هذا التحالف العسكري الإسلامي الذي شكلته السعودية من (34) دولة إسلامية لمحاربة ما يسمى بالإرهاب لكون الإرهاب حسب البيان الصادر" يشكل انتهاكاً خطيراً لكرامة الإنسان وحقوقه،ولا سيما الحق في الحياة والحق في الأمن ولا يمكن تبرير أعمال الإفساد والإرهاب بحال من الأحوال،ومن ثم فينبغي محاربتها بكافة الوسائل".
بداية معظم ان لم يكن جميع الدول المتشكل منها هذا التحالف تنتهك كرامة الإنسان وحقوقه،ومجرد شاعر أو كاتب يلقي قصيدة او يكتب مقالة يحكم بالإعدام او الحبس مدة طويلة لا تقل عن عشرين عاماً،والشاعر الفلسطيني أشرف فياض المحكوم بالإعدام في السعودية على قصيدة أو ما يقال عن ترويجه لأفكار الحادية او سب الذات الإلهية خير مثال على ذلك،ناهيك عن ان معظم تلك البلدان تمارس كل أشكال القمع والتنكيل وإمتهان الكرامة بحق مواطنيها،حيث غياب الحريات العامة والشخصية وغياب التعددية الفكرية والسياسية،ناهيك عن البطش والتنكيل والسجن والنفي بحق المعارضين وحتى تعليقهم على أعواد المشانق،وغياب الشفافية والمساءلة والمحاسبة،ناهيك عن ان بعض تلك البلدان لا تسمح بقيام أو تشكيل احزاب سياسية،أما عن محاربة الفساد فهنا الكذبة الكبرى،فمن سيشكل هذا التحالف دولة كاملة على اسم أسرتها وعائلتها،وهي مزرعة واقطاعية يتوارثها الأبناء عن الأباء،وما ينسحب على السعودية ينسحب على بقية مشيخات النفط والكاز،وبقية الأقطار المتشكل مها هذا التحالف،والتي هي مرتع للعصابات والمليشيات والمافيات الصومال نموذجاً.
في حين قضية محاربة الإرهاب هنا تستدعي منا التوقف والتامل أمامها،فهل التحالف المدعو بالإسم عربياً ويمارس كل أشكال القتل والدمار والإرهاب بحق أطفال اليمن إرهاباً أم لا ..؟؟ لمجرد كون اليمنيين يريدون نظاماً سياسياً يعبر عن همومهم ومصالحهم وإرادتهم،ويحارب الفساد والتفاوت الطبقي وغياب العدالة الإجتماعية..؟، وأن ينتشل اليمن من الجهل والفقر والجوع،ويحدث نوعاً من التنمية تسهم في التقليل من نسب البطالة،فهذا النظام او القيادة لا يمكن القبول بها من قبل السعودية وما يسمى بالتحالف،فهي تخرج من تحت العباءة السعودية،ونجاح التجربة اليمنية من شأنه تهديد حالة الإستقرار السائدة في المجتمعات الخليجية القائمة على التوريث والنهب والتحكم في رقاب الشعوب بالحديد والنار، وما هو مطلوب سعودياً وخليجياً أن يكون النظام فاسد ومغرق بالفساد كرتوني مدار من قبل مشيخة آل سعود عندها يكون نظام ديمقراطي ويعبر عن إرادة اليمنيين وتطلعاتهم..؟؟
وهل توفير البيئة الحاضنة التي ضخت و"فقست" الجماعات الإرهابية بكل تشكيلاتها من قاعدة ومتفرعاتها من "داعش" و"نصرة" و"جند الشام" و" أحرار الشام" وغيرها من الكتائب والتشكيلات الإرهابية التي تمارس القتل والذبح بطرق وحشية لم يعرفها التاريخ البشري حتى في عصر الظلمات والتدمير والذي طال حضارات عمرها ألآلاف السنين كما حصل في العراق وسوريا وليبيا،محاربة للإرهاب هذا،أم هو الإرهاب بحد ذاته..؟ وليس هذا فقط بل يجري ضخ احتياط بشري وفتح قنوات مالية على مصرعيها وشراء أحدث انواع السلاح لتلك الجماعات لكي تدمر البلدان العربية،وتطيح بقادتها وحكوماتها رغماً عن إرادتها خدمة لمشاريع واهداف مشبوهة أقلها تفكيك واعادة تركيب الجغرافيا العربية على أسس مذهبية وطائفية....وهل هذا أيضاً محاربة للإرهاب أم دعم له ..؟؟وهل إحتضان واستضافة الجماعات الإرهابية تحت مسميات المعارضة السورية اكثر من مرة في عواصم المشيخيات الخليجية،أليس دعماً وتشجيعاً وجوائز مجانية تمنح لتلك الجماعات على ما ترتكبه من جرائم في أكثر من بلد عربي،وبالذات في سوريا والعراق؟؟؟.
أنا لا أعرف هذا التحالف المتشكل من (34) دولة إسلامية،ألم يسمع بأن هناك قدس محتلة تهود وتأسرل،ناهيك عن ان المسجد الأقصى الذي يتعرض لإنتهاكات وإقتحامات من قبل الجماعات الإستيطانية والتلمودية والتوراتية يومياً،والتهديد العلني بهدمه وإقامة مكانه ما يسمى بالهيكل المزعوم،هل هذا التحالف له علاقة بذلك..؟؟،ام ان هناك من يفتون بعدم جواز خوض الحرب أو الجهاد هنا من أجل حمايتها وتخليصها من الإحتلال،وان أجزم بأن هذا التحالف ليست فلسطين ولا القدس من اولوياته،أو بالوارد مساندة شعبها واهلها،فهذا التحالف له أبعاداً مذهبية،وهناك من يبثون السموم من قادة هذا التحالف حول أن اولويات الصراع العربي،هو وقف التمدد الشيعي والفارسي،في تشويه وتزوير للحقائق وحرف للصراع عن أساسه،من صراع عربي – إسرائيلي إلى صراع عربي- فارسي،ولم تعد القضية الفلسطينية اولوية عند أغلب دول هذا التحالف،وخصوصاً ان جزء غير بالقيل من هذا التحالف يقيم علاقات علنية وسرية مع دولة الإحتلال امنياً وسياسياً ودبلوماسياً،وهناك من يسعى لنقل تلك العلاقة من الجانب السري الى الجانب العلني كما هو حال الإمارات العربية.
والطامة الكبرى بأن من أرضه محتلة ويتعرض للإرهاب من قبل دولة الإحتلال،ينضم لمثل هذا التحالف،هذا التحالف الذي ستكون جزء من جيوشه موظفة في معارك وحروب ضد انظمة عربية،أنظمة ترفض البقاء تحت مظلة العباءة الأمريكية والغرب الإستعماري،هي تريد ان تعيد تلك الدول الى بيت الطاعة،بعد ان يجري تدميرها وتحويلها الى دول فاشلة كما هو حال الصومال وليبيا والسودان والمشهد ليس بالبعيد في العراق،وبما يسهل تقسيمها على أسس مذهبية وطائفية،ويحولها الى كيانات اجتماعية هشة،مرتبطة بأحلاف امنية مع أمريكا وإسرائيل والغرب الإستعماري،ولا تمتلك سيطرة على ثرواتها وقرارها وتدار اقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي.
نحن نقول بان توحيد الجهود في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله ظاهرة ايجابية،ولكن تشكيلة هذا التحالف الإسلامي وإستبعاد ايران والعراق منه،يجعلنا نتوجس ونتشكك بأن من اهداف تشكيله قد يكون المشاركة في إحتلال العراق وإعادة تقسيمه مذهبياً وطائفياً،وقد تواجه سوريا ولبنان نفس المصير،بالإضافة الى محاصرة إيران وزيادة العداء لها،والأيام القادمة ستكشف الأهداف الحقيقة لهذا التحالف،وكنا نتمنى على السلطة الفلسطينية ان تلتفت الى واقعنا وقضيتنا وما يتعرض له شعبنا،بعيداً عن الزج بنا في محاور وتحالفات من شأنها أن لا تخدم لا قضيتنا ولا شعبنا ولا وجودنا على أرض الدول المجاورة.
بقلم/ راسم عبيدات