مفيش مشكلة... في غزة !!

بقلم: وفيق زنداح

كل اشي عنا زي الفل ... مش عارف ليش دايما بنبكي ... وليش دايما بنشكي ... وليش دايما زعلانين... غضبانين ... مش عارفين وين نروح من كتر الأماكن ... ليش زعلانين ... فش داعي للزعل ... أجوائنا نقية ومياهنا عذبه... ونورنا ساطع ... وقلوبنا محبة ... وعقولنا متفتحة وكل شي تمام التمام ... مفيش مشكلة !!

خضروات طازجة على مدار العام ... ولحوم بكثرة ... وبضائع تملأ الأسواق حتى لو مفيش حد يشتري ... مفيش مشكلة ... أسر بأكملها تعيش الجوع والبرد القارس وتغرق بالماء والظلام ... عشرات الالاف من شبابنا لا زالوا عاطلين ... ولا يمتلكون قوت يومهم ... نائمين ... متأزمين ... يبحثون عن أحلامهم في نومهم ... مفيش مشكلة ... الأمراض المزمنة بكافة أنواعها ... وما أكثرها في غزة ولا تجد من يعالجها ... ومن يشفي أصحابها ... ومن يسهل عليهم طريقهم للعلاج هنا أو هناك مفيش مشكلة ... مناكفات ... تجاذبات ... حملات اعلامية ... وتطاول يخرج عن اصول الادب والاخلاق ضد بعضنا البعض .... ليعكر الاجواء ... ويزيد من الاحباط ... مفيش مشكلة ... كل شئ أضحى سوادا ... كل شئ أضحى مأساويا ... كل شئ أصبح فاسدا ومنافقا ... مفيش مشكلة... نخدع بمن يحاولون تسويق انفسهم بانهم

الاصدق ... والأكثر ايمانا وحرصا ... ولا نجدهم في الواقع ... ولا بالمواقف... ما يؤكد .. ما يقال .. ويشاع .. مفيش مشكلة ... يقال أنهم الأمينيين والمؤتمنين ... الصادقين المؤمنين ... الحريصين والمتألمين بألمنا وعذاباتنا .. لكنه الكلام .. والطحن بالهواء... كما طحن الماء .. مفيش مشكلة .

معبر رفح... والذي كان الوحيد فرجا ومتنفسا... وطريقا لتنفس الصعداء... وراحة البال والتخفيف عن كل ما نعاني... اغلق بفعل أفعالنا ... واساءة ادارتنا... وظلمنا لأنفسنا ... وحيرتنا في ادارتنا ... واختلافنا وتناقضنا وتنافرنا ... الى الحد الذي أصبحنا فيه غير قادرين عن التعبير عن أنفسنا ... وادارة أمور حياتنا ... وكأننا قد وصلنا لمرحلة أن يدير معبرنا من هم خارج الوطن ... وكأن في الوطن عجزة وفاقدين لأهلية الادارة ... انه الانقسام الأسود... الذي أضر بنا... وأساء سمعتنا ... ونخر بلحمنا وعظمنا ... وزاد من همومنا وجعل منا شعب يعذب ... ويتألم ويحاصر نفسه... بفعل أناس غير مسؤولين... لا يتطلعون لمعاناة شعبهم... ولكنهم يطمعون لبقائهم ... وزيادة حصيلتهم ... مع أننا نحبهم... وهم منا وعلينا من أبناء جلدتنا اخوتنا وأبناء عمومتنا ومن عائلاتنا ... فكيف يمكن أن نقسو على بعضنا؟!! وأن نظلم أنفسنا وأن نعذب أمهاتنا وبناتنا وأطفالنا ... كيف يمكن لنا أن نظلم أنفسنا؟!! ... ونحن نظلم ليل نهار وعلى مدار اللحظة ... لأسباب واهية وأطماع شخصية ... مفيش مشكلة الخطوط مقطعة... والتواصل لم يعد قائما... والرحمة وقد غابت... والكذب والافتراء والتضليل وقد ملأ السماء... وأصبحنا لا نسمع الا طنينا وكلاما لا يسمع... ولا يرضي طفلا ولا كبيرا ... حياتنا وقد أصبحت لعبة يتلاعب بها من يمتلكون أدوات اللعب ... ولا زلنا نراقب وننتظر رحمة تأتينا من خالقنا ... بعد أن فقدنا الأمل بمن حولنا ... صورتنا أصبحت تقهرنا... وتعذبنا... وتسود علينا أيامنا ... أطفالنا وشبابنا ... أمهاتنا وابائنا غاضبون منا... وأصبحوا غير واثقون بكلامنا وبعباراتنا ... وصلنا الى مرحلة الغضب من أنفسنا... من اخطائنا وكراهيتنا لبعضنا ... وسوداوية قلوبنا ... وحتى جهلنا بمصالحنا ... وعدم قدرتنا على ترتيب أولوياتنا ... أخلاقنا ضاعت وعلاقاتنا أفسدت ... وحساباتنا وقد أصابها الخطأ والخطيئة ... ولم يعد هناك ما يسعد قلوبنا... وما يشرح صدورنا... وما يعزز الثقة بداخلنا ... مفيش مشكلة .

نقهر أنفسنا ... نعذبها ... نطمسها ... نقتلها ... نحاصرها ... مفيش مشكلة .

يا غزة ... يا رمز العزة والكرامة ... أيها الوطن الصغير... الذي ولدنا وعشنا على ترابه ... وسندفن في ثراه ... أصبحنا نشك أنك غزة ... أصبحنا غير واثقين أننا ولدنا على هذه الأرض ... أصبحنا حائرين ... غاضبين ... متألمين ... متخاصمين ... متناكفين ... عابثين غير ضاحكين ... وكأننا لسنا بغزة ... مفيش مشكلة ... طالما أن العذاب والألم ... الحرمان والمرض... والجهل والفقر ... عشان الكرسي ... والمال والنفوذ ... تسقط غزة ويسقط أهلها ... وكأنها ليست غزة رمز العزة والكرامة ... رمز الشهداء والقرار الوطني ... والتي ستبقى غزة ... رغم أنف من يريدون اسقاطها ... والمس بكرامتها ... لأنها غزة فلسطين ... هذا الجزء الجنوبي من الوطن الغالي .... مفيش مشكلة خالص... عنوان برنامج الفنان المصري محمد صبحي.

بقلم/ وفيق زنداح