لا زالت حكومة الكيان الصهيوني تعبر عن عجزها في التعاطي مع الشعب الفلسطيني ومطالبه المحقة، والمشروعة والمؤيدة من جميع دول العالم بإستثناء الولايات المتحدة ورئيسها، الذي لا زال ينظر للمقاومة الشعبية الفلسطينية بأشكالها المختلفة، شكلاً من أشكال الإرهاب الذي يتعرض إليه الكيان الصهيوني، ويمنحه الحق في الدفاع عن النفس ..!!
إن التفكير الصهيوني داخل ((صندوق)) الأمن والإستيطان، والتوسع، والإنكار للحقائق التاريخية، والجغرافية، والسكانية، والقانونية والمشروعية الدولية، التي يجب أن تحكم نهاية الصراع في فلسطين وعلى فلسطين، تضع القيادة الصهيونية عاجزة عن الفهم والإستيعاب وعاجزة عن إجتراح الحلول والسياسات التي من شأنها أن تجد القبول لدى الشعب الفلسطيني أولاً ولدى العالم وقواه الحية ثانياً، والتي تؤيد الحقوق القومية والوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه، مما يؤدي إلى إستمرار حالة التوتر والعنف، وسيل الدماء من الطرفين، دون إدراك أن جميع الحقائق تحتم ((التفكير خارج الصندوق)) والنظر إلى الواقع والحقائق التي تؤكد فشل سياسات الكيان الصهيوني في إخضاع الفلسطينيين لرؤيته الفاشية والعنصرية، المرفوضة من جميع دول وشعوب العالم، وإن تباين التعبير عن ذلك من دولة لأخرى من دول العالم، إلا أن هناك إجماع على تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، آجلاً أم عاجلاً، ووضع حدٍ لهذا العنت الصهيوني، والإنغلاق النفسي والأمني، الذي لا ينتج إلا حلولاً عسكرية وأمنية، تزيد الصراع تأججاً وإشتعالاً أمام فقدان الأمل لدى الفلسطينيين بالتوصل إلى حلٍ أو تسوية للصراع الدامي منذ سبعة عقود متواصلة ...
لقد منح الفلسطينيون الكيان الصهيوني أكثر من عقدين من الزمن، لدفعه للتفكير خارج الصندوق، والإنفتاح على حلول وسط تلبي الحد الأدنى من متطلبات التسوية بين الطرفين، ولكن دون جدوى، فقد إزداد العقل المتحكم فيه إنغلاقاً داخل الصندوق، لدرجة بات لا يتحدث سوى مع نفسه، وأوهامه وإعتقاداته الزائفة والمزيفة، لدرجة نفذ معه صبر الشعب الفلسطيني وقيادته، وانطلقت موجة فلسطينية جديدة سواء سميت هبة، أو غضبة، أو إنتفاضة، هي بالتالي نتيجة منطقية لهذا الإنغلاق الصهيوني، والنأي عن سبل التسوية والسلام، وإختيار التوسع والإستيطان، والإنكار للحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية، ولذا من يتوقع أن الإجراءات الأمنية من إعتقالات أو إعدامات وحواجز وحصار، أو التسهيلات الإقتصادية والحلول الإسترضائية التي أقدمت وستقدم عليها حكومة الإحتلال، كفيلة بوقف هبة أو غضبة أو إنتفاضة الشباب والشعب الفلسطيني فإنه واهمٌ ويعد ضرباً من ضروب الخيال الصهيوني المريض، سوف تتواصل هذه الهبة والإنتفاضة وهذا الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني بأشكاله المتعددة وألوانه المتنوعة، ولن يعدم الوسيلة عن الإبداع في تطوير أشكال نضاله رغم ظروفه الصعبة، سواء على أرض الواقع في رفض الإحتلال وإفرازاته من إستيطان وغيره، أو في الساحة السياسية والدبلوماسية في المسرح الدولي، الذي بات يضيق ذرعاً بسياسات الإحتلال، وبمواقف حكومة الكيان الصهيوني من مفهوم الأمن والسلام، الذي هو أسير لعقلية ((الصندوق))، فمتى تخرج هذه العقلية من ((الصندوق)) وتنظر للحقائق الموضوعية على الأرض وعلى مستوى السياسة الدولية...؟!
عندها فقط سوف تصبح الطريق سالكة حينها للتوصل إلى تسوية أو سلام يحقق الحد الأدنى من متطلبات وحقوق الشعب الفلسطيني، ويحقق الأمن والسلام للمنطقة وللعالم.
بقلم/ د. عبد الرحيم محمود جاموس