منذ اذار الماضي وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني تنتظر التطبيق بالرغم من رفع هذه القرارات للجنة التنفيذية لإيجاد آلية ما لتطبيقها تسير ضمن خطة استراتيجية فلسطينية لقيادة المرحلة الحالية والتي تنصلت فيها واشنطن علنا من رعاية العملية السياسية وباتت الحلول النهائية اشبه بمستحيلة على يدها ,وفي ظل ممارسات اسرائيل على الارض والتي تجعل حل الدولتين مشروع يستحيل تطبيقه ,كانت اللجنة التنفيذية قد اتخذت قرارا بتشكيل لجنة سياسية لدراسة آليات التطبيق وتهيئة الظروف الداخلية لذلك وبالرغم من رفع تصور اللجنة السياسية المكلفة بذلك الا انو يبدوا ان هناك حالة من التوجس او الريبة لتطبيق ما جاء في قرارات المجلس المركزي والخاصة بتحديد العلاقة مع اسرائيل على اثر عدم التزام اسرائيل بالاتفاقيات التي تم توقيعها مع منظمة التحرير الفلسطينية وعلى اثر قيام اسرائيل بمواصلة الاستيطان ومصادرة الاراض وتنفيذ اعتقالات يومية في كافة انحاء الضفة الغربية بعد اقتحامات لتلك المدن والمخيمات التي يقع الكثير منها في مناطق (أ) التيش هي تحت سيطرت السلطة الفلسطينية , هذا بالإضافة للجرائم التي ترتكبها اسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين من طلاب ومزارعين وتجار ونساء ورجال واطفال على مئات الحواجز التي تنشرها قوت الاحتلال الاسرائيلي على مداخل المدن الرئيسية والبلدات والقري الفلسطينية بالضفة الغربية بهدف عزل تلك المدن عن محيطها الريفي والبلدي .
يبدو ان القيادة الفلسطينية مازالت مترددة حتى الان في تنفيذ قرارات المجلس المركزي وتوصيات اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة السياسية حتى اللحظة بالرغم من اجراء مشاورات واسعة جدا مع العديد من الاطراف الاقليمية بهذا الخصوص وبحث ودراسة الموقف القانوني للسلطة الفلسطينية جراء تلك اجراءات والذي اوصي العديد بأن تطبق كافة الاجراءات الفلسطينية لتحويل السلطة لدولة تحت الاحتلال و خاصة بعد حصول فلسطين لعضو مراقب بالأمم المتحدة ورفع علمها امام مباني ومقرات تلك المنظمة , البعض يعتقد ان الانتفاضة الفلسطينية قد احدثت بعض المتغيرات في الموقف وقد تؤجل تنفيذ قرارات المجلس المركزي ,لكن على العكس فان الانتفاضة الفلسطينية جاءت منسجمة تماما مع تلك القرارات وبات ضروريا اليوم الاسراع في تنفيذ تلك القرارات لدعم الانتفاضة بكافة مساراتها ولعل تحول السلطة الفلسطينية الى دولة تحت الاحتلال يأتي ضمن تلك الخطة التي يسعي من خلالها الفلسطينيين لبدء مرحلة جديدة من النضال السلمي على كافة الصعد من اجل اسقاط الاحتلال , ومع هذا التحول يصبح الاحتلال مسؤولا عن احتلاله ويتحمل المجتمع الدولي تبعيات عدم الضغط على اسرائيل وانهاء الاحتلال بقرارات دولية ملزمة .
لعل فك الارتباط الأمني والاقتصادي والسياسي مع اسرائيل يعتبر من اهم قرارات المجلس المركزي والتي لابد وأن تلجأ القيادة في النهاية اليها, لكن اعتقد ان فك الارتباط مع اسرائيل لابد وان يسير في مراحل ثلاث اولها تخفيض مستوي التنسيق الامني لمستوي معين بحيث يشكل هذا التخفيض عبئا ما على الاحتلال الاسرائيلي واعتقد اننا الان في منتصف هذه المرحلة والمرحلة الثانية لابد وان تأتي حسب ردة فعل اسرائيل على ذلك وهي فك اي ارتباطات سياسية لم تلتزم بها اسرائيل واقصد كافة الاتفاقيات السياسية و وقف التعامل بها وهنا لابد من دراسة و تقيم هذه المرحلة بدقة لفك الارتباط الاقتصادي مع السعي لعقد ارتباطات اقتصادية عبر اتفاقيات اقليمية واقاليمية تتيح للاقتصاد الفلسطيني التعافي من التبعية لسلطة الاحتلال والهيمنة عليه بشكل كامل , ولا اعتقد ان تلك المراحل الثلاثة يمكن ان تتم بين ليلة وضحاها بل انها تحتاج الى زمن وسنوات حتى نتحرر من التحكم في استقلالنا الاقتصادي مع العلم ان الاستقلال السياسي يعني استقلال اقتصادي ايضا لكن البحث عن اتفاقيات اقتصادية مع العالم العربي و دول الاتحاد الاوروبي يمكن ان تتحقق حتى في ظل مرحلة ما قبل الاستقلال التام واقامة الدولة الفلسطينية .
هذا يعتبر في حد نظري تغير للاتجاه بسبب اغلاق اسرائيل للطرق التي توصل الى السلام الشامل و تغيير هذا الاتجاه يعني البحث عن اتجاهات جديدة تلزم اسرائيل بتحقيق حل الدولتين و انهاء الصراع على اساس قرارات الشرعية الدولية ,ولعل تغير الاتجاه مع اسرائيل هذا لابد وان يصاحبه تغيير اتجاه القيادة الفلسطينية نحو البقاء في مربع انتظار واشنطن على امل ان تغيير موقفها يوما من الايام وتتدخل ايجابيا في الصراع وتتعافي ايضا من هيمنة القوي الصهيونية على القرار الامريكي المستقل داخل واشنطن وخارجها و هنا لابد وان تتجه القيادة الفلسطينية اكثر نحو المجتمع الدولي متسلحة بدعم كل الدول التي تكافح مع الفلسطينيين من اجل التحرر والاستقلال ,و لابد من تعزيز اي دور اوروبي للانتقال من دور المشجع لعملية السلام الى دور الفعل في اقرار السلام و الحلول الشرعية بالإضافة الى دور كل من روسيا لاو الصين واستراليا والكوريتين وبات مهما اليوم ان تسعي القيادة الفلسطينية مع تلك الدول و الكتل المركزية الى للحصول على قرار اممي ينهي الاحتلال الاسرائيلي على اساس انه غير اخلاقي وغير قانوني لإراضي الدولة الفلسطينية سعيا لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.
بقلم/ د. هاني العقاد