرحلة وطبيعة المواقف وهذا ما يتم تلمسه علي أرض الواقع .
رابعا : قدرة التنظيم ومدي امتلاكه للشجاعة والمكاشفة ومواجهه الذات والنقد الذاتي لتبيان مدي الاخطاء التي ارتكبت ومساحة الانجازات التي تحققت ومدي المسئولية التي يتحملها ازاء أي قرار أو موقف كان له تبعاته علي المجتمع بأسره .
خامسا : المواقف السياسية وابداء المرونة دون التنازل عن جوهر ومضمون الموقف وتحسس مشاعر الجمهور وتطلعات المواطنين والقياس عليها يبرز أن الاغلبية تميل الي المرونة وليس الي التعنت والتصلب بالمواقف .
سادسا : حالة المراجعة النقدية المفروضة بحكم واقع وظروف معينة قد لا يكون تأثيرها كبيرا بعكس واقع المراجعة في حالات الاستقرار لأن الجمهور المتابع يفضل أن يري هذا التنظيم أو ذاك وقد أجري معالجات استباقية قبل أن يدخل في أزمات عميقة مع ان المراجعة بكافة الاحوال أفضل من المكابرة واستمرار التعالي وعدم الاعتراف بحقيقة الازمة والظروف الضاغطة .
سابعا : تاريخ كل فصيل سياسي ومدي الصراحة والشفافية مع الجمهور والاعلان عن الخطأ وتحمل المسئولية والاعتذار اذا ما تطلب ذلك سيكسب التنظيم احتراما أكبر وجماهيرية أوسع وهذا أفضل من استمرار التجاهل والالتفاف علي الاخطاء ..وايجاد المبررات والذرائع لها .
ثامنا : لا يكفي النقد والمراجعة داخل الاطر والمؤسسات الداخلية لهذا التنظيم أو ذاك مع أهميتها وضرورتها في الحفاظ علي ما هو سري وغير قابل للإعلان الا أن الاصل في العمل التنظيمي العام أن تكون المكاشفة والصراحة أحد الاساليب المعتمدة والتي ستكسب هذا التنظيم أو ذاك مصداقية أكبر .
تاسعا : أي فصيل سياسي يعتمد بمقومات قوته علي قاعدته الجماهيرية المؤمنة بفكره السياسي ومنطلقاته الوطنية وأهدافه التي يسعي الي تحقيقها والتي لا تخرج عن اطار أرضنا وشعبنا وحقوقنا الثابتة .
عاشرا : فصائل العمل الوطني والاسلامي جميعكم بحاجة الي المزيد من المراجعات النقدية …كما أنتم بحاجة الي المراجعات بالعلاقات الوطنية ….كما بحاجة ماسة لتمتين وتوطيد العلاقات الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية ….كما أنتم بحاجة ماسة الي مراجعه مرحلة سابقة والاعداد لمرحلة قادمة …فإما دولة مستقله بعاصمتها القدس والتي ستكون بحاجه الي كافة السواعد والطاقات ..واما استمرار الاحتلال وواجب مقاومته وكنسه عن أرضنا .
الحادي عشر : المراجعات والنقد الذاتي ليست مختصرة علي الفصائل والقوي السياسية ..بل يجب أن تشمل كافة مؤسسات السلطة الوطنية سواء مؤسسة الرئاسة أو المجلس التشريعي أو الحكومة لأننا أولا وأخيرا بحاجة الي تطوير الاداء ومعالجة الاخطاء والاستعداد لما هو قادم من تحديات لا نعرف الي اين ستكون نتائجها .
الثاني عشر : المراجعة والنقد الذاتي يجب ان يشمل كل مواطن وأن يحاسب نفسه بشفافية عالية فالوطن أكبر من الاشخاص والقادة ..ويجب أن تكون المراجعات خالصة للوطن …واستعدادا لما هو قادم من تحديات ومخاطر …لأن المراجعة النقدية ليست حالة من الضعف …..بل تعتبر محطة قوة وانطلاق وتصليب للمواقف والمفاصل ….لا ان نترك أنفسنا نسير بطريق وعرة لا اشارات بداخلها ….حتي نعرف الى اين نسير ؟؟
والى اي الاتجاهات والمحطات نريد أن نصل ؟؟ .
المراجعات النقدية مسألة بغاية الأهمية والضرورة الوطنية ….لأن فصائلنا هي ملك شعبنا ….وكل ما هو للشعب فيجب ان يراجع ويقيم …وأن تستخلص العبر …لان الوقت تكلفته باهظة …كما أن الوطن وحريته يحتاج الي الاقوياء والمخلصين له والقادرين علي المراجعة النقدية ….وتحديد الاستخلاصات …وليس الاستمرار بما نحن عليه !!
الكاتب/ وفيق زنداح