إسقاط تركيا الطائرة الروسية يفشل مخطط المنطقة العازلة ويهدد امن المنطقة

بقلم: علي ابوحبله

إسقاط الطائرة الروسية من قبل الطائرات التركية بالأراضي السورية التي تؤكدها موسكو وتنفيها انقره بأنها أسقطت لخرقها الأجواء التركية ، هذا العمل التركي الذي عده البعض عمل بطولي والبعض الآخر يرى غير ذلك ، وفي حقيقة الأمر أن تركيا منغمسة في الصراع السوري وهي تدعم الإرهاب ضد سوريا وتدعم المجموعات الارهابيه في سوريا وان تركيا لها أطماع في سوريا ، لم تكتف تركيا باقتطاع لواء الاسكندرونه وهي تطمع لاقتطاع أجزاء من شمال سوريا تحت مسمى المنطقة العازلة ،

لاشك أن انعكاس إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا سيترك انعكاسات في حمى الصراع الإقليمي في المنطقة ويؤدي إلى خلط الأوراق خاصة وان إقدام تركيا على إسقاط الطائرة الروسية هدف إلى استدراج حلف الأطلسي للصراع ضد التدخل الروسي في سوريا كون تركيا احد أعضاء حلف الناتو ، هذا مع العلم ان تركيا كانت تروج لفكرة المنطقة العازلة شمال سوريا .

لم ينجح الرئيس التركي رجب طيب اردغان في مؤتمر انطاليا لإقناع الدول الصناعية الكبرى لدعم توجه تركيا لإنشاء المنطقة العازلة خاصة وان تفجيرات باريس أدت إلى اقتراب الموقف الفرنسي والبريطاني من الموقف الروسي في محاربة تنظيم ألدوله الاسلاميه داعش ،

لقد سبق وان وجهت موسكو تهديداتها للسعودية وقطر وتركيا ووجهت اتهامها لهذه الدول بأنها تدعم مجموعات مسلحه تعمل في الأراضي السورية . وان إسقاط الطائرة العسكرية الروسية جاء ردا على الضربات العسكرية التي وجهتها الطائرات الروسية ضد ناقلات النفط التابعة لتنظيم ألدوله الاسلاميه ويتم بيعه لتركيا وإسرائيل ، وان نجاح القوات السورية في استعادة سلطتها على الأراضي السورية في ريف اللاذقية وريف حلب يحرم تركيا أطماعها في إنشاء المنطقة العازلة بعمق عشرات الكيلومترات في الأراضي السورية .

إن إسقاط تركيا للطائرة الروسية القاذفة سوخوي 24 لها حسابات في موازين القوى مغايره لتلك التي حسبتها انقره ، وما كان بالأمس قد لا يكون اليوم وفق الحسابات الروسية .

اللهجة الحاسمة واللغة التي تكلم فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن التي وصف فيها الارتدادات المقبلة لإسقاط الطائرة الروسية في سوريا وانعكاسها على العلاقات الروسية التركية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علق على الحدث بالقول إن له "عواقب وخيمة" على علاقات الدولتين. ولم يقبل الذريعة التركية بأن الطائرة خرقت المجال الجوي التركي، بل أكد أنها لم تسقط بنيران أرضية إنما بطعنة في الظهر من طائرة "أف16

الملف في حديث الرئيس الروسي بوتن وصفه الأتراك بـ"داعمي الإرهابيين"، وفي ذلك تسمية للأشياء بأسمائها، حسب ما وصل إليه الموقف الروسي مؤخراً. هذا الاتهام سيكون الثاني من نوعه لتركيا بدعم "داعش". سبقه اتهام غير مباشر من بوتين نفسه خلال قمة مجموعة العشرين قبل أيام عندما قال: "أربعون دولة تساهم في تمويل داعش، بينها دول في المجموعة". وهو يأتي بعد أن كان الروس يتجنبون الاتهامات المباشرة لتركيا بدعم الإرهاب.

والسؤال الذي يطرح نفسه عن خيارات الرد الروسي على إسقاط الطائرة العسكرية الروسية من قبل الطائرات التركية ، لا شك أن خسارة تركيا من حدث إسقاط الطائرة الروسية ستكون فعلاً كبيرة. فأنقرة تمكنت من الحصول على مكاسب جمّة من القوى المختلفة اللاعبة في أزمات المنطقة. كسبت من إيران، ومن الغرب، ومن روسيا نفسها أكثر من الآخرين.

في معطيات ما قبل الأزمة السورية، كانت الولايات المتحدة تخطط لتمديد خط الغاز الضخم "نابوكو" من آسيا إلى أوروبا عبر تركيا؛ وفي المقابل كانت روسيا قد خططت للعديد من خطوط الأنابيب التي ستجعلها ممسكةً بمصدر الطاقة الرئيسي خلال القرن الحالي. فمدّت "السيل الشمالي" من أراضيها إلى أوروبا عبر بحر الشمال، وأطلقت مشروع "السيل الجنوبي" منها إلى أوروبا الشرقية عبر البحر الأسود، وجنّبته المرور بالأراضي أو الموانئ التركية، تاركةً لتركيا إمداداً روسيا ضعيفاً عبر خط صغير سمي "السيل الأزرق" عبر البحر الأسود ،وبعد تحول الشرق الأوسط إلى جحيمٍ ملتهب، يغذيه صبّ الغاز على نار الخلافات السياسية والمذهبية والعرقية، بادرت روسيا (خلال زيارة أجراها بوتين إلى تركيا) إلى إلغاء "السيل الجنوبي"، واستبداله بخط "السيل التركي"، بعدها زار رئيس شركة "غازبروم" الروسية أليكسي ميلر أنقرة مستكملاً ما أعلنه بوتين وأردوغان. بهذا كسبت تركيا جائزةً كبرى لم ينلها غيرها خلال السنوات الأخيرة. لأن الخط المشار إليه حولها إلى لاعبٍ رئيسي في نقل الغاز والاستفادة منه. ولكن هل كانت تتوقعها جائزةً مجانية؟

ان اسقاط الطائرة الروسيه سينعكس سلبا على تركيا بسحب الامتيازات من تركيا التي حصلت عليها خاصة استمرار أنقرة بلعب دور رأس الحربة في مواجهة المصالح الروسية وهذا ما يدفع روسيا لمعاقبة انقره وإذا حصل ذلك، فإنها ستكون خسارةً إستراتيجية كبرى لتركيا.

كما أن روسيا ستعمد إلى معاقبة اردغان في موضوع الاتفاقات التي وقعت بين البلدين لتعزيز التبادل التجاري بينهما. تحول قيمة هذا التبادل من حوالى 30 مليار دولار إلى ما يفوق 100 مليار بحلول السنوات الخمس القادمة، كان هدفاً طموحاً راهن الطرفان على عائداته، ولكن "طعنة" اليوم التي وجهتها تركيا لروسيا قد تصيبه مثلما أصابت الطائرة الروسية.

الإجراءات الروسية الاوليه أنها أعلنت عن قطع علاقاتها العسكرية مع تركيا وهي علاقات محدودة، أغلبها مرتبط بالتنسيق الأمني، نظراً لوجود تركيا كعضوٍ في حلف

الناتو "

هدفت تركيا من إسقاط الطائرة الروسية إلى دغدغة عواطف دول الخليج حيث مهد اردغان زيارته للسعودية وقطر ، بهذا العمل ليدلل على قوة تركيا وهدف أيضا إلى طمأنة المجموعات المسلحة المدعومة من انقره ودول الخليج .

تدرك موسكو لمخاطر تدخلها العسكري في سوريا خاصة وان احلام تركيا والغرب اخذه بالانهيار في السنوات الاخيره وفي أعين الروس ، أن ضرب داعش والنصرة والتنظيمات الرديفة لهما يعتبر انهياراً لمشروعٍ كبير يستهدف الشرق الأوسط ،وكان من المفروض ان تكون هناك حصه لتركيا في هذا المشروع يعوضها عن دخول الاتحاد الاوروبي . لكن التدخل الروسي المكتمل الشروط والتحالف مع طهران، بدا وكأنه سينهي كل شيء

إن إسقاط طائرة روسية مقاتلة اليوم وإسقاط أخرى مدنية قبل حوالى الشهر يضعان روسيا أمام حتمية الرد، وبقسوة. ولكن الهدف الأكثر استحقاقاً قد يكون الجماعات الإرهابية في سوريا.

إن إسقاط الطائرة الروسية كان خطأ استراتيجي تركي لان تركيا لم تحسب نتائج عملها .وان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد يكون أُستدرج إلى مستنقع دموي من الصعب عليه الخروج منه بأقل الخسائر، ماديا وبشريا، حتى لو لم يأت الرد الروسي حربا شاملة، ولا نبالغ ان تركيا بعملها تضحي في انجازاتها ألاقتصاديه الضخمة وتضحي باستقرار وامن تركيا

الرئيس اردوغان استدعى سفراء 28 دولة أعضاء في حلف الناتو لاطلاعهم على دوافع إسقاط الطائرة الروسية، وهو في هذا يحاول استثارة دول حلف الأطلسي لدعم تركيا بإقدامها على إسقاط الطائرة الروسية ويحثهم للتدخل العسكري في سوريا كأنه يستنجد بهم للوقوف إلى جانب بلاده في مواجهة اي انتقام روسي محتمل، وهذه خطوة متوقعة، ولكن هل ستستجيب هذه الدول، وتدخل حربا عالمية ضد روسيا؟

التدخل التركي في سورية بدأ ينعكس عليها حربا وعدم استقرار، وربما التفكيك والصراع الطائفي، وربما العرقي أيضا، وللأسف لم يحسب الرئيس اردوغان وحلفاؤه حسابه بشكل جيد ودقيق، فقد اعتقدوا ان هذا التدخل سيكون “نزهة”، والنظام السوري سيسقط في غضون أسابيع، أو بضعة أشهر، مثلما حدث في تونس وليبيا ومصر واليمن، وسارعوا في تقديم العروض باللجوء الى الرئيس السوري واسرته، وها هي الايام تثبت خطأ هذا الاعتقاد حتى الآن،.

تركيا اوقعت نفسها في حرج كبير تعرضها لخساره جسيمه وان روسيا ستعمد بكل الوسائل للانتقام من الموقف التركي وانها ستدعم حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل النظام التركي كما انها ستفشل مخطط تركيا لانشاء المنطقه العازله وستعزز الموقف العسكري السوري بتقديم الدعم العسكري اللازم للوقوف في وجه أي عدوان تركي أو أطلسي وذلك بسرعة نشر منظومة اس 300 على حدود الشمال وستعجل في استعادة الاراضي السوريه من يد المجموعات الارهابيه وتحرم تركيا من استكمال مخططها في سوريا

لا شك أن إسقاط الطائرة الروسية العسكرية في سوريا والطائرة المدنية في شرم الشيخ وتفجيرات باريس والضاحية الجنوبية في بيروت وضع المنطقة والعالم اجمع على حافة مخاطر نشوب حرب عالميه ثالثه ، فهي حرب مصالح بعيده عن مصالح دول المنطقة خاصة وان إسرائيل المستفيد الوحيد من هذه الصراعات لكن إذا ما تم خلط الأوراق وأصبح هناك تضارب في المصالح بين المعسكر الروسي والغرب فان المنطقة حبلى في المفاجآت والتغيرات في موازين القوى مما ينبئ برسم خريطة جديدة مغايرة لاتفاقية سيكس بيكوا تعيد إعادة ترسيم المنطقة ومناطق النفوذ للدول الكبرى بشكل مغاير لما سبق وان تم الاتفاق عليه عقب الحرب العالمية الثانية والخاسر الأكبر هو النظام العربي والدول العربية وتركيا بسبب انخراط النظام العربي وتركيا في مخطط أمريكي صهيوني قصد منه دعم امن إسرائيل لكن دخول روسيا وإيران وربما تلحقهم الصين في الحرب في سوريا مما أدى إلى قلب الموازين واخل بالقوى الاقليميه والدولية والتي قد تعجل إسقاط تركيا للطائرة الروسية من سرعة الحسم العسكري في المنطقة

اسقاط الطائرة الروسيه تعكس عمق الخلافات في حلف الناتو ،الاتراك يتشاورون مع الناتو ، بريطانيا تقول أن الحادثة خطيرة جداً ، التداعيات ستأخذ ابعاداً دولية بعد التقارب الروسي الفرنسي والذي أسس بداية تشكيل حلف دولي ضد داعش والقاعدة ، التطور الأخير يجعل دول الناتو في حالة انقسام ، ستكون هذه الحادثة تجربة لوفاء الغرب لدولة إسلامية عضو فيه عسكرياً بعد أن خذلها سياسياً واقتصادياً من خلال رفضه دخولها الاتحاد الاوروبي من منطلق العنصرية الدينية ، اذا لم يقف الناتو خلف تركيا فيعني أن تركيا ستتعرض لضربات عنيفة في الايام القادمة من خلال دعم روسي ايراني لامحدود لحزب العمال الكردستاني كإحدى الخطوات التي ستعاقب فيها روسيا تركيا.

بقلم/ علي ابوحبله