حين يعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالرد على جريمة اغتيال الشهيد سمير القنطار فمعنى ذلك أن الرد قادم ، خاصة وان السيد حسن نصر الله ينطبق عليه الحديث الذي مضمونه (أيه المؤمن ثلاث إذا حدث صدق وإذا وعد وفي وإذا اؤتمن أدي الامانه)
وإذا تمعنا في مضمون خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمة القول الفصل في خطابه يوم الاثنين 21/12/2015 فان الرد قادم وان الحساب قائم ومفتوح بين حزب الله وإسرائيل وأعاد تكرار ما قاله في بداية العام 2015 عقب اغتيال مجموعة القنيطرة ، حيث أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه 30/1/2015 أن الاحتلال الإسرائيلي يتصرف باستكبار وفساد وعلو وعنجهية ففي الأشهر الماضية كانت مجازره ترتكب في قطاع غزة واستباحة المقدسات وتهديد الأقصى المبارك واغتيال المجاهدين في القنيطرة. وأضاف في حينه إن عملية القنيطرة وضعت "إسرائيل" منذ اللحظة الأولى لارتكابها في وضع مرتبك جداً رغم اتخاذها قراراً من أعلى المستويات العسكرية بتنفيذها، مشيراً إلى أن إسرائيل رغم تنفيذها لعملية الاغتيال لم تجرأ على الاعتراف بارتكابها للجريمة. وفي خطابه عقب اغتيال مجموعة القنيطرة أكد السيد حسن نصر الله أن حزب الله هو وحدة من يتخذ قرار الرد لا يستطيع أحد أن يفرض عليه القرار والجميع لا يرضى لحزب الله أن يهان أو يذل أو تسيل دماء مجاهديه أمام عينيه دون أن يفعل شيء.
واليوم وفي ظروف مشابهة للامس فان السيد حسن نصر الله في خطابه أكد أن الرد سيكون في المكان والزمان الذي تراه المقاومة مناسبا ، وكرر وأكد أن الشهيد سمير القنطار هو احد قادة مقاومة حزب الله وان الحزب سيثار من الإسرائيليين في اغتياله ،
الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله لم يكن في خطابه منفعلا ، ولم تكن هناك نبرة للخطاب انفعاليه أو عاطفيه وقد اتسمت كلمات الأمين العام لحزب الله بالمنطق والعقلانية والغموض في آن واحد ، إذ لم يحدد السيد حسن نصر الله في خطابه طبيعة الرد أو حجم الرد مما دعا المراقبين والمحللين يجدون ويجتهدون في التحليل والتأويل والتفسير في كلمات القول الفصل للسيد حسن نصر الله ،
مضمون الخطاب للسيد حسن نصر الله أن هناك حسابات يجب الأخذ بها وفق تغير المعادلات وتغير موازين القوى ومع ذلك فان الرد قادم ، رغم التطورات الداخلية اللبنانية فقد انشغلت الأوساط الداخلية والاقليميه على وقع التطورات المترتبة على اغتيال الشهيد سمير القنطار ، حيث يتابع الجميع ماهية ردّ حزب الله، على عملية الاغتيال، ووفق المتابعون من قيادات عليا لم يبق سفير منذ أول من أمس وأجرى اتصالات مع الحكومة اللبنانية أو مع مقربين من حزب الله أو على تواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والكل يطلب أن لا يصعّد حزب الله الرد، أو أن يضبط النفس كي يصار إلى إجراء الاتصالات، وذهب البعض من السفراء والدبلوماسيين العرب والغربيين إلى اتهام إسرائيل كونها هي من تقوم بالتحرش بحزب الله وتنفيذ اغتيالات، ضدّ كوادره وعناصره او استهدافه في سوريا.
الدبلوماسيون الغربيون المنشغلون بالتفتيش عن ردّ المقاومة الإسلامية، يريدون حصر الموضوع بالردّ السياسي وفق المعلومات وإذا لم يقتنع حزب الله وهو المرجح لديهم، فإنهم يعملون على حد ما يقولون على حصر الانفعالات كما أسموها وعلى عدم فتح جبهات قتال في لبنان، وان الأمم المتحدة تشارك بفعالية بهذه الاتصالات وهي إما اتصلت بمعنيين في حزب الله أو ستتواصل خلال الساعات المقبلة، مع أن الجميع منهم مقتنعون أن حزب الله لن يمرر عملية الاغتيال مرور الكرام وسوف يأخذ كامل الوقت ليختار الهدف الصحيح، ليأتي الرد بمستوى الاعتداء وما نتج عنه.
ووفق كل المعطيات الدولية والاقليميه تستوقفنا التنبؤ في طريقة الرد وطبيعته فهل سيكون الرد على حدود هضبة الجولان أو في قلب الجولان السوري أو حدود مزارع شبعا أم أن الرد سيكون في العمق الإسرائيلي ،
هذه جميعها فرضيات يأخذ بها الإسرائيليون ويبدوا من هدوء الخطاب للسيد حسن نصر الله ونبرته أن حزب الله يحضر لرد قد يكون قاسيا ورادعا واغلب الظن أن يكون الرد خلال مدة الأربعين يوما من تاريخ استشهاد الشهيد سمير القنطار لان في مدلولات خطاب السيد حسن نصر الله ووعده سأطل تباعا على الشاشة في الأيام والأسابيع القادمة ومخاطبة جمهور حزب الله وجمهور المقاومة هذه لها دلالات وان الإطلالات لن تكون في فراغ ولن تكون من فراغ لان عدم الرد له انعكاس على جمهور حزب الله خاصة وان إسرائيل تحدت حزب الله وإيران وسوريه والتحدي الأكبر كان لروسيا ،
وقد أجمعت وسائل الإعلام العبرية على أن المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي على حد سواء انتظروا خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وعقب الخطاب مباشرة، نشرت معظم الصحف العبرية الهامة تحليلات لفحوى الخطاب.
عاموس هرئيل المعلق العسكري لصحيفة هآرتس قال " تقريباً في كل المرات التي هدد فيها نصر الله إسرائيل، صدق في بوعده ونفذ تهديداته".
وخلص هرئيل قائلاً " ليس من المتوقع أن يرد حزب الله على إسرائيل على نحو قد يؤدي لاندلاع حرب، ولكن حزب الله لن يقامر بشرفه بالتنازل عن رد ملائم".
المعلق العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت رون بن يشاي كتب معلقاً على خطاب نصر الله " إذا ما جرت الأحداث وفق القوانين المعمول بها منذ سنتين فان انتقام حزب الله على اغتيال سمير القنطار مسألة وقت لا أكثر ".
أما روني دينيال محلل الشؤون العسكرية في القناة الثانية من التلفزيون الاسرائيلي فقال " بعد الاستماع لخطاب حسن نصر الله المستوى السياسي والعسكري توصلا إلى قناعة تفيد أن رد حزب الله قادم لا محالة".
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب: إن إسرائيل اختارت اغتيال القنطار في توقيت وزمان مثالي بالنسبة لها، فتمت العملية على العاصمة السورية دمشق، لتكرر تأكيدها على الخطوط الحمراء التي وضعتها أمامه، وفي توقيت ينخرط فيه حزب الله بحسب مزاعم إسرائيل في الحرب الأهلية بسوريا وفي مثل هذه الحالة فإن فتح حزب الله معركة مع الجيش الإسرائيلي ستكون هدية من ذهب لإسرائيل، فمعظم قوات الحزب طبقا لتقديرات إسرائيل الاستخبارية منخرطة بالحرب في سوريا أو مكرّسة لحماية التجمعات السكنية الشيعية والمقرات العسكرية في لبنان، وجيش دولة عظمى ليس من السهل عليه خوض حرب على جبهتين في لحظة واحدة.
وأضاف ابو عرقوب لزمن برس، "انطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية بينامين نتنياهو عندما صادق على قرار اغتيال القنطار من فرضية رئيسية هي "حزب الله في وضع لا يحسد عليه، إن قرر الرد على اغتيال القنطار فإنه سيجد نفسه في خضم حرب غير مستعد لها، وإن صمت على الاغتيال فإن شعبيته ستتراجع أكثر، ويفتح شهية إسرائيل لمزيد من الاغتيالات، ولكن تراجع الشعبية بالإمكان معالجتها لاحقاً لذلك فإن التقديرات السائدة لدى إسرائيل تشير إلى أن حزب الله سيرد على اغتيال القنطار بشكل محدود جدا".
القضية باختصار أن الجميع ينتظر رد حزب الله ماذا سيفعل وكيف سيكون في زمانه ومكانه وهل سيكون له طبيعية إستراتيجية أو تكتيكية، هذا ما سيحدده حزب الله في المقبل من الأيام، والى ذاك الحين ستبقى إسرائيل في حالة استنفار وسوف تبقى «ململمة» ضباطها الكبار، حتى انجلاء الردّ والنظر الإسرائيلي والغربي إلى طبيعته التكتيكية أو الإستراتيجية مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية، لم تغفل أن حزب الله لم ولن يقفل الحساب المفتوح منذ الأساس معها.
بقلم/ علي ابوحبله