المنطقة.... ما بين التحالفات .. والمتغيرات!!

بقلم: وفيق زنداح

تشهد الساحة الاقليمية والدولية ....حركة دؤوبة ومستمرة ....في ظل ما يجري من أحداث متلاحقة ومتسارعة ....كانت بداياتها ما جري علي تسميته بثورات الربيع العربي... وما انتابها من فشل ذريع ....أصابها في مقتل..... لفشل من حاول الايهام والتصدر لمشهد تلك الثورات..... وما ثبت من تحالفات داخل بعض الساحات العربية.... تحالفات لم تكن قائمة ....علي مصلحة البلاد والعباد ...ولكنها تعبيرا عن انتهازية سياسية ...ومصالح حزبية ارتباطات.... وفق اجندات خارجية.... جعلت من المشهد برمته ...مشهدا فاشلا... غير قادر علي التعبير عن نفسه ...حتي أنه لم يعد قادرا أن يحقق أي نتائج ديمقراطية.... في أي عملية انتخابية جرت.... أو يمكن أن تجري داخل تلك الدول .
المشهد السياسي للمنطقة.... وما تم التعبير عنه من نخب متناحرة ....وقوي سياسية لم تستطع ان توفر أدني مساحة للتوافق..... بل تركت نفسها للصدام مع بعضها البعض ....لأسباب ذات علاقة ببعض الأجندات ....والتي أحدثت حالة من الفوضى..... التي تماشت وتلاءمت مع ما تم تخطيطه واعلانه حول الفوضى الخلاقة الامريكية ...ومحاولة تقسيم المقسم.... وتجزئة المجزأ.
حالة الصدام الحاصل داخل العديد من المناطق.... لا يخرج عن اطار ما هو مخطط ومدبر بتوقيتاته الزمنية ...والمكانية ....وبمجمل أسبابه ....وما حدث من نتائج تعصف ببعض الدول والشعوب التي أدت الي تهجير الملايين..... في اطار ما هو مخطط لإعادة توطين الشعوب..... في واقع أخطر المؤامرات.... التي لا زالت تنسخ خيوطها ....وتنفذ عبر المجموعات الارهابية لإرباك المنطقة ....والتعجيل بسقوط بعض الانظمة..... من خلال ارهاب منظم للتخريب والتدمير ....ومحاولة مستمرة... لوقف عجلة الانتاج والتنمية وزيادة الأعباء علي الشعوب .
التحالفات ومنذ حلف بغداد في منتصف خمسينيات القرن الماضي .....والمنطقة تشهد بعض التحالفات التكتيكية..... ولم تصل دول المنطقة الي درجة التحالف الاستراتيجي برغم كافة التهديدات المحدقة بدول المنطقة.... والتي تهدد سلامة أراضيها وثرواتها ....الا أن طبيعة الأنظمة ومصالحها وارتباطاتها بقوي خارجية.. أهمل الكثير مما يجب عمله لمصلحه المنطقة .
الا أن حالة الارهاب الاسود ....التي عصفت ببعض دول المنطقة.... وحتي وصولها الي عواصم الدول الاوروبية.... فرض نفسه علي دول المنطقة ....وغيرها لإعادة رسم خارطة التحالفات.... والاهداف المعلنة.
التحالف السعودي الاسلامي لمواجهة الارهاب.... له مغزي التأكيد علي الشروع بمحاربة الارهاب داخل المنطقة ....والتأكيد ثانيا علي عمق المصالح وترابطها ما بين دول التحالف والتي فرضت عليهم الاعلان عن هذا التحالف بصورة لم يكن تمهيد لها ....علي اعتبار أن القوة العربية الاسلامية لمواجهة الارهاب واجتثاثه ...وتجفيف مصادر تمويله ستكون من أولويات دول التحالف .
أيا كانت النتائج المترتبة علي مثل هكذا تحالف عربي اسلامي ...تبقي الفكرة وتطبيقها ....خطوة هامة علي الطريق ....حتي وان كانت متأخرة ...لكنها خطوة الألف ميل لمواجهة كافة تحديات الارهاب ...وما يحاك للدول من مخططات تستهدف وجودها .....وخيرات بلادها .
لم تتوقف الساحة العربية ....والمشهد السياسي بما جري من تحالف سعودي عربي اسلامي ....ولكن هناك تحالف أقدم ...وذات تجربة عملية..... أكدت نتائجها بهذا الحلف الايراني السوري ...وربما العراقي وبمشاركة حزب الله اللبناني ....وبدعم من موسكو وبكين ....والذي قلب موازين القوي الميدانية.... كما وقلب موازين القوي السياسية ...بعدما صدر من قرار مجلس الامن الاخير... حول الملف السوري وضرورة انهاء الازمة ....وفق الحل السياسي وأن تكون هناك فترة انتقالية.... تجري عندها الانتخابات ليقرر الشعب السوري رئيسه ....وهذا ما يعيد الملف برؤمته الي أصله وجذوره ....ما قبل 5 سنوات .....وما كان يقال ويردد.... دون أن تستمع القوي المتآمرة علي سوريا لمثل هذه الاقوال .....اتركوا سوريا للسوريين ...واتركوا السوريين يحددون رئيسهم ....لم يكن يريدوا أن يستمعوا ...وفضلوا التدمير والقتل والتخريب.... لكنهم بالنهاية فشلوا..... وعادوا الي حيث هم حائرون.... ما بين المكابرة والاستمرار.... وما بين الاعتراف بالخطايا .....وفي كلا الاحوال فالرئيس السوري بشار الأسد لازال بقصر الشعب يزاول مهامه رئيسا للجمهورية العربية السورية .
سقطت كافة الشعارات ....والعبارات.... والاقنعة الامريكية.... والاوروبية.... ومن لف بلفيفهم وعلي راسهم تركيا وقطر.... لتبقي دمشق عنوان المرحلة القادمة ....وليبقي الرئيس الاسد.... عنوان الصمود والتحدي.... والذي وقف بشموخ عربي قومي ومع شعبه وجيشه العربي السوري ....رافضين لمؤامرة الهيمنة والتغيير بقوة الارهاب..... الذي لازال علي الارض السورية ....والذي يحتاج الي كافة الجهود لاجتثاث بؤره... وتدمير قواعده ...وقطع طرق امداده ...وهذا ما كان.....و ما عملت عليه القيادة الروسية برئاسة بوتين ....والتي استطاعت بدعمها.... وقوة ضرباتها أن تغير مجري القتال.... كما وغيرت مجري السياسة ....والمواقف .
سقط الرهان الامريكي علي سقوط الرئيس الاسد ....كما سقط الرهان الامريكي علي بقاء الرئيس المعزول محمد مرسي ..رهانات خاسرة للسياسة الامريكية ....لم تسفر الا علي المزيد من اضاعة الوقت.... والمكلف بدماء الأبرياء .... وتهجير الملايين ....وتدمير مدن بأكملها .
كما سقطت الرهان الامريكي ...سقط الرهان التركي القطري ....والذين اصبحوا لا يعرفون الي أين يذهبون .....فما كان من تركيا الا أن ذهبت الي تل أبيب ...لتحدث قواعد علاقات جديدة واضافية فيما بينهم ....علاقات قائمة علي ما هو جديد ....ومستجد ....في ظل تركيا المحاطة بمجموعة من الدول ...سوريا العراق روسيا وحتي ايران ....مجموعة الدول الداعمة لسوريا وعلي أقل تقدير المختلفة مع أنقرة.... حول العديد من القضايا ....فلم يكن أمام تركيا الا أن تعود الي القديم الجديد بعلاقاتها الاقتصادية والامنية والعسكرية..... وارتفاع منسوب علاقاتها السياسية بما يخدم المصالح التركية.... وبالتأكيد المصالح الاسرائيلية ....وهذا ما يعيد الي الاذهان مصالح السياسة ...وسياسة المصالح..... وما بينهما....و ما يجب علينا أن نفعله ....وأن نجهز أنفسنا له..... بأن لا نكون في أي مربع من المربعات ....بل أن نكون مع شعبنا وقضيته ومصالحه العليا .
أما قطر..... فيبدو أنها لا زالت تمسك بجملة العلاقات مع بعض القوي المتطرفة ....بعد أن أصبح الملف الليبي علي قائمة حكومة الوحدة الوطنية ....ما بعد الاتفاق الذي أبرم بالمغرب ....مما يجعل من قطر بمفردها في ظل غياب ظهيرها التركي ....ولا نعرف قادم الايام ...وما يمكن أن تكون عليه المواقف ...وما يمكن أن يستجد من مواقف قطرية.... يمكن أن تحدث انفراجا ...وخاصة بالملف الفلسطيني.... ذات العلاقة بالانقسام .
مصر وثورة 30 يونيو.... واستكمال خارطة الطريق المصرية ....ما بين انتخابات البرلمان المصري ...وما جري من أحداث متلاحقة وتحالفات داخل الساحة العربية ....وما جري علي صعيد الملف السوري من متغيرات بالمواقف ....يؤكد أن مصر بسياستها ومكانتها ودورها ونظرتها المستقبلية.... قد تعاطت مع كافة الملفات .....بكل قدرة واقتدار.... ومعرفة أكيدة بحقيقة الملفات المطروحة علي الساحة ....وهذا ما يؤكد حكمة القيادة المصرية .....وقدرتها المركزية داخل المنطقة .
أمتنا العربية بحاجة لرسم خارطة المنطقة ..من خلال قوة حامية ...وتنمية مستدامة ....ونهوض بحالة الامة .....واستنهاض طاقاتها ....وامكانياتها .....ومحاربة الارهاب الأسود ...وقطع دابره ...واجتثاثه ...حتي تتمكن دول وشعوب المنطقة من العيش... والرخاء.... وتحقيق الأمن والسلام .
الكاتب : وفيق زنداح