نحن الكتاب بمعظمنا ليس لنا الا أن نسرد التاريخ ... وأن نحدد مواقعه ... لنحلل أحداثه ومنعطفاته ... ونعمل على ابداء الرأي ... ولا نعمل على انتزاع المواقف ... ولا تجريدها وتعريتها ... لأننا حياديون بما يخص فصائلنا وقوانا السياسية ... لكننا المنحازون الأوائل للوطن والشعب ... و لكل من له علاقة بالشرعية الفلسطينية.
اليوم الرابع عشر من شهر ديسمبر تحتفل حركة المقاومة الاسلامية حماس بذكرى انطلاقتها ... ذكرى ومناسبة وطنية فلسطينية نعتز بها ... ونتباهى ونفخر بعطائها ودورها ... كما كافة الفصائل ... والانطلاقات التي تشهدها الساحة الفلسطينية ... نحتفل معها ... ونبارك لها ... وندعم مواقفها الصائبة ... وننتقد مواقفها السلبية ... ونحثها على صوابية الطريق ... وأولوياته الوطنية ... وعدم المغامرة بمقومات الصمود ... ومسيرة العمل الكفاحي الوطني ... الذي يحتاج لكافة الجهود والطاقات ... ولا يحتاج للمزيد من اضاعة الوقت ... والجدل السياسي... الذي لن يؤدي الا الى المزيد من الضعف والترهل والانكماش ... والابتعاد عن الطريق الموصل للحرية والاستقلال .
لسنا أصحاب مصلحة حزبية بهذه الحركة أو تلك ... ولكننا أصحاب مصلحة وطنية ... بما يخدم شعبنا وقضيته العادلة ... صاحب الفضل الأكبر والمساهم الأول بدماء أبنائه وخيرة شبابه ... بدماء ابائه واجداده ... بتضحيات كلفت الكثير من منازلنا وممتلكاتنا ... كما وكلفت الكثير من عذاباتنا وآلامنا ... عطاء كبير ... وتضحيات جسام ... ومسيرة نضال طويل ... ولدت هذا الكم من القوى والفصائل والأحزاب التي تتربع بصدارة المشهد ... وتتحكم بمفاصل الموقف ... كما وتحدد الاتجاهات والتوجهات ... وهذا في السياق الطبيعي للقوى والأحزاب التي تتشكل منها الخارطة الحزبية والسياسية الفلسطينية .
مسيرة حركة حماس بدأت مشوارها وانطلاقتها مع تفجر انتفاضة الحجارة بالعام 87 ... الا ان هذه الحركة لها جذورها الاخوانية ... ومؤسساتها الدعوية تحت مسمى المجمع الاسلامي بزعامة الشيخ الجليل الشهيد احمد ياسين مؤسس الحركة والأب الروحي لها ... والذي كان يحظى بالاحترام ... بمواقفه الوطنية ... وحرصه على حرمة الدم الفلسطيني ... بهدوئه المعهود ... ودماثة خلقه ... وحرصه على شعبه ووحدته ... الشيخ المجاهد الشهيد احمد ياسين كان معلما واستاذا ... وكل من في اجيالي يعرفونه ... وكان يقوم بتدريسهم وانا كنت احد طلبته بمدرسة الكرمل الابتدائية في خمسينيات القرن الماضي ... وكان يقوم بتدريسنا اللغة العربية والتربية الدينية ... وكان بحق مربيا فاضلا ... واستاذا قديرا ... فله الرحمة ... ولكافة شهداء شعبنا .
ليس بذكر شيخنا الجليل الشهيد احمد ياسين ... الا محاولة متواضعة لتسليط الضوء حول الرجل المؤسس لهذه الحركة وامتداداته الوطنية والاجتماعية ... واحترام الناس له وتقدير القيادة الشرعية الفلسطينية لشخصه ... وموقف القيادة بعهد الرئيس الشهيد القائد ياسر عرفات ومتابعة احواله وظروف اعتقاله ... والعمل على الافراج عنه وبجهود عربية ... وعيادته في مستشفيات الاردن من قبل الشهيد ياسر عرفات ... وما جرى من عزاء رسمي وشعبي لهذا القائد الفلسطيني عندما امتدت له يد الغدر الصهيوني أثناء خروجه من صلاة الفجر ... وما تم من جنازة رسمية وشعبية ... وعزاء رسمي وانتكاس للأعلام وحداد عبر شاشات التلفزة الفلسطينية .
نتحدث عن كل هذا ... لأننا جميعا قوى وفصائل وسلطة وقيادة ... كنا نعيش الاتفاق والخلاف ... وكنا على قدر المسؤولية بما نتفق عليه ... ونسامح بعضنا البعض فيما نختلف عليه .... وهذا ما يؤكد ان العلاقات الوطنية مع حركة حماس كانت تأخذ منحى الحرص والتأكيد على الوحدة الوطنية وعدم المخاطرة بها ... وهذا لا يعني بالمطلق غياب الخلافات والتشابكات بأحيان اخرى .
حركة حماس حركة فلسطينية مقاومة ... قدمت عبر مسيرتها العديد من القادة الشهداء نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر اضافة للشيخ المجاهد احمد ياسين ... الشهيد اسماعيل ابو شنب والشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والشهيد القائد صلاح شحادة والشهيد القائد احمد الجعبري والعديد من القادة والكوادر والمجاهدين والذين سطروا بدمائهم مسيرة الكفاح والجهاد ... ليستظل الجميع بكوكبة شهداء الوطن ... من القادة العظماء ياسر عرفات واحمد ياسين وفتحي الشقاقي وابو علي مصطفى ... والعديد من القادة من فصائل العمل الوطني والاسلامي والذي نعتز ونفخر بهم جميعا ... ونترحم على أرواحهم .
حركة حماس بذكرى انطلاقتها ... يجب أن تستعيد بذاكرتها الطويلة ... كافة محطاتها ما قبل ... وبعد التأسيس ... ولا زالت حماس على موقفها المقاوم ... وعلى ثوابتها ... مع كل ما يعتري مسيرتها من ايجابيات ... ومآخذ ... الا أنها بذكرى انطلاقتها لا بد وان تضع على طاولة قياداتها مجموعة الأزمات العامة والخاصة التي تعيشها ... فبخصوص الأزمة العامة ... التي تشمل حماس وغيرها لها علاقة بمجمل الأوضاع الوطنية وحال القضية الفلسطينية وظروف المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي ... أما ما له علاقة بالأزمات الخاصة ... بحركة حماس والتي يتم حصرها ومتابعتها ... من خلال الجهد الاعلامي والوقائع على الأرض يمكن اختصارها واختزالها بالتالي :
1- حركة حماس والأزمة الذي يعيشها التنظيم الدولي للإخوان ومجمل الانعكاسات .
2- حركة حماس والأزمة المالية وعدم القدرة بالوفاء بالالتزامات .
3- حركة حماس وأزمة علاقاتها بالحركة الوطنية الفلسطينية نتيجة الانقسام .
4- حركة حماس وأزمة علاقتها بالمحيط وخاصة مع مصر الشقيقة .
5- حركة حماس وأزمة علاقتها وعدم مقدرتها بحكم سيطرتها على متطلبات واحتياجات سكان القطاع.
6- حركة حماس وأزمة علاقتها مع النظام السياسي الفلسطيني ممثلا بالسلطة الوطنية ومنظمة التحرير والرئيس محمود عباس .
7- حركة حماس وأزمة مشاركتها بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية الفلسطينية والمشاركة بصناعة القرار .
8- حركة حماس وأزمة المقاومة في ظل الأجواء والظروف الداخلية والاقليمية والدولية مع انتشار ظاهرة الارهاب .
9- حركة حماس وازمة الانقسام وكيفية الخروج والمعالجة بما يحفظ للجميع حقوقه وواجباته .
10- حركة حماس وأزمة معالجتها لمجمل القرارات الصادرة عنها في ظل الانقسام .
11- أخيرا وليس اخرا حركة حماس وأزمة معبر رفح والمطالبة بتسليمه للسلطة الوطنية وللحرس الرئاسي لإدارته وتشغيله .... وانهاء ازمة 2 مليون فلسطيني.
حركة حماس لا تستطيع انكار مدى عمق الأزمات التي تواجهها ... والتي بإمكانها ايجاد الحلول لمعظمها ... من خلال توافقاتها ... واتفاقها الوطني الداخلي ... الناظم والمنظم لوجودها ... في اطار النظام السياسي الفلسطيني ... بعيدا عن كافة الاجندات والارتباطات الخارجية ... وعلى قاعدة الشراكة باتخاذ القرارات وحل المعضلات والمشاكل المستعصية.
كل التهنئة للأخوة في حركة حماس قيادة وكوادر واعضاء ومناصرين ومزيدا من التقدم على طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية المخرج الوحيد والأوحد ... للخروج من الأزمة المستعصية بالساحة الفلسطينية .
بقلم/ وفيق زنداح