نخاطب الفاهمين....والغير فاهمين ....المتفهمين و الغير متفهمين ...المدركين والغير مدركين ..الغافلين والغير غافلين ......النائمين و الصاحيين ....المتفتحين و المنغلقين ....التعساء و المبسوطين ...المرتاحين و التعبانين ...نخاطبهم جميعا ....من فوق حتي تحت ...حتي من يسيرون في الشوارع دون أن يدروا الي أين هم ذاهبون ....وحتي لمن يعتقدون أنهم المتفهمون لمجريات أوضاعنا.... وما يحدث بداخلنا.... وما نعيش فيه من أزمات وانتكاسات ....لم تعد تحتمل.... ولم يعد بمقدور الانسان أن يستوعبها ...أو يتفهمها ....ولم يتبقي في الاذهان ...والعقول ...وعلي الألسنة ..وما تخفي الصدور الا ذاك السؤال :
...المصحوب بجملة من المطالب مستغيثا ...راجيا ..داعيا ...مستنجدا ... لكل المتفهمين والفاهمين ....وسؤال المواطن الذي لا زال يردد وعلي مدار اللحظة .....الفاهم يفهمنا ....ليش بصير فينا كده ؟؟!!!.
سؤال مشروع ...سؤال انساني ...في اليوم العالمي لحقوق الانسان ...سؤال هام ...ونحن نحتفل ونقيم الاحتفالات بذكري الانطلاقات ....كما ونحتفل بذكري الانتفاضة الكبري ...انتفاضة الحجارة ... ونتساءل ...في ظل انتفاضة القدس ..وهذا الشباب المنتفض الواعي... والنقي بوطنيته وانسانيته ...سؤال نتجادل حوله ...ويسعي كل منا للاجابة عليه بطريقته ...وبما يمتلك من وسائل التأثير ...ومن مفردات الاقناع ....سؤال لا زال ملحا وهاما في ظل جدل واحتدام فكري سياسي ....ما بين النخب الفكرية ....ومجموعة المثقفين ...وأصحاب الرأي من الكتاب والاعلاميين.... وكل من لهم خبرة في المؤسسات الحقوقية.... والانسانية ....ومن يمتلكون الخبرات السياسية القيادية علي مدار سنوات طويلة من العمل النضالي.... والجماهيري.... والسياسي.... سؤال من بضعة كلمات ...لكنه يحمل الكثير في طياته... وفي ثناياه ..ومدلولاته... ومعانيه ...سؤال ما زال يراوح مكانه منذ سنوات....دون اجابات شافية وقاطعة ....ودون ادراك للمزاج الشعبي ....وللحالة المستعصية والمتأزمة.... التي وصلنا اليها .....والتي لا زالنا نحاول أفراد وجماعات ....فصائل ووسائل اعلام ...سلطة.... ومعارضة .....أن نجتهد في التشخيص والتحليل ....وأن يجيبوا علي كل ما يتولد من من أسئلة.... وعلي كل جواب سؤال يتولد .....بفعل تشعبات متواصلة حاولنا أن نختصر ونختزل السؤال ..... كبداية أولية للغوص في صلب القضايا ...وامكانية التبصر لمجرياتها ...عندما نتساءل ...ما العمل ؟؟؟!!!....من أين سنبدأ ؟؟؟!!.....ومن أي القضايا سيكون المدخل ؟؟؟!!!.....وماهية الملفات التي يتوجب ايجاد الحلول لها؟؟!! حتي يمكن لنا أن نصل الي مرحلة أن يكون الفاهم بمجريات أمورنا أن يفهمنا ...وبداية ليش بيصير فينا كده ؟؟؟!!!.
احنا مش طماعيين ...ومش متعجلين ..ومش مستعجلين ...لأن كل ذلك لن يفيد ...حتي ولو طالبنا بالسرعة ..فالبطء قائم ...حتي لو طالبنا بالاصلاح والاسراع ..الفساد متغلغل ....حتي لو طالبنا بالانجازات.... والسلبيات متفشية ومتغلغلة بكل تفاصيل حياتنا ...من وين بدكم نبدا.....من الحال ...والا المعاش ....والا تفاصيل الحياة .....نبدأ من الاكل والشرب والسكن والتعليم والخدمات ...ابسط قواعد ومتطلبات حقوق الانسان في شتي أنحاء الارض .....نحرم منها ...ونتجادل حولها.... ونتقاسمها.... ونجعل منها حتي اذا ما توفر القليل منها انجازا وطنيا ....يجب التصفيق له .
أمراض ومرضي لا يجدون من يعالجهم.... ومن يخفف عنهم ....ومن يسهل عليهم طريقهم ومن يوفر المال لهم ....مستشفيات لا علاقة لها بالشفاء..... وخدمات متقطعة علي قلة مدتها ...وتفاوتها... وضعفها ....وقوتها أحيانا تحدث الخراب بأجهزتنا .....التي لا زلنا نسدد ثمنها من خلال الأقساط والديون.... حتي ولو كانت علي قلتها ....لكنها خسارة ولا تعويض عنها ....في ظل قطع ووصل ...وفي كل قطع ووصل.... كيلوات من الكهرباء مدفوعة الثمن من المستهلك الذي يصعب عليه أن يدفع ثمن فاتورته ....في ظل ساعة مصابة بالجنون .....وكأن أحد يلاحقها ....ولا يعرف المواطن من أين كل هذا الاستهلاك .....كما الهاتف والجوال وفاتورته المضخمة ...شركات لا زالت علي وتيرتها.... دون أن تراعي مستوي الدخل والمعيشة لقطاعات واسعة من المواطنين.... عودة للكهرباء وما حدث في وجود شركة التوليد والتي كانت كارثة... وأدخلتنا في متاهات الوقود وكميات الكهرباء ...وساعات القطع والوصل ...وحتي الاسعار ....بينما بالإمكان شراء الكميات المطلوبة من أرصدة فائضة بالكهرباء ....وامكانية أخدها بأسعار منخفضة..... دون الحاجة للوقود وضريبة البلو ...واليوم دخل وقود ..وغدا لم يدخل ....ادخلونا في متاهات ومنزلقات وتفاصيل لا تحدث في أي بقعة من الارض .
كل يوم فيه شيء جديد ....فهناك من يفكر لنا ....والأصح يفكر علينا ...ويمكر لنا ....ليزيد همومنا ....ويجعلنا نعيش حياة لا تحتمل ...ودعاؤنا لرب العزة والجلالة..... أن لا يحملنا ما لا طاقة لنا به ...ويعفو عنا .....ويرحمنا فهو خير الراحمين .
فلا رحمة علي الارض مما نري ونسمع ونشاهد ...لا رحمة من العباد للعباد ....ولكنها الرحمة الوحيدة من رب العباد ...علي الأرض البعض ممن يفقدون أحاسيسهم ....ولا يعرفون للرحمة طريق ...ولا يقرون بالخجل والاستحياء ...مشاعرهم ميتة .....وقلوبهم مشتتة ...وعقولهم شاردة وهاربة ....ولا زالنا علي سؤالنا ....الفاهم يفهمنا .....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!.
نبحث عن كل فهمان ...ونبحث عن كل صاحب ضمير ....وقلب خاشع ....علي كل صاحب ايمان وعقيدة ....نبحث عن كل أصحاب الانتماء ...فالوطنية الخالصة المعززة بأفعال ملموسة ....تشعر بأحوال الناس ...تشعر بكافة المنتظرين للفرج ....المنتظرين للحلول العملية ...وليس للخطابات والتحليلات ...والكلمات المصفوفة.... والمفردات المنمقة .... وعباراتهم الخارجة عبر الاثير والفضاء الي حيث تصل ....وأيا كانت النتائج .
لا داعي للتعب ...ولا مجال للقول بما يخالف ما يجري وما يحدث ....فكل شي علي ما يرام ....صمود في ظل الفقر ...صمود في ظل الجوع ...صمود في ظل قلة الخدمات ...صمود في ظل الاغلاق والحصار ....صمود ونحن في هذا السجن الكبير ...وليس لنا الا الصمود .... والتحدي .....وحتي الموت البطء ...وسؤالنا الفاهم يفهمنا ....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!.
استمرار الانقسام.... واستمرار الخلافات.... والتجاذبات.... والمناكفات ...والحملات الاعلامية ...لما لا ....استمرار التخوين ....واطلاق الاتهامات ...واعطاء شهادات الوطنية والأمانة ...كما اعطاء شهادات الأيدي النظيفة والأيدي القذرة ....شهادات توزع عبر الأثير وعلي عينك يا تاجر ....ولا محاسب ولا مراقب ....ولا ضابط.... ولا حاكم .. كله ضد كله ..وكله يجرح بكله ....ولا زلنا نسأل الفاهم يفهمنا ....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!.
علاقاتنا الداخلية بأسوأ أحوالها ....رغم كل محاولات التجميل والتنقيح ....والقول المتكرر ...وحدتنا ميدانية ...وأن انتفاضتنا وشبابنا وقد وحدونا بالميدان .....لكن وحدتنا السياسية ...وحدتنا الكفاحية ...وحدتنا التنظيمية ....وحدة أطرنا وهياكلنا ومؤسساتنا ...ما زلنا مختلفين عليها ...بل أكثر من ذلك ما زلنا نقفز عنها..... ونجيرها لصالح كل منا ....ولا زال السؤال الفاهم يفهمنا ....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!.
شعب قارب علي الاثني عشر مليون ....ولا زالنا ندور حول العشرات من الكفاءات النادرة والثمينة ...من الكفاءات التي لا توصف ....من الكفاءات التي لا يوجد لها مثيل ....والتي تكلف بالعديد من المناصب ....والتي ولو تم توزيع عدد ساعات اليوم علي تلك المناصب ...لكان نصيب المنصب الواحد من نصف ساعة الي ساعة علي الأكثر .....فهل هذا معقول؟؟؟!! ....وهل يمكن أن يكون مقبولا ؟؟!!! ....أن نعدم الكفاءات..... وأن نحصرها ببضعة عشرات ...أليس في هذا استبعاد للطاقات والخبرات ....وعدم استثمارها لصالح الوطن ....أليس في هذا خسارة كبيرة ...نتكبدها بفعل ادارة خاطئة ....وسيبقي سؤالنا الفاهم يفهمنا ....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!!.
سفاراتنا لا نسمع صوتها ...ولا زالت نائمة بالعسل ...وشعبنا يعيش انتفاضة القدس .....وما يجري ضد شعبنا وشبابنا من جرائم واعدامات بدم بارد ....ألا يستدعي هذا وعلي الأقل مسيرات من خلال العشرات يحملون صور عائلات حرقت .....وأطفال قتلت ...وشباب أعدمت ونساء تم التنكيل بهن .... ومنازل دمرت ....هل صعب علي سفاراتنا المنتشرة بكافة أنحاء العالم أن تقيم في كل سفارة معرضا فوتوغرافيا ....ومن خلال فيديوهات مصورة لكافة الزائرين للسفارة ...والمدعوين لها ...ليروا حجم الجرائم والارهاب الاسرائيلي المرتكب ضد شعبنا .....وسيبقي الفاهم يفهمنا ....ليش بيصير فينا كده ؟؟!!.
بالمقابل كل خطوة تقوم بها السلطة أو يقوم بها الرئيس ....تكون محل نقد .......ولا نعرف لماذا؟؟؟!!!.... لا يتحدث أحد من المتحدثين الكثر ....أننا أصبحنا عضو غير دائم بالأمم المتحدة ...وأننا أصبحنا أعضاء بعشرات المؤسسات الدولية ....وأننا قد رفعنا علم فلسطين فوق الامم المتحدة ....لماذا لا نقول أن هناك انجازات سياسية ودبلوماسية ...وأننا قد وضعنا اسرائيل بالزاوية ...ويتم عزلها بصورة كاملة ...وأن خطابنا السياسي وقيادتنا الشرعية ....قد أثبتت قدرة سياسية ...ومهارة دبلوماسية باستمرار تقدمها وانجازاتها .....لماذا نستهين بالإنجازات ...ولماذا لا نقر بها ....اذا كان العالم بأسره قد أقر بها ...ولماذا التشكيك ..ومحاولة اثارة الشكوك حول كل خطوة نقوم بها ...المجلس الوطني مشكلة ...المجلس المركزي مشكلة ..والموعد مشكلة ...والمكان مشكلة ...وربما في الاجتماع مشكلة ...والقرارات مشكلة ...الفاهم يفهمنا ...ليش بيصير فينا كده ؟؟.
الكاتب : وفيق زنداح