يهود إثيوبيا: فقر مذل في بلادهم وتمييز عنصري ينتظرهم في إسرائيل

بقلم: سليمان الشيخ

وافقت السلطات الإسرائيلية على قرار يقضي باستقدام تسعة آلاف "يهودي إثيوبي" إلى إسرائيل بتاريخ 16/11/2015، بعد انتظار هذه الدفعة طويلا في مخيمات على الأراضي الإثيوبية، وبعد أن وعدتهم إسرائيل بنقلهم إليها حين يتوافر الظرف المناسب.
وأغلب هؤلاء كانوا قد أصبحوا من المسيحيين في زمن ما، نظرا إلى أن بعضهم يدعي أن أصوله تعود إلى الديانة اليهودية، وسيتم نقلهم بالتدريج بحسب البيان الرسمي في مدى زمني يصل إلى خمس سنوات، فما الذي ينتظرهم في الكيان الصهيوني إذا ما وصلوا إليه؟ في شهر مايو من هذا العام 2015، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المكون اليهودي الإثيوبي (الفالاشا) في إسرائيل من جهة، والشرطة من جهة أخرى، على خلفية اضطهاد وتعامل قاسيين مع جندي إسرائيلي من أصول يهودية إثيوبية في مدينة القدس، وقد استمرت الاحتجاجات والتظاهرات عدة أيام في مدينتي القدس وتل أبيب، وتم اعتقال وجرح العشرات من المحتجين، كما أصيب العشرات من رجال الشرطة.
هذا الحادث وغيره، مؤشر إلى ذروة ما في التعامل العنصري التمييزي تجاه يهود الفالاشا، الذين بذلت السلطات الصهيونية ومنظماتها العالمية جهودا كبيرة لاستقدام عدة آلاف من بينهم، اعتبارا من عام 1982، واستمرت هذه الجهود حتى عام 1991 وما بعده. وكان هذا يتم من طريق استقدام الآلاف من بينهم، حيث وصل عددهم الى نحو 135 ألفا، موزعين على مستعمرات ومدن عديدة، يلاقون فيها التمييز والإهانات والأجور المنخفضة والعمل الرث، ويقيمون بحسب التقارير الإعلامية المتعددة، في مساكن وأحياء ينتشر فيها الفقر وعدم الاهتمام الكافي بالأمور الصحية والتعليمية والخدمية والبنى التحتية وغيرها. وبحسب بعض التقارير الإعلامية المتداولة عن كيفية التعامل الرسمي مع هؤلاء الفالاشا، فإن دخل الأسرة منهم تقل بنسبة 40٪ عن الدخل المتوسط للعائلة اليهودية في إسرائيل، ولا يحصل سوى نصف الشبان من أصل يهودي إثيوبي على شهادة التعليم الثانوي، كما أنه لا يسمح لهم بامتلاك بيوت في أحياء من مدن معينة، ويحرم أطفالهم من الالتحاق في مدارس معينة أيضا، ويتم منحهم أجورا أقل في مجالات العمل وعدم منحهم فرصا متكافئة في هذه المجالات. لذا فإنهم يحتجون ويتظاهرون ويصطدمون بالسلطات الرسمية، بين فترة وأخرى مطالبين بالمساواة والعدل وتحسين ظروف حياتهم، لأن مستوى خط الفقر يصل لديهم إلى نحو 38،5٪ في حين أن المعدل العام يصل إلى نحو 14،3٪ من بين السكان اليهود جميعهم.
حقيقة مرة
وكان الشاعر الإسرائيلي إيهود باناي قد تنبأ بمصير ما يمكن أن يلاقيه اليهود الفالاشا في إسرائيل، بقصيدة نثرية كتبها في عام 1987، أطلق عليها اسم "عمل أسود" جاء فيها: "الإخوة من داكني البشرة في مركز الاستيعاب في طبريا، يحاولون أن يستوعبوا ويستوعبوا، وهذا ليس سهلا. من عند الفخامة، من خلف جبال الظلام إلى الشارع المحلي، الرقمي المشوش. لقد حلموا لسنوات بـ"وطن"، والآن هذه هي الحقيقة، أيضا في "الوطن" يحدث هذا، يستمر المنفى، وأنا رأيت في عيونهم ضوءا وأي ضوء، ومن يعرف إن كان إبراهيم لم يكن أسود البشرة. الإخوة من داكني البشرة يسيرون حفاة على جانب الطريق، يحملون إهاناتهم وهم يسيرون نحو المدينة، يقفون أمام البناية، إنهم يقفون أمام قلب من حجر ينتظرون أن يفتح الباب من الداخل. لقد كانوا مخلصين، نعم لقد انتظروا الإشارة، والآن ما تبقى لهم هو العمل الأسود".
من تفاصيل الفقرات في القصيدة، يمكن أن نتعرف على الرحلة التي تمضيها المجموعات اليهودية الإثيوبية (الفالاشا) الجديدة بعد وصولها إلى الكيان الصهيوني، حيث يتم نقل المجموعات إلى معسكرات التأهيل والتدريب والتوجيه في منطقة طبريا، ومن خلال برامج التدريب والتأهيل دينيا وتربويا ومسلكيا ومهنيا إلخ، ويتم ذلك على مدى أشهر عدة أو لسنوات طويلة، حتى ترضى السلطات الرسمية وخصوصا الدينية منها عما تم زرعه وتلقينه وفرضه في أذهان المتدربين الجدد، ليتم بعد ذلك نقل من ينجح منهم في الاختبارات إلى مستعمرات جديدة، أو في أحياء من مستعمرات على الأرض الفلسطينية المصادرة أو المستولى عليها قسريا. رغم ذلك يبقى التدريب والتأهيل والتكوين والتدريس والتنظير حالات مستقلة عن الحياة العملية على أرض الواقع، وما يمكن أن يلاقيه الفرد أو المجموعات اليهودية الجديدة، من تعامل يتصف بتمييز عنصري مقيت في العمل والتعامل والسكن وفي التعليم والصحة ..إلخ. ما يقلل من قيمتهم تجاه المكونات الإسرائيلية الأخرى.

٭ كاتب فلسطيني

سليمان الشّيخ