صورة سيئة نبعث بها للأهل والجيران ... ولكل من يسمعنا ويشاهدنا في ظل استمرار ازمة ادارة معبر رفح ... رسالة ترسل رغم ارادتنا ... ولا تعبر عن حقيقة ما نمتلك من قدرات وكفاءات ومهارات ... لكنها الرسالة التي اصبحت عنوانا وشاهدا ... لمشهد لا يليق بنا ... ولا بنضالنا وتضحياتنا ... وما نسعى للوصول اليه من حرية واستقلال ... ودولة مستقلة .
بوقت الازمات ... وفقدان الثقة ... وغياب الارادات ... وضياع الحقائق ... بغياب النوايا الحسنة ... يحدث حوارا مجتمعيا ... فكريا ... مؤسساتيا ... تكثر فيه المبادرات والمقترحات ... والتي تأتي في سياق الحرص ... وتنم عن نوايا حسنة للقائمين عليها ... لإنهاء الازمة التي وصلنا اليها في ظل اغلاق معبر رفح البري ... وما يعانيه الالاف من ابناء شعبنا الذين يتطلعون لفتح المعبر بصورة دائمة ومنتظمة ... حتى نسهل على انفسنا حياة افضل ... نمارس فيها امور حياتنا بصورة منتظمة ... تحفظ لنا انسانيتنا وكرامتنا .
اطلقت العديد من المبادرات والمقترحات ... والتي جاءت حول ادارة الصليب الاحمر الدولي ... ووكالة الغوث ... وهناك من طرح ادارة الشخصيات المستقلة ... وهناك اخر يتحدث عن شركات امنية خاصة ... وقد تصل الاقتراحات الي ما ابعد من ذلك ... وربما للاتحاد الاوروبي وحتى لا اكون مستفزا وخارجا عن النص ... وطالما نحن تحت الاحتلال ... فيمكن لقائل ان يقول ... لماذا لا تكون ادارة معبر رفح كما ادارة معبر الكرامة ؟! .
بكل الاحوال ... كافة الاقتراحات تعبر عن حرص اصحابها للتخفيف من معاناة الناس ... وحل الازمة... الا انني ارى بالمقترحات وطرحها ... زيادة بالأزمة ... وفرصة لزيادة التباعد وتعميق الخلاف ... كما انها فرصة سانحة لاستمرار الانقسام وتعميقه وتنظيمه ... وكأننا نقول للمختلفين ... ابقوا على اختلافكم ... فبيننا وبينكم الصليب الاحمر ... ووكالة الغوث وربما الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي ... شيء لا يصدق ولا يستوعب ... ونحن اصحاب قضية واحدة ... والمفترض اننا في ظل سلطة واحدة ... وان كافة الجهود يجب ان تنصب لممارسة اعلى درجات الضغط على انفسنا ... فالكرة بملعبنا ... وليس بملعب غيرنا .... لان ازمة المعبر ... فلسطينية خالصة ... لا علاقة لها بالشقيقة مصر .
من الجانب الفلسطيني للمعبر نعطي رسالة عدم القدرة على التفاهم والتوحد حول ادارة المعبر ... كما ونعطي دلائل ومؤشرات خلافات عميقة ... لا زالت تعصف بأوضاعنا وتبرز مساحة الخلاف بيننا ... وعدم قدرتنا على الفصل ما بين ما هو حزبي ... وما بين ما هو حكومي .
الاساس القانوني الذي يحكم العلاقات ما بين الدول .. والتفاهمات ما بين الحكومات التي تبسط سيادتها على حدودها ومطاراتها وموانيها وكافة ارجاء ارضها ونحن لسنا بخارج هذا السياق القانوني والدولي ... ومن هنا فمعبر رفح الدولي ... هو معبر ... فلسطيني مصري يجب ان يسيطر عليه من قبل الحكومتين الفلسطينية والمصرية ... ولا مجال لأحزاب او حركات ان تسيطر على معبر سيادي ... او تجري اتصالات ... او تبني علاقات ذات شأن عام له علاقة بمصالح شعب بأكمله ... فالأمور ما بين الدول محكومة بأنظمة وقوانين ... ولا تحتاج الي موافقة حزب او فصيل ... كما لا تحتاج الى كل هذا الخلاف المصطنع... الذي لا يعبر عن أي اساس قانوني او وطني ... وانما يؤكد على حالة من الفوضى والسيطرة غير القانونية ... والتي يجب ان نطوى صفحتها ... وان نشكل حالة فلسطينية سيادية ... تحسن التعامل ... وتلتزم بالقوانين ... وتعبر عن ارادة الجميع .
لأننا وبصراحة ... اذا كنا لا زلنا على خلافنا وعدم توافقنا على ادارة معبر ... فهذا مؤشر خطير ... يعطي مدلولات اخطر ورسائل ذات مغزى ... بأننا كيف يمكن لنا ان نقوم على ادارة دولة ؟! ... الجانب الاخر للمعبر والذي يخص الشقيقة مصر وسيادتها الكاملة على ارضها تحتاج بالمقابل الي سلطة وسيادة فلسطينية كاملة ... لتنفيذ الية عمل ... بين دولتين مصر وفلسطين أي بين حكومتين ... هكذا القانون والاعراف والاتفاقيات بين الدول ... وليس للأحزاب سلطة او سيادة .
اقتراحاتنا ومبادراتنا بريئة وصادقة .... وتنم عن الاخلاص والاحساس بالمسؤولية ... لكنها تتعلق بجانبنا ... وبما يخصنا ... وكأننا متناسين ان المقابل لنا جهة سيادية مصرية ... لها الحق ... كل الحق للتعامل مع من تريد ... وهي وقد اعلنت ان السلطة الوطنية الفلسطينية وحرس الرئاسة الفلسطيني هم من يجب ان يكونوا على الجانب الفلسطيني للمعبر ... موقف واضح وصريح ...وعلينا بالتنفيذ ... اذا كنا معنيين بأستمرار فتح هذا المعبر ... واذا ما كنا قادرين على صياغة التفاهمات بيننا ... بما لا يتعارض واسس العلاقات ما بين الدول... ومجموعة الانظمة والقوانين المنظمة لانتقال الافراد ما بين دولة واخرى وحتى البضائع .
الصليب الاحمر الدولي وعودة لنا بالذاكرة ... كان يسهل علينا السفر ابان الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ... كذلك الامر للسفر الى سوريا ... وما يجري من دوره المعتاد لتنظيم زيارة اهالي المعتقلين لابناءهم داخل السجون او حتى زيارة الاسرى داخل سجونهم ... منظمة لها احترامها ودورها الانساني ... كما وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين ودورها الاغاثي والانساني ... مؤسسات لا علاقة لها بأنظمة واجراءات السفر والعلاقات ما بين الحكومات .
كافة المقترحات والمبادرات ... وما يمكن ان تصل اليه لأبعد مما تم طرحه حتى الان ... يعبر عن اشتداد الازمة ... ومحاولة الضغط الايجابي ... حتى يتحرك اصحاب الشأن ... ومن يمتلكون القرار للتخفيف عن معاناة شعبهم ... وحتى يحسنوا ... ويجملوا بالصورة ... التي اصبحنا عليها ... والتي اساءت لنا ... وجعلت منا اناس غير مسؤولين ... وغير قادرين على تحمل مسؤولية شعب بأكمله ... مما يضعفنا امام غيرنا ... ونحن الاحرص على ان نكون الاقوياء بنظرنا ... وبنظر غيرنا .... اليس كذلك ؟!
بقلم/ وفيق زنداح