التقارب التركي الإسرائيلي على حساب تصفية القضية الفلسطينية

بقلم: علي ابوحبله

كلما ابتعدت القضية الفلسطينية عن صراع المحاور الاقليميه كلما اقتربنا أكثر من موضوع المصالحة وإنهاء الانقسام ، إن صراع المحاور الاقليميه ينعكس سلبا على القضية الفلسطينية وان حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعد المستفيد الأول من حمى الصراع الإقليمي الذي تشهده المنطقة وان أمريكا وإسرائيل وقوى دوليه أخرى تدفع بالصراع الإقليمي لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الشعوب في المنطقة ، وان تغذية الصراعات المذهبية تزيد في حدة الصراع والمحاور والتي تبعد حكومات الدول العربية عن أولوية صراعها مع إسرائيل وان الصراع على سوريا ومحاربة الإرهاب هو الذي حرف في أولوية الصراع مع إسرائيل وجعل إسرائيل المستفيد الأوحد في المنطقة وهي تدفع بالصراع في المنطقة لحافة الهاوية وفق ما يحقق أهدافها ويرسخ وجودها ومكانتها وذلك من خلال التقارب الذي نشهده اليوم من قبل دول عربيه وإقليميه مع إسرائيل .
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعها اليوم الواقع بتاريخ 5/12/2015 أكدت على ضرورة التئام اللجنة التحضيرية لعقد دورة عاديه للمجلس الوطني الفلسطيني واستمرار عملها بشكل متواصل لضمان عقد المجلس الوطني حال استكمال الاستعدادات .
وعلى صعيد إزالة أسباب الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية شددت اللجنة التنفيذية على وجوب تحقيق ذلك بشكل فوري، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية والعودة إلى إرادة الشعب عبر انتخابات عامة وعلى أساس تحقيق مبدأ الشراكة السياسية الكاملة بين كافة فصائل وحركات العمل السياسي الفلسطيني.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه عن التقارب التركي الإسرائيلي وانعكاسه على المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام ، إذ أن مؤشرات الوضع تشير أن حركة حماس غير منزعجة من التقارب التركي الإسرائيلي الجديد وتعده فرصه لرفع الحصار عن غزه بعد فشل الوسيط المنحاز لإسرائيل توني بلير بتحقيق هدنه بين إسرائيل وحركة حماس ،
حركة حماس تفسر التقارب التركي الإسرائيلي المفاجئ برفع التمثيل الدبلوماسي المتدني منذ عام 2010 إلى مستوى القائم بالأعمال على انه يعد خطوة مهمة في سبيل إنهاء الحصار في قطاع غزه بحسب ما سبق وان وعد بتحقيقه الرئيس التركي رجب طيب اردغان ،خاصة في ظل توقف المندوب السابق للرباعية الدولية توني بلير عن أي وساطة لـ”الهدنة طويلة الأمد” بين حماس وإسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة قبل أكثر شهرين.
هناك تطمينات بحسب تسريبات إعلاميه لحركة حماس من الرئيس التركي رجب طيب اردغان ، أكد فيها أن إنهاء الخلاف مع إسرائيل وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها، يجب أن يتضمن رفع الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل. وقد أكد قيادي من حركة حماس بحسب ما ذكرته الرأي اليوم ” إن ذلك الأمر جرى تأكيده في الزيارة الأخيرة لرئيس مكتب حماس السياسي خالد مشعل لأنقرة، ولقائه بالرئيس أردوغان.وقد اشترط أردغان الذي قلص مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، حين كان رئيسا للوزراء، إلى أدنى مستوى بعد الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية وقتل عشر متضامنين أتراك، بضرورة اعتذار إسرائيلي رسمي عن الحادثة، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وقد قبلت إسرائيل الشرط الأول واعتذر نتنياهو في اتصال هاتفي من أردغان، لكنها ظلت تماطل في حجم التعويض لعائلات الضحايا، ورفع حصار غزة.
وقد كشفت إسرائيل عن طريق نائب المدير العام لوزارة الخارجية آفيف شيرؤن بأنها اتفقت مع تركيا على رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى القائم بالأعمال بعد أن تم تخفيضه إلى مستوى سكرتير ثان في أعقاب أحداث سفينة مرمره قبل خمسة أعوام ونصف العام.هذا المسئول الإسرائيلي الرفيع قال أن هناك رغبة قوية لدى شرائح مختلفة من الشعب التركي في إعادة العلاقات مع إسرائيل إلى سابق عهدها وخاصة في القطاعين السياحي الاقتصادي.وقد سبق ذلك أن قالت إسرائيل أن نتنياهو لمس خلال قمة المناخ في فرنسا، التي شارك فيها أردوغان رغبة تركية في تحسين العلاقات.
وفور الكشف عن الأمر، لم تكن حركة حماس منزعجة من التقارب، إذ لم تعلق على الأمر نهائيا في تصريح رسمي، خاصة وأنها سبقت الخطوة بتصريح عن مصدر رسمي رفض فيه كل أشكال التطبيع العربي والإسلامي مع إسرائيل بحسب صحيفة .“رأي اليوم” علمت من القيادي في حماس أن اتصالا بهذا الشأن سيجريه مشعل قريبا مع أردوغان، للتأكيد على ضرورة وضع غزة على جدول أعمال تحسن العلاقات مع تل أبيب.
وهناك من يرى أن الخطوة سيكون لها مردود إيجابي، خاصة مع اقتناع حماس بأن تركيا تملك من أدوات الضغط لفك حصار غزة، أكثر بكثير من مقترحات توني بلير منسق الرباعية السابق،
تركيا التي تعاني ازمه خطيرة في علاقاتها مع روسيا بعد إسقاط الطائرة الروسية وتعرضها لضغوط روسية وحصار اقتصادي تبحث عن مخارج تخرجها من أزمتها وهي ترى في تحسين علاقاتها مع إسرائيل ورفع قيمة التبادل التجاري والعسكري ما يعوضها عن جزء من خسارتها مع روسيا وهي أيضا تسعى لعمليات مقايضه تضمن لها خروجها منتصرة في صراعها مع روسيا وذلك بدخول قواتها إلى العراق في منطقة نينوى وادعائها بأنها تقوم بتدريب قوات البشمركه العراقية لمحاربة داعش وتركيا تعلم مدى العلاقة التي تربط إقليم كردستان بإسرائيل وان تركيا مرتبطة بتعاقدات مع إقليم كردستان بتصدير نفط شمال العراق إلى تركيا وإسرائيل دون علم وموافقة الحكومة المركزية في العراق ،وقد ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية القريبة من الحكومة التركية أن نحو 150 جنديا تركيا وصلوا الجمعة إلى محيط الموصل التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في إطار مهمة لتدريب القوات الكردية العراقية.
ونقلت الوكالة عن مصادر قريبة من قوات الأمن أن هؤلاء الجنود الأتراك، تؤازرهم ما بين 20 إلى 25 دبابة، انتشروا في منطقة بعشيقة شمال الموصل. وأوضحت الأناضول أن العملية التي جرت الجمعة هي استبدال للوحدة التركية المنتشرة في الإقليم بوحدة أخرى.وقال البيان الرسمي العراقي “تأكد لدينا بان قوات تركية تعدادها بحدود فوج واحد مدرعة بعدد من الدبابات والمدافع دخلت الأراضي العراقية (…) بادعاء تدريب مجموعات عراقية من دون طلب أو إذن من السلطات الاتحادية العراقية”.
لا شك أن تركيا تحاول أن تلعب دور مركزي في المنطقة وتحاول أن تكون منطقة جذب محوري وهي تسعى لتحسين علاقاتها مع إسرائيل وتفعيل الاتفاقات الامنيه مع إسرائيل ضمن مقايضات قد تعيدنا للمربع الأول فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتحقيق المخطط الإسرائيلي لفصل قطاع غزه عن الضفة الغربية ضمن محاولات إعطاء غزه الميناء وفتح المطار ضمن مخطط لرفع الحصار على غزه وان من شان ذلك العمل على محاصرة مصر ويؤثر سلبا على مسار تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحده وطنيه وان تعرقل إجراءات عقد المجلس الوطني الفلسطيني وانضواء حماس في المجلس الوطني .
هناك خطر يتهدد القضية الفلسطينية بفعل الصراعات المحورية والاقليميه وانه من المصلحة الوطنية عدم إدخال القضية الفلسطينية لأتون التحالفات والصراعات الاقليميه وان على حركة حماس وكافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية إدراك مخاطر ما يتهدد القضية الفلسطينية بفعل مخاطر الصراع الذي تشهده المنطقة ومن مصلحة الفلسطينيين والقضية الفلسطينية الابتعاد عن صراع المحاور وعدم الانجرار وراء مخططات إقليميه هدفها تصفية القضية الفلسطينية لصالح امن إسرائيل وترسيخ وجودها وان توثيق التحالف التركي الإسرائيلي لا يصب في صالح القضية الفلسطينية ولا في صالح تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام

المحامي علي ابوحبله