وقع ما وقع بين روسيا وتركيا بفعل تخطيط مسبق لإسقاط الطائرة الروسية بهدف جر حلف الأطلسي للتدخل في سوريا ضمن مخطط يهدف لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع على سوريا بعد تغيير في موازين القوى على الأرض لم يكن في صالح حلفاء أمريكا ومشغليهم من المجموعات المسلحة ، وان هدف تركيا الاستراتيجي كان حلم تحقيق المنطقة العازلة بإيجاد منطقة حظر للطيران في شمال سوريا ، وان هدف إسقاط الطائرة الروسية هو إرغام روسيا وثنيها عن المضي قدما في تدخلها العسكري في سوريا وفرملة هذا التدخل ضمن ضغوط ظنت قيادة رجب طيب اردغان إمكانية ممارستها على القيادة الروسية ، لكن الرياح لم تجري وفق ما تشتهي السفن ووقعت تركيا في خطأ فادح في التقديرات وحساب النتائج بحيث لم ينفع الندم حيث وقعت الفأس بالرأس وتخلى الحلفاء عن تركيا ولم تجري الأحداث وفق المخطط لها ،
بدأت تركيا تدرك أنها أقدمت على مقامرة غير محسوبة العواقب بإسقاطها للطائرة الروسية بعد أن وجدت نفسها في مواجهة روسيا وان دول حلف الأطلسي لم يظهروا إلا الحد الأدنى من التضامن اللفظي مع تركيا وان الولايات المتحدة الامريكيه أبلغت انقره بان أللعبه تغيرت ولا بد لتركيا من إغلاق حدودها مع سوريا ومنع دخول المسلحين إلى سوريا والخروج من سوريا إلى تركيا .
الرسالة التي أرسلها حلف الناتو إلى الرئيس اردوغان وعبرت عنها افتتاحية مجلة الايكونومست الناطقة غير الرسمية بأصحاب القرار في حلف الأطلسي ،مضمونها أن إسقاط الطائرة الروسية كان يمكن تجاوزه مهما بلغت حدة الاستفزاز الروسي، وكان الأجدى بالرئيس التركي أن يتحلى بضبط النفس، لان مثل هذه الخطوات الانفعالية” تعرقل الحملة التي تهدف إلى محاربة “الدولة الإسلامية .
التناقض في التصريحات من قبل رجب طيب اردغان تدلل على مأزق تركيا وقناعتها بخسارتها مع روسيا عندما يصرح اردغان انه فخور بالدفاع عن ما اسماه كرامة بلده بوجه أي انتهاك لسيادة الاجواء التركيه ثم يعاود القول انه ما كان ليعلم ان الطائرة روسيه ولو علم ما تم اسقاطها ، وحين يرفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ان يرد على الرئيس التركي رجب اردغان يصرح ان على روسيا عدم اللعب بالنار ثم يقول انه حزين ويتمنى لو ان الحادث لم يقع ،
هذه التصريحات تدلل على عمق ألازمه التي تعيشها تركيا والتخوف من نتائج رد الفعل الروسي الذي لن يتسامح بالمطلق عن إسقاط الطائرة الروسية التي يعتبرها الروس مسا في كرامتهم وجرح في كبريائهم وان ردات فعلهم كانت تكثيف الغارات الروسية على الحدود مع تركيا لتشمل كافة المجموعات المسلحة التي تدعمها تركيا وان روسيا ستقود بإسناد الجيش العربي السوري لاستكمال تحرير الأراضي السورية بكاملها من قبضة المجموعات الارهابيه دون أن يكون بمقدور تركيا تقديم الدعم لهذه المجموعات .
سلسلة الإجراءات التي اتخذتها القيادة الروسية بحق تركيا ردا على إسقاط الطائرة الروسية ستنعكس على الاقتصاد التركي فقد وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت مرسوما يتبنى سلسلة إجراءات اقتصادية عقابية ردا على إسقاط الطيران التركي الثلاثاء لمقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
وأورد نص المرسوم الذي نشره الكرملين أن هذه الإجراءات التي أعدتها الحكومة الروسية و”الهادفة إلى ضمان الأمن القومي وامن المواطنين الروس″ تشمل حظر الرحلات التشارتر بين روسيا وتركيا ومنع أرباب العمل الروس من توظيف أتراك وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين.
وأضاف المرسوم انه اعتبارا من أول كانون الثاني/يناير 2016، “لن يكون في استطاعة (أرباب العمل الروس) توظيف أفراد (…) من بين مواطني الجمهورية التركية”. وهو يمنع أيضا “المنظمات الخاضعة للقوانين التركية” من العمل على الأراضي الروسية.
كذلك، يلحظ النص “منع (…) استيراد بعض أنواع البضائع التي مصدرها الجمهورية التركية أو الحد منه” ولكن من دون تحديد تاريخ لذلك، وذلك استنادا إلى لائحة تحددها الحكومة الروسية ولم ينشر مضمونها.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن الدائرة الإعلامية في الكرملين أن بوتين كلف حكومته “وضع لائحة بالسلع والخدمات التي لا تشملها (…) التدابير الاقتصادية”.
وطلب بوتين أيضا “من الحكومة الروسية (…) اتخاذ تدابير من اجل حظر النقل الجوي التشارتر بين روسيا وتركيا”، مع “وجوب” امتناع وكالات السفر الروسية عن “اقتراح مواد على المواطنين الروس تشمل زيارة أراضي تركيا”.
إلى ذلك، على شركات الطيران التركية أن تخضع لمزيد من المراقبة على الأراضي الروسية “لدواع أمنية”.
ويضفي المرسوم أيضا طابعا رسميا على إعادة العمل بنظام التأشيرة بالنسبة إلى الأتراك، الأمر الذي أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة.
وتشهد العلاقات بين أنقرة وموسكو أزمة خطيرة منذ أن اسقط الطيران التركي الثلاثاء مقاتلة سوخوي-24 روسية قرب الحدود مع سوريا.
القناة الثانية العبريّة في التلفزيون الإسرائيليّ، وصفت الموقف التركيّ بالمتراجع أمام الإصرار الروسيّ، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدأ يزحف بعد الإجراءات الروسية العقابية، وخاصّةً أنّ العقوبات الاقتصاديّة وبشكلٍ خاصٍ في القطاع السياحيّ، تؤذي كثيرًا الاقتصاد التركي، على حدّ تعبيرها.علاوة على ذلك، لفتت القناة الثانية الإسرائيليّة إلى أنّ الردّ الروسي شمل أيضًا إجراءات ميدانية مرتبطة بحماية وجودهم العسكري في سوريّة، إلا أنّ هذه الإجراءات جاءت واسعةً جدًا، وهي غلاف حماية تجاوزت سوريّة وباتت أيضًا تُغطّي شمال إسرائيل وأربع قواعد جوية تركية. وفيما يتعلّق بسير العملية العسكرية التي تقودها روسيا في الشمال السوري، أشارت القناة إلى أنّ الروس يستهدفون بشكل ممنهج كل خطوط الدعم القادمة من تركيا باتجاه المعارضة المُسلحّة، والهدف واضح جدًا: إنهاء الدعم التركي للفصائل المسلحة. بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا للتلفزيون الإسرائيليّ، تقوم روسيا باستغلال حادثة إسقاط الطائرة لتحقيق أمرين اثنين: تقليص النفوذ والتأثير التركيين على مجريات العمليات القتالية في الشمال السوري، وأيضًا على طاولة المفاوضات السياسية، وإضعاف قوة المتمردين من الفصائل المرتبطة بالأتراك، على حدّ تعبيرها.علاوة على ذلك، حذّر التلفزيون الإسرائيليّ من أنّ الفعل الروسيّ في الشمال السوريّ قد يمتد لاحقًا، وفي الوتيرة والقوة نفسها باتجاه الجنوب السوريّ، الأمر الذي سيتسبب بتداعيات على المصالح الإسرائيليّة، إذ من شأن إضعاف من أسماهم بـ”المتمردين” هناك أنْ يعزز الحضور الإيرانيّ وحزب الله. أمّا أكثر ما يؤرق صنّاع القرار في تل أبيب فهو قيام روسيا بنصب صواريخ متطورّة ومتقدّمة من طراز إس400 على الأراضي السوريّة، فعلاوة على أنّ هذه المنظومة تحدّ بشكل كبيرٍ للغاية من حريّة طيران سلاح الجو الإسرائيليّ، نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن مصادر أمنيّة، وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، نقلت عنها قولها إنّ الخوف الإسرائيليّ الحقيقيّ يتمثّل في أنْ تُقرر روسيا إبقاء هذه المنظومة منصوبةً على الأراضي السوريّة، حتى بعد انتهاء العمليات العسكريّة للجيش السوريّ في هذا البلد العربيّ.وقال مُحلل الشؤون العسكريّة في الصحيفة أليكس فيشمان، عملنا جاهدين من أجل منع روسيا من تزويد إيران وسوريّة بمنظومة الدفاع إس300 فحصلنا على منظومة إس400 الأكثر تطورًا وتقدّمًا بالقرب من حدودنا، أيْ في سوريّة، على حدّ تعبيره.إلى ذلك، قال المحلل الإسرائيليّ، تسفي بارئيل، من صحيفة (هآرتس) العبريّة، نقلاً عن مصدرٍ تركيٍّ، وصفه بأنّه رفيع المستوى، قوله إنّ إسقاط طائرة بهذا الشكل يُستعمل ضدّ دولة عدو، ولكن ليس ضدّ دولةٍ تُقسيم تركيّا معها علاقات، حتى لو كانت العلاقات بينهما متوترّة. وأضاف المصدر، الذي ينتمي إلى حزب (العدالة والتنميّة) الحاكم، أضاف قائلاً: يتخيّل ليّ أنّ أردوغان انتظر الفرصة، حتى يُثبت للأتراك بأنّه الزعيم وأعرب المصدر عن اعتقاده بأنّ تركيّا ستدفع ثمنًا غاليًا بسبب إسقاط الطائرة الروسيّة، على حدّ قوله للصحيفة العبريّة.
ولفت برئيل إلى إنّ الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان يُحاول تنصيب تركيا زعيمة للعالم الإسلامي، على حساب إسرائيل والدول الغربية، على حد قوله. وأضاف إنّ أردوغان قلق جدًا على الإسلام والمسلمين، ولكن هناك هوة عميقة بين الدفاع عن الإسلام وبين عرض تركيا زعيمة للعالم الإسلاميّ، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أنّ الدفاع عن المسلمين بالنسبة لأردوغان ليس معزولاً عن الهجوم على إسرائيل. مُذكّرًا بأنّه وصف العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة في صيف العام الماضي بأنّه إرهاب دولة، وتابع بأنّ أردوغان يتطلّع إلى قيادة الدول الإسلامية. ولكنه سيجد منافسين مثل السعودية وإيران، فتركيا ما زالت تعدّ في ميثاقها دولة علمانية، ولا يستطيع زعيم دولة علمانية أن يكون زعيمًا للعالم الإسلاميّ.
ورأى برئيل أنّ الرئيس التركي لا يستطيع التفاخر بتمثيل العالم العربي، حيث إنّ بلاده ليست دولة عربيّة وعلاقتها مع معظم الدول العربية غير سوية، على حد قوله. وخلُص برئيل إلى القول إنّ المغامرة التي أدخل فيها أردوغان نفسه بقراره إسقاط الطائرة الروسيّة من شأنها أنْ يكون لها نتائج سلبيّة جدًا عليه، لأنّ هذا ما سيحدث دائمًا إذا تجرّأ أيّ زعيم في العالم في الدخول بمعارك مع الرئيس الروسيّ بوتن، على حدّ قوله.
إن ما أقدمت عليه تركيا كان مغامرة غير محسوبة العواقب ونتائجها وان كانت مجال استحسان أصدقاء تركيا والمجموعات المسلحة التي تدعمهم إلا أن هؤلاء لا يملكون ما يقدمونه لدعم تركيا في وجه المخاطر التي تتهددها داخليا واقتصاديا ، حتى حلفاء تركيا الإقليميين السعودية وقطر قد يجدون أنفسهم أمام مخاطر ما يتهددهم بفعل تصاعد وتيرة الأحداث وسخونة الصراع التي تشهدها المنطقة وهم سيحجمون عن تقديم الدعم الفعلي لتركيا لمواجهة ما قد تواجهه من أزمة اقتصاديه ، الأحداث وفق تسلسلها بعد إسقاط الطائرة الروسية حيث تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فهل ينفع الندم بعد أن وقعت الفأس بالرأس
المحامي علي ابوحبله