إلى مدراء الانقسام الفلسطيني : " من منكم بلا خطيئة فليأتي وليرجمني بحجر"

بقلم: حسن عطا الرضيع

عندما تريد أن توجه انتقاد ناعماً أو لاذعاً لصانع ومتخذ القرار السياسي والاقتصادي , أو على صعيد أقل انتقاد مُحاضر جامعي (غالباً يُميز في العلاقة بين الجندر حيث الابتسام هنا والغضب والتعامل بجلافة هناك) , أو رئيس قسم أو إداري بالجامعة (في ساعات العمل يكون متمتع بلعبة الكوبة وسوليتتر العنكبوت وبعلاقاته المميزة مع وحدة تكنولوجيا المعلومات يتمتع بساعات أطول على حسابات التواصل الاجتماعي فيس بوك, في حين يؤجل أوراق ومعاملات الطلبة الذين هم بحاجة لكل دقيقة في الحصول على معاملاتهم وخصوصا الشهادة الجامعية التي تحتاج إجراءاتها وفك أسرها لفترة 2-3 شهر (الوقت عامل محايد عند البيروقراطية في بعض الجامعات الفلسطينية), في حين لا تحتاج لأكثر من أسبوع, و لكن رئيس القسم لا يوجد عنده رغبة بالتوقيع أو غير متفرع لعقد جلسة القسم, وكذلك عميد الكلية ومن ثم رئيس الجامعة في سفر دائم لعمل تؤأمة مع جامعات بالخارج أو استغلال جواز السفر الدبلوماسي للتمتع بالخارج باسم طلاب الشعب الفلسطيني النازف تحت وطأة / مطرقة الاحتلال وسنديان الفقر والحرمان, حيث يبدأ المانحون بالبكاء وقولهم " كلنا فلسطينيين " وتقديم المنح والمساعدات المالية التي تذهب لشرائح من الطلبة بعيداً عن المصداقية وتلعب العلاقات والشللية والانتماء السياسي الدور البارز في ذلك ), أو عميد كلية, أي انتقاد مسئول عن إصدار وصنع قرار_ كلاً في مكانه وموقعه الذي يفعل كل شئ للبقاء عليه " أي أن يقلد دور أبناء وأحفاد عاشور في الفيلم السينمائي المصري مدارس عاشور " وتحويلها لاحقا لمزرعة خاصة به " انظروا ممالك الجامعات والمؤسسات, فتجد كل مؤسسة عبارة عن مملكة لفلان أو منطقة محددة" وكل ذلك بعيدا عن العمل المؤسسي تشعر بأن ما يُدار عبارة عن مزاجية وعلاقات شخصية _ من خلال رده على الانتقاد تشعر بأنه يريد أن يقول لك , كلنا بشر كلنا نخطئ , ومن منكم بلا خطيئة فليرجمني بحجر تخليداً للقول الخالد للسيد المسيح عليه السلام, في بعض الأحيان يُشعرك بأنه لا يخطئ ومعصوماً إذا كان الانتقاد ممن يخالفه الرأي, وفي أحسن الأحوال يعترف بالخطأ ولكن بدون تعميم أي أن يبقى بين اثنين لحكمة مفادها اعترافك لأكثر من واحد بأنك مخطأ اعترافك للجميع بأنك أخطأت أي تستحق أن تُرجم بحجر وبمفهوم القرن الحادي والعشرين يُعاقب ويعُقد له مجلس تأديب وإنذار بالفصل أو تجميد راتبه لشهر أو أثنين .
بعيداً عن لغة الرجم بالحجر وكتم الأفواه, هناك حق مُقدس لكل شخص بالانتقاد " من حقي أن أشرب الماء من بئر القرية النائية دون أخذ موافقة مختار القرية, حيث أن العطشان هو فقط من يشعر بظمأ العطش وليس المختار الذي يتوفر إليه كل وسائل العيش الكريم".
أينما وجدت حرية بالانتقاد فاعلم أن هناك صيرورة تغيير ونمواً في وعي المجتمع حتى لو كان وعياً زائفاً فمن يتمتع بالحرية لفترة حتى لو كانت محدودة وجزئية وأقصد هنا الفيس بوك ( العالم الافتراضي الأكثر تأثيراً ), فسيطلب مساحات أوسع للحرية هذه هي روح الحرية , وتلقائياً سينتقل المجتمع برمته من الوعي الزائف لدرجات أرقى من الوعي الحقيقي الذي كفلته له كل الشرائع السماوية وقوانين الإنسانية منذ آلاف السنين , ذاك الوعي سيتحول إلى ضغط شعبي ومطالبة بحقوق أوسع , إلى أن تصل إلى موقف شعبي من إعادة النظر بالنظام السياسي والاقتصادي للأراضي الفلسطينية وتجديد الشرعيات المفقودة ( إذ كل الشرعيات الموجودة غير شرعية تعمل بدون رضاء شعبي, الرئيس , الحكومة , التشريعي, المجلس الوطني, مجالس بلدية والحكم المحلي, محافظين المحافظات, مجالس اتحاد الطلبة وغيرها).
سؤال يراود الكثيرون : ما مدى الرضا الشعبي في الأراضي الفلسطينية للشرعيات القائمة ؟
تقول الحكمة الإنسانية" أدفع حياتي كلها ثمناً للرأي والرأي الآخر" .
الحكمة الفلسطينية تقو ل" خذوا مني كل المناصب والمكاسب وغنائم المعاناة ولكن اتركوا لنا حرية التعبير عن الرأي فهي كفيلة بانصياعكم لاحقاً لمن تحاولون انتزاع حريته وكرامته لا لشئ سوى لتعميم ثقافة الانضباع ".
مختار القرية ليس بحاجة لماء البئر حيث يُعتبر مالكه بالاغتصاب , عوائد هذه الملكية تعزز مكاسبه الفردية الرثة , في حين أن سكان القرية لا يمتلكون الماء رغم توفره بكثرة (يُحرم الأغلبية من موارده وحقوقه لصالح حفنة من الأقلية), لذلك ‫#‏بهمش‬ لو قام سكان القرية النائية بالاستفادة من ماء البئر دون الموافقة الخطية من المختار الذي لن يسمح بذلك إلا عبر هاشتاق عبر الفيس بوك وهو #سلموا_البئر.
ضحايا الانقسام, وفقراء الأراضي الفلسطينية المُحتلة يطالبون بضرورة تسليم البئر وتعميم الاستفادة المجتمعية من ماء القرية , إذ يقول الرسول "ص" : الناس شركاء في ثلاثة الماء, والكلأ والنار, وبهذا المعني فنحن بحاجة لاستلام البئر لتوزيع عوائده على الصالح العام.
وفي الختام فإن الإنسان احتياجات ومن أبرزها ضرورة التمتع بمياه البئر الموجودة في قريتي النائية الفقيرة والجريحة دون أخذ تصريح خطي من مختار القرية, ولكن يمكن قبول القاعدة التي تنص على وجود حرية تُغني أفراد القرية على التفكير بمثل تلك الحقوق وهي الحالة التي يكون هناك رضاء كبير من سكان القرية لمختارهم الذي عُين في منصب يمثل مغرم له وليس مغنم حيث أن البئر قد نضب وجف بسبب أخطاء الماضي المتمثلة بالتسريبات .
البئر : هنا أقصد به المال العام .

حسن عطا الرضيع