أمريكا أقمارها الصناعية رصدت أفغانيا من جماعة طالبان ينكح حمارة،وكذلك اكتشفت بان هناك مياهاً على سطح المريخ ولكنها بقدرة قادر لم تستطع رصد شاحنات تسير بالمئات ومئات الكيلو مترات محملة بالنفط السوري والعراقي المسروق نحو تركيا،وهذا مؤشر على التواطؤ والمشاركة الأمريكية في عمليات سرقة وتهريب النفط السوري والعراقي المنتفع منه اكثر من طرف وبالذات تركيا التي وثقت بالدلائل والصور الأقمار الصناعية الروسية مشاركتها بذلك،والدلائل والمعلومات تؤكد ان عائلة أردوغان متورطة بذلك ومنتفعة شخصيا من عمليات التهريب تلك،وكذلك حركة "داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تجبي من ذلك (3) مليون دولار يومياً تذهب من اجل شراء البضائع التركية المدنية وشراء السلاح الأمريكي والغربي.
دخلت روسيا على خط محاربة الإرهاب بشكل مباشر،بعدما شعرت بان هناك خطر جدي يتهدد مصالحها لجهة محاصرة نفوذها ومنافذها على البحر المتوسط والبحر الأسود،وان يصبح نفطها وخطوط غازها تحت رحمة امريكا والغرب الإستعماري وتركيا،ولذلك كان القرار الإستراتيجي الروسي بمشاركة قواتها الجوية مباشرة في دعم الجيش السوري بقصف مواقع الجماعات الإرهابية دون تميز بينها "داعش" أو " نصرة" او غيرها... وهذا غيَر الوقائع على الأرض وحقق الجيش السوري انتصارات ميدانية كبيرة واستعاد مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها الجماعات الارهابية،ولذلك شعرت امريكا وتوابعها من الغرب الاستعماري والخليفة السلجوقي ومشيخات النفط والكاز العربي بأن مشاريعها ومصالحها أصبحت في خطر جدي وحقيقي،ولم تنفع حملة الخداع والتضليل والتشويه التي شنت على روسيا،تارة بالقول انها ستغرق في المستنقع السوري،او ان تدخلها سيعقد الحل السياسي،وبأنه لا يحق لروسيا ضرب جماعات إرهابية معتدلة مثل " النصرة" يمكن ان تكون شريكاً في الحل السياسي للمسألة السورية مستقبلاً،وبأن ما يقوم به الروس يجري بالتنسيق مع امريكا او بقيادتها.
المتغيرات تلك واستمرار روسيا في حربها على الإرهاب قاد صناع القرار الأمريكي والأوروبي الغربي والتركي لتوجيه عدة ضربات للقيصر الروسي،لكي يرسموا له خطوط الدفاع عن مصالحهم بالنار ويفرضوا عليه التراجع وكذلك تأليب الرأي العام الروسي عليه،فكانت عملية اسقاط الطائرة الروسية المدنية بقنبلة "داعشية" فوق سيناء المصرية بعلم ومعرفة امريكية وبريطانية واسرائيلية،وبدلاً من ان يفرض اسقاطها التراجع على القيصر كثف من غاراته على الجماعات الإرهابية ووسع من نطاق هجماته واستقدم قاذفات إستراتيجية وبوارج حربية،واستخدم الصواريخ المجنحة في قصف مواقع "داعش" في الرقة وادلب.
كل هذا أثار حنق دوائر صناع القرار في واشنطن وباريس ولندن وأنقرة والتي باتت تشعر بأن كل جهودها لإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري وحماية جماعاتها الإرهابية وخطوط تهريبها للنفط السوري والعراقي مهددة بالخطر،وشعور امريكا بأن مشروعها القائم على "توظيف وإحتواء" داعش يتعرض لمخاطر جدية،وبأن المنطقة بعد زيارة بوتين لطهران وما صاحب ذلك من اتفاقيات اقتصادية نوعية وتسليح روسيا لايران بصواريخ اس 300 وتعميق التحالف بينهم ليس فقط على اساس مصلحي،بل وأخلاقي وقول القيصر والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية بانهما لا يتخليان عن حليفهم السوري،هذا أشعل ضوءا احمراً أمام التحالف الأمريكي،فكان قرار إسقاط السوخوي الروسية من قبل الطائرات التركية،له ارتدادات وتداعيات واسعة،فبدلاً من ان يتراجع القيصر،وجدنا أنه جن جنونه،ولم يكتفي بالعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والسياحية ضد تركيا،بل الامور تطور وتدحرج نحو إعادة النظر في خط الغاز الروسي المار من تركيا "السيل التركي"،وكشف تواطؤ ومشاركة تركيا وعائلة أردوغان في تهريب النفط السوري والعراقي المنهوب من قبل "داعش"،....الخ،ولم يكتف القيصر بذلك بل استقدم احدث الأسلحة الى سوريا نظام الدفاع الجوي الروسي"أس 400" والقادر على اسقاط أي طائرة تحلق في الأجواء السورية بدون تنسيق مع روسيا،بالاضافة الى البوارج الحربية.
ما يحدث الآن شبيه بأجواء الحرب العالمية الأولى وحادثة مقتل ولي عهد النمسا من قبل أحد طلاب الطلاب الصربيين أثناء زيارته لسرييفو،والتي استغلت من اجل إشعال فتيل الحرب العالمية الأولى وتوظيفها لخدمة أغراض واهداف سياسية ضيقة،ومما تجدر الإشارة اليه أنه مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين استعمرت الدول الأوروبية الغربية جميع أفريقيا وأغلب آسيا تقريباً،وعملت على زيادة التصنيع والسعي للمستعمرات لإمداد المصانع بالمواد الخام،وإمداد الأسواق بالمواد المصنعة،مما ادى الى رفع سقف التوتر والتنافس بين الدول الإستعمارية نحو المستعمرات والسيطرة عليها.
جذور الخلاف الروسي – التركي قديمة وتعود الى ما لا يقل عن 500 عام وسبعة عشر حرباً جرت بين الطرفين خسرتها تركيا جميعها وأفقدتها نفوذها في شبه جزيرة القرم.
القيصر والامبراطور اليوم يجسدهما فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان. الأول يهدد تركيا بأنها “ستندم على فعلتها”، والثاني سيتنجد بالناتو طالبا مزيدا من الدعم العسكري،القوات العسكرية للبلدين تقف في مواجهة بعضهما مباشرة على جانبي الحدود السورية،فضلاً عن الحجم الهائل للترسانة العسكرية الروسية ووضعها على أهبة الاستعداد. الثابت أيضاً أن كلا الدولتين تحافظان على إبقاء مسافة بينهما ولو ضيقة، تسمح بعدم الاقتراب من حافة الهاوية، لا سيما الطرف الأضعف منهما رغم ضجيج الصخب الإعلامي وقعقعة السلاح.
تركيا “سُمح” لها توخي لهجة التهدئة إعلامياً بينما يمضي حلف الناتو في تعزيز وجوده العسكري على الأراضي التركية. أردوغان من جانبه استحدث لهجة “الدفاع عن العالم التركماني”، اسوة بخطاب الدول الاستعمارية في “الدفاع عن الأقليات” العرقية والدينية.
أردوغان واضح انه جن جنونه بعد خسارته لكل استثمارته من أجل اقامة منطقة عازلة في سوريا،وتدمير الروس لأسطول شحنه من ناقلات النفط المنهوب والمسروق،ولذلك وجدنا إرسال قوات تركية الى نينوى في العراق بدون أذن الحكومة العراقية لدعم الجماعات الإرهابية هناك "داعش" وحماية إمداداته من النفط المسروق.
تاريخ امريكا والغرب الإستعماري في التدخل في شؤون الغير،ليس بالجديد، فأمريكا في سبيل حماية مصالحها وتحقيق اهدافها دعمت انظمة مغرقة في الديكتاتورية وقمع حقوق الإنسان،وغيرت انظمة على غير إرادة شعوبها. بيد انه ينبغي النظر إلى الجولة الاخيرة في تعزيز التواجد العسكري الأميركي واتباعه الغربيين من زاوية المناخ الانتخابي المطبق على المشهد الأميركي، وما يواكبه من مزايدات ومواقف سياسية متشددة،هجمات باريس استغلت كذريعة لزيادة التدخل العسكري الأمريكي والأوروبي الغربي في سوريا والعراق بحجة ضرب "داعش"،حيث نشهد زيادة عدد الطلعات الجوية من الدول الأوروبية المختلفة إلى جانب المقاتلات الأميركية والتركية في الأجواء السورية يعزز مشاعر القلق من تدهور سبل السيطرة على العمليات العسكرية وحدوث اشتباكات مباشرة مع سلاحي الجو الروسي والسوري، واسقاط تركيا للقاذفة الروسية، وما رافقها من نشر روسيا لاحدث ما في ترسانتها من دفاعات جوية في الأراضي السورية؛ وما ينطوي عليها من استعداد البشرية لما هو اسوأ، وما يحدث في الجو يحدث في البحر حيث تزاحم القطع والبوارج الحربية الروسية والأمريكية والأوروبية الغربية والتركية وغيرها.
التدخل الروسي المباشر في الحرب على الإرهاب وزيادة حجم التدخل العسكري الروسي بشكل كبير،أفقد تركيا وامريكا ومشيخات النفط والكاز وكل التوابع الأخرى الكثير من الأوراق التي كانت تراهن عليها خدمة لمشاريعها ،امريكا كانت تريد الإستمرار في ادامة الصراع ونزيف الدولتين السورية والعراقية،ضمن مشروعها الفوضى الخلاقة،إدخال المنطقة العربية في حروب التدمير الذاتي،والصراعات المذهبية والطائفية وتقسيم المقسم من الجغرافيا العربية،وتركيا اضاعت فرصتها بانشاء “منطقة آمنة .. او حظر للطيران” في الشمال السوري.
أحدث الأسلحة من الطائرات الحربية والبوارج والطرادات البحرية الروسية والأمريكية والأوروبية الغربية وحتى التركية،وكثافة وضخامة المناورات العسكرية امريكيا واوروبياً وتركيا واسرائيليا وروسيا وايرانياً في البحر والجو،والتسابق على سوريا والعراق والحشود الأمريكية العسكرية والأوروبية الغربية في تركيا ، تنذر بخروج الأزمة عن السيطرة وميل بعض القوى الفاعلة إلى ارتكاب خطأ ميداني يجر القوى الأخرى إلى مواجهات مباشرة غير محمودة العواقب،كما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
بقلم/ راسم عبيدات