إنتفاضة وثورة القدس ،الفرصة التاريخية للتوحد ، وبناءالمشروع الوطني.

بقلم: محمد ابو سمره

بسم الله الرحمن الرحيم
تعتبر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة الحالية ، المباركة ، فرصةً تاريخية لإعادة إصلاح كل ما شاب مجتمعنا الفلسطيني من أضرار، ومؤثرات سلبية خلال الأعوام والسنوات الماضية بفعل الانقسام السياسي ، أو بسبب التراكمات والضغوط الحياتية والاجتماعية والسياسية وأشكال المعاناة المختلفة للجميع ، وهذه فرصتنا المثالية لإعادة بناء منظومة علاقاتنا الاجتماعية / الإنسانية / الوطنية / السياسية / الفكرية والثقافية ، وتمتين جميع أسس وأواصر نسيجنا الاجتماعي ، وأيضاً نسيجنا السياسي والثقافي والفكري ، ولتحصين بناءنا الداخلي ، وتعزيز وحدتنا الوطنية ، وحماية حقوق وثوابت ومكاسب شعبنا وثورتنا الفلسطينية الحديثة والمعاصرة ، وتوفير كافة المقومات والإمكانات المطلوبة من أجل تعزيز صمود وصبر ورباط وعطاء وتضحيات شعبنا الفلسطيني العظيم ، وكذلك من أجل استمرار الانتفاضة المباركة ، ومن ثم تحقيق الأهداف والغايات المرجوة من وراء تفجرها واستمرارها وتطورها ، ولتكن انتفاضتنا المباركة ، فرصتنا الحقيقية والتاريخية للتلاحم والوحدة ورص الصفوف من أجل الدفاع عن حرمة وقداسة ومكانة المسجد الأقصى المبارك ، والقدس الشريف وكل أرض فلسطين الطاهرة ، ونحن على ثقةٍ ويقين مطلق بنصر الله الموعود لنا ، وتحرير القدس الشريف والمسجد الاقصى المبارك ، وكل شبرٍ من أرض فلسطين المقدسة ، والنصر الكامل والحرية والاستقلال .....
وقدرَّ الله لنا نحن أبناء فلسطين المجاهدون ، المرابطون ، الصابرون ، المقاومون ، المؤمنون ، الصادقون ، الملتزمون بالمنهاج الحق ، طليعة عباده المُخلَصين ، الذين ذكرهم الله في القرآن الكريم الذين سيتحقق على أياديهم المباركة ـــــ بإذن الله ـــــ ( وعد الآخرة ) بإساءة وجوه بني إسرائيل / اليهود الصهاينة المجرمين ، وتحرير بيت المقدس ، واكناف بيت المقدس ، وفلسطين من الاحتلال الصهيوني البغيض ، والتدنيس ( بعثنا عليكم عباداً لنا اولي بأسٍ شديد ) ـــ الإسراء ـــــ .
وفي ظل التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الفلسطيني البطل ، واستمرار وتواصل ارتقاء الشهداء الأبطال الذين زاد عددهم ــــــ حتى اللحظة ــــــ عن مائة وعشرة شهداء ، وارتفاع أعداد الجرحى والأسرى البواسل إلى عدة آلاف منذ انطلاقة الانتفاضة المباركة الثالثة في الأول من أكتوبر / تشرين أول 2015 ، فإننا نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ، بالرجاء والدعاء أن يتقبل شهداء فلسطين جميعاً، وشهداء الانتفاضة المباركة في رحمته ورضوانه ، وأن يسكنهم جميعاً فسيح جناته ، مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحَسُنَ أولئك رفيقا ، وندعو الله تعالى أن يُلهِم عوائل الشهداء الصبر والسلوان والسكينة ، ولاننسى من دعائنا جرحانا البواسل ، ونرجو من الله تعالى لهم الشفاء العاجل ، ونسأله تعالى أن يُعوٍّض بكرمه ورحمته وفضله الأُسر والعوائل الذين هدمت ودمرت قوات الاحتلال الصهيوني المجرم بيوتهم ، أو محالهم ومشاغلهم ومصانعهم ومزارعهم ، ومصادر رزقهم ، ولذلك يتوجب علينا على المستوى الاجتماعي أن نتكاتف جميعاً مع بعضنا البعض ، وأن نقف جميعاً إلى جانب جميع أهالينا الذين أُستُشهِدَ أبناءهم ، وهدَّم الاحتلال بيوتهم ، وإلى جانب الجرحى والأسرى وعائلاتهم.
ومن الواجب علينا جميعاً أن نواسي هذه العائلات المكلومة ، والصابرة والمُبتلاة ، وأن نقف معها وإلى جانبها ، ونسعى جاهدين لمساعدتهم في توفير الحياة الكريمة العزيزة لهم ، وتخفيف أحزانهم وآلامهم ، وآلامهم وآلام جميع المكلومين والثكلى والأيتام ، والمتضررين والمنكوبين في بيوتهم وأبناءهم وبناتهم ، وإخوانهم وأخواتهم ، وأرباب عائلاتهم ، وأمهاتهم ، وعلينا ألا نجعلهم يشعرون بالانكسار ، وألا نشعر نحن بالقلق أو التراجع والتردد ، وأن نحرص لكي لا تكون أيامنا كلها مفعمةً بالأحزان والآلام والأوجاع ، خصوصاً أن طعم الشهادة والجراح والدماء تصبغ لون شوارعنا وترابنا وأرضنا الطيبة المباركة ، بينما تحول الزنازين المظلمة في سجون العدو ، عن لم شمل الأهل والأحبة ، وتُنَغِص على الآباء والأمهات والأخوة والأخوات والأبناء والزوجات والأزواج ، غياب الأحبة في غياهب السجون الصهيونية الملعونة ، ورغم أن جراحنا ومعاناتنا وتضحياتنا كفلسطينيين لا حصر ولاحدود لها ، وأوجاعنا وآلامنا وأحزاننا لو توزعت على الكرة الأرضية بكاملها لكفتها ، ومما يضاعف من حجم الحزن والغضب والغليان الفلسطيني ، سعي العدو الصهيوني الحثيث لتمرير مخططه الشيطاني / التلمودي بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك ، مثلما تم من قبل تنفيذ مخطط العدو الإجرامي بالتقسيم الزماني والمكاني للحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل المحتلة / جنوب الضفة الغربية ، ولازال المشهد الوحشي لاغتيال شهيدة النقاب الفتاة الفلسطينية الطاهرة المؤمنة هديل الهشلمون على مداخل الحرم الإبراهيمي الشريف عشية عيد الأضحى المبارك الماضي ، ماثلاً أمام عيوننا وذاكرتنا ، حيث صمم حينها العدو الصهيوني النازي المجرم إلا أن يصبغ لون أيام عيدنا بالدم الأحمر القاني بإعدامه للفتاة الفلسطينية المُنَّقَبَّة الطاهرة البريئة أمام كاميرات التلفزة والإعلام ، مثلما فعل من قبل مع شهيد الفجر الشاب الفلسطيني الطاهر المؤمن ، ضياء تلاحمة ، وكلاهما من مدينة ومحافظة الخليل ، واكتملت جرائم العدو بمنع الفلسطينيين في يوم ( وقفة عرفة ) من دخول الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ، وكانت هذه الرسالة الواضحة من العدو المجرم كتبها بدماء أطهر أبنائنا وبناتنا : ( سنعمل على تقسيم المسجد الأقصى المبارك مكانياً وزمانياً ، ومن يعترض أو يحتج ، ليس له إلا القتل والإعدام الميداني ، على الهواء مباشرةً وأمام كاميرات التلفزة والفضائيات ووسائل الإعلام ) .
وكان رد الشارع الفلسطيني اسرع مما توقع أو تخيل العدو الصهيوني المجرم : ( لن نسمح لك بتقسيم مسجدنا الأقصى المبارك زمانياً ، أو مكانياً ، ولن نسمح لك بتمرير مخطط هدم المسجد الأقصى المبارك ، وتهويد القدس والحرم القدسي الشريف ، وسوف ندافع بدمائنا ، وكل ما نملك من اجل حماية المسجد الأقصى المبارك ، ومن أجل تحرير فلسطين / كل فلسطين ، وها نحن نشعل إنتفاضتنا وثورتنا المباركة / إنتفاضة وثورة القدس والإستقلال ) .
ونحن على يقين أنه مع استمرار وجود الاحتلال الصهيوني المجرم ، واستمرار احتلاله واغتصابه لأرضنا الطاهرة ومقدساتنا المباركة ، ستبقى كل أيامنا وأعيادنا ، أياماً وأعياد للحزن والألم واستجرار الأوجاع ، والغضب والثورة والمقاومة ، ومهما ارتفعت وتزايدت أعداد الشهداء والجرحى والأسرى ، فإننا على ثقةٍ باستمرار الانتفاضة/ الثورة ، واستمرار المقاومة ، وأن جماهير شعبنا ستواصل فعاليات مقاومتها وغضبها المقدس حتى دحر العدوان والاحتلال عن كامل تراب فلسطين التاريخية ، وتطهير المسجد الأقصى المبارك وكافة مقدساتنا الإسلامية والمسيحية من رجس ودنس وتوحش الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، ونحن على وعد ــ بإذن الله تعالى ـــ بالنصر والتمكين والحرية والإستقلال ، وزوال الإحتلال إلى غير رجعة ، وإنها لإنتفاضة وثورة حتى النصر والحرية والإستقلال .

د.محمدابوسمره ــــــ فلسطين / غزة
مؤرخ ومفكر إسلامي / فلسطيني 
رئيس الحركة الإسلامية الوطنية في فلسطين( الوسط) ، ومركز القدس للدراسات والإعلام والنشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البريد الإليكتروني [email protected]