ما بعد الخامس من حزيران 67..... والهزيمة التي لحقت.... وما نتج عنها من احتلال للأراضي العربية ..وما تبقي من فلسطين التاريخية ....وما طرأ علي أجواء المنطقة من حالة هوان وضعف.... نتيجة ما تم ..وما نتج عن هذه الحرب العدوانية الاسرائيلية ضد مصر وسوريا والأردن ....وما أحدثته من نتائج وخيمة ....فرضت حالة فلسطينية لابد وأن تشق طريقها ....باتجاه الخلاص.... ومواجهة المحتل الاسرائيلي ...بكل ما تمتلك الايدي الفلسطينية ....وبكل ما يتوفر من مقومات صمود ....وعوامل اسناد لدعم الثورة الفلسطينية المعاصرة والتي انطلقت بالاول من يناير بالعام 65بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ...وما أوجدته تلك الثورة من افرازات وامكانيات لتحرك القوي الفكرية التقدمية..... وأساسها حركة القوميين العرب ....والتي وفرت أرضية انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالحادي عشر من شهر ديسمبر بالعام 67 ....هذه الذكري المتجددة والممتدة بفعل مسيرة النضال الكفاحي الذي اكدته الجبهة علي مدار العقود الماضية ....والتي دفعت بالعديد من قادتها علي درب الاستشهاد ....من المؤسس القائد حكيم الثورة الرفيق جورج حبش ....مرورا بالرفيق الشهيد القائد غسان كنفاني ...والشهيد القائد ابو علي مصطفي.... والعديد من قوافل الشهداء الذين روي بدمائهم أرض الوطن وكافة الساحات المقاومة...كما الساحات العربية التي تواجدت فيها الجبهة من الساحة الاردنية ...الي الساحتين السورية.... واللبنانية وعبر كافة الساحات التي تواجد فيها رفاق الجبهة الشعبية وعلاقاتهم المميزة مع الأحزاب والحركات الثورية العالمية .
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بذكري انطلاقتها ...وأمينها العام القائد الرفيق أحمد سعدات ....لا زال داخل السجون الاسرائيلية.. يشكل رمزا من رموز الصمود الوطني الفلسطيني ...الذي يضيف الي رصيد هذه الجبهة... المزيد من الفعل النضالي المتراكم والممتد.... حتي يومنا هذا .
الجبهة الشعبية وقد قدمت كوكبة من الشهداء من القادة والرموز ...والتي لا زالت علي دربها الكفاحي.... استكمالا لدورها ووجودها..... داخل الحركة الوطنية الفلسطينية ...والتي تؤكد فيها وعلي مدار اللحظة مواقفها السياسية الثابتة... ومدي عمق تمسكها بخيار الوحدة والمقاومة ....والتمسك بشرعية المؤسسات الفلسطينية..... علي اعتبار أن منظمة التحرير الفلسطيني ممثلنا الشرعي والوحيد ...وهي الاطار الجامع ...والذي بداخله نتوافق ونختلف .....ونقرر ما هو لصالح قضيتنا .
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بذكري انطلاقتها تحيي ذكريات الأجيال ...التي لازالت تعيش سنوات مجدها .....وعطائها ..ووجودها المميز ...والمؤثر داخل الساحة الفلسطينية ....والذي شكل هاجسا مرعبا ....ونارا ملتهبة ....تحت أقدام الغزاة الصهاينة ....الذين عاشوا ظروفا احتلالية في سبعينيات وثمانيات القرن الماضي بغاية الصعوبة.... وبمقاومة باسلة من رفاق الجبهة الشعبية ...ومجموعات جيفارا غزة التي اربكت العدو ...وأوقعت فيه الخسائر العديدة من خلال عمليات نوعية .....لا زالت شاهدة علي قدرة هذا التنظيم الفلسطيني.... الذي أثبت مقدرة عالية علي المقاومة المسلحة ...وكما اثبت قدرة عالية علي الاستقطاب الجماهيري ...وما كانت تشهده الأراضي الفلسطينية من تفوق واضح ....لجماهيرية الجبهة واليسار الفلسطيني بشكل عام.
مرحلة تاريخية لا زالت تشكل عنوان ومنطلقات هذا التنظيم الفلسطيني بذكري انطلاقته ....مما يشكل اضافة نوعية للعمل السياسي المقاوم ....واضافة متميزة لفصيل فلسطيني.... لا زال يشكل الفصيل الثاني بمنظمة التحرير الفلسطينية .....وما يتميز به هذا الفصيل من قدرات فكرية وايدلوجية ....تؤهله ليلعب دورا سياسيا.... فكريا .... وثقافيا يخدم القضية الوطنية ويعزز من مقومات الصمود الوطني.
الذكري ...والذكريات..... للتاريخ النضالي والكفاحي الممتد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لا زال حاضرا بكافة المحطات التاريخية والنضالية من معركة الكرامة في 21 مارس 68 وعمليات خطف الطائرات التي أحدثت رعبا دوليا ....ورسالة واضحة أن هناك شعب يتطلع لحريته واستقلاله ....وحقه بدولته المستقلة ....كما حقه بمقاومة المحتل الاسرائيلي ....وهذا ما ميز الفترة التاريخية وكان عنوانها الرفيقة ليلي خالد ....والرفيق وديع حداد ....مرحلة كان لها متطلباتها ...كما كان لها استخلاصاتها ونتائجها.... لتمتد محطات النضال الكفاحي الي الاراضي السورية.... واللبنانية .....وداخل الاراضي الفلسطينية المحتلة .
محطات الكفاح الوطني للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ....يأتي في اطار الكل الوطني الذي عمل علي مقاومة المحتل الاسرائيلي .....ولا زالت الجبهة الشعبية عنوانا للمقاومة ....والمواقف الوحدوية ....كما لا زالت تمثل الضمير الفلسطيني ....كأحد رموز اليسار الوطني ....الحكيم بمواقفه ....والحريص علي القضية الوطنية .
الكوادر والرفاق في الجبهة الشعبية مثال للالتزام ...وعمق الانتماء ....والوعي السياسي الثقافي ....والوطني ....وحرصهم الواضح علي تعزيز دورهم ومكانتهم .....بما يخدم شعبهم وقضيتهم وحرصهم العالي ....علي الفئات الاكثر فقرا ....وعلي الطبقة العاملة ...انسجاما مع فكرهم وأيدولوجيتهم .
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بذكري انطلاقتها ... وبكل الاجيال الذين تابعوا مسيرتها الكفاحية ....ستبقي عنوانا بارزا ...من عناويين النضال الوطني الفلسطيني ..ورمزا من رموز اليسار الوطني الذي نحرص علي تقدمه وتطوره وامتداده .
حرصنا علي تطور أوضاع الجبهة الشعبية وتنامي دورها ....وتعزيز مكانتها ...بصورة أفضل ...يجعلنا وعلي الدوام مطالبين باستنهاض حالة اليسار الوطني ...والخروج من أزمته .....باعتباره قوة فاعلة..... بتاريخه ....وفعله .... وفكره ....ومسيرته الكفاحية الطويلة .
المشهد الفصائلي الفلسطيني بتركيبته اليمينية الدينية ....والوطنية التحررية ...واليسارية الوطنية.... يتطلب المزيد من تضافر الجهود ..وتسخير الطاقات ...واعادة صياغة الخطاب السياسي ....بصورة ابداعية تتماشي وجملة المتغيرات الداخلية والخارجية ....والعمل علي استنهاض ابداعات وطاقات القوي اليسارية ...وتوحيدها واستثمار تجربتها .....وزيادة فعلها ....لا يجب التهاون..... او الاسترخاء ....في مرحلة الاستقطاب الذي يشتد بوتيرته ...والذي يؤثر بطريقة أو باخري علي مجمل الحركة الوطنية ....بكافة فصائلها ..وما يمكن أن يحدثه من تغيرات داخل المشهد السياسي الفصائلي .
الحرص علي اليسار الفلسطيني..... يتطلب خطوات وحدوية ....كما ويتطلب صياغات ابداعية ....في الخطاب السياسي.... والاعلامي .....لإحداث اختراق واضح في بعض الافكار التي بدأت تتشكل ....وتشكل خطرا داهما ...علي الفكر الوطني .
ذكري انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ...ّذكري خالدة ...لا زالت تشكل تاريخا وواقعا ....كما أنها لا زالت علي طريق مستقبلها ومجدها..... والذي يتطلب المزيد من تسخير الطاقات ...واستثمارها بصورة مثلي ...من خلال العمل التراكمي البناء ...وبكافة المجالات والمناحي ....وعلي صعيد كافة المؤسسات الجماهيرية والخدماتية ...كما الوسائل الاعلامية التي تشكل عنوانا ورمزا ....لمصداقية الخطاب السياسي ..والنضالي ..والكفاحي ... يجب أن لا يترك الفضاء.... والاثير..... والمواقع الاخبارية...... وشبكات التواصل ....دون أن يكون للجبهة الشعبية دورها المتميز ..وعطائها المعروف عنها في مجال الاعلام ..والثقافة... والفكر .
أجيالنا تعايشت مع الرفاق بالجبهة الشعبية ...ووجدت في سماتهم وصفاتهم... من الاخلاص والوفاء ...الانتماء والحرص ......الشفافية والمصداقية ...ما يؤهلهم ....بأن يكونوا عناوين بارزة ...وأصحاب مواقع متميزة ...لأنهم يتعاطون مع المواقف بصورة واضحة ...ويتعاملون بكلمات محددة ...وما يقولونه داخل الغرف كما خارجها ....وما يقال داخل الاطر الداخلية يقال للناس والعامة ....والأهم أن ما في قلوبهم ...كما في عقولهم ...كما في ضمائرهم ...فكل التحية والمجد..... والتهاني... للرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.... ضمير الحركة الوطنية .....ورمز اليسار الوطني .
الكاتب : وفيق زنداح