طالما أننا بشر ..ونعيش على هذه الأرض ولنا أنفاس في هذي الدنيا ،فلابد أن نخطيء ،وبالتالي لا يمكن أن نتجاهل كلمة "آسف" أو " اعتذار" لمن نسيء إليهم ،أو الذين أحبونا بصدق ، فابتعدنا عنهم دون أدنى أسباب ،ووضعناهم على هامش صفحة حياتنا ..لكني أنتقد بشدة الذين لا يعترفون أبدا بخطاياهم تجاه الآخرين ،وكأنهم يخوضون حربا مفتوحة في تعاملاتهم مع الآخرين ،وأن عليهم أن يظفروا بكل معاركها ..إن تصور أولئك القوم أن تلك حذلقة وعبقرية ورجولة.. فهم مخطئون حقا ..ليس في حق الآخرين فحسب ،ولكن في حق نفوسهم الشاذة ،وأنه يجب عليهم زيارة أقرب طبيب نفسي ليعالجوا أنفسهم المريضة..الغير متوافقة مع طبيعة الواقع ..وأغرب ما أسمعه عندما يقول شخصٌ لآخر أخطأ في حقه بكل تبجح وصفاقة بعد أن أخذته العزة بالإثم... فيكتفي بقوله فقط ..معك حق.. لكن لا تفهم أن معنى ذلك.. هو أني أتأسف لك ..فأني لا أحب الاعتذار أو الأسف.. لأني أشعر عندما أتأسف بأني كالتلميذ الفاشل الذي يطأطئ رأسه خجلا،أو خوفا عندما يسأله معلمه عن حل الواجب ..!والمصيبة انه يفتري على الدين،بزعمه العلم ، فيقول أن ذلك ..هو من هدي النبوة مستشهدا بالحديث الذي روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: إِيَّاكَ وَكُلَّ أَمْرٍ يُعْتَذَرُ مِنْهُ. ففسر معنى الحديث على هواه آخذا بظاهر القول ،وما أكثر مثل هؤلاء الناس في أيامنا .. المهم انه يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الاعتذار مطلقا،والرسول عليه الصلاة والسلام براء مما زعم مع أن المعنى الصحيح هو أن الاعتذار عن الخطأ مشروع، وأمرٌ محمودٌ ولكن المذموم هو ارتكابنا ما نحتاجه معه إلى الاعتذار عنه، وهذا فيه صيانة لدين الإنسان، وكرامته ،ولو علم مثل أولئك المرضى أن الاعْتِذَارُ يُصَفِّي الْقُلُوبَ..ويطهرها كما حبات المطر عندما تغسل ذرات الغبار والسموم من أجوائنا العكرة ،على كوكبنا الأرضي ..!،ولو علم أولئك القوم أن .. الاعْتِذَارُ يَقِي النَّاسَ مِنَ الهَلاَكِ وأنها بداية الطريق الصحيح لتقويم النفس المغرورة والمتغطرسة.. لما قالوا ذلك أبدا .. لكنها ثقافة بعض مجتمعاتنا المتخلفة ، وموروثاتنا السلبية التي تشجع على الحقد والكراهية.. فترضعنا منذ الصغر بثقافة عدم الاعتذار ..!!
بقلم /حامد أبو عمرة