في زمن الإنبطاح والإنحطاط هذا الذي بلغ النظام الرسمي العربي فيه درجة من العجز لم يعد ممكناً معها عقد قمة عربية استثنائية على مستوى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ، ولو أضعف الإيمان التصدي اللفظي لا العملي لغطرسة الإرهاب الإسرائيلي المدعوم من الادارة الأميركية ، نرى أن القدر يحتم على كل واحد منا أن يبقي يده على "زناد قلمه" من اجل دعم الانتفاضة الشعبية وشهدائها الأبرار الذين يسجلون طريق النصر القادم بالشهادة والإستشهاد، جيل فلسطيني يقود نضاله بالحجر والسكين والمقلاع والدهس دون تزييف أو تزوير، وان انتفاضة شباب فلسطين التي ترسم بدماء ابطالها عنوان العزة والكرامة والشهادة والإستشهاد ، نرى بعض الاقلام لم تفي باعطاء الانتفاضة حقها .
وفي زمن التردي العربي حيث يتصاعد الإرهاب الصهيوني بغطاء امريكي في ارتكاب جرائمه البشعة ، فباغتياله لنسر فلسطين سمير القنطار الذي شكل قدوة من الإقدام والشجاعة ، وهو ينقضّ على الاحتلال المدجّج بالسلاح بعملية نهاريا البطولية ، وكان قدوة ورمز للعربي واللبناني ومقاوما في سبيل فلسطين الأرض والقضية فهو لبناني – عربي – وفلسطيني في آن واحد ومتكامل، فما أروع أن يكون الإنسان كل ذلك فكان عند خروجه من الأسر حيث قال خرجت من فلسطين حتى اعود إلى فلسطين.
سمير القنطار باستشهاده ينزل على الانتفاضة وشبابها إلهاما جديدامن اجل مواصلة خيار الانتفاضة والمقاومة ، صحيح ان الشهيد القائد سمير القنطار اختار بارادته وبكل الاحترام من تنظيمه الذي كان ينتمي اليه حزب الله والمقاومة ، ولكن حبه لفلسطين أوالجولان كل ما يصطف دونها مجرد معابر ومسارب، فالمناضل سمير مجبولاً على أن يصل إلى تلك الضفة كي يقاتل، وهو يعلم سلفا أن مشروع النضال مزدحم بالألغام، ولعل فلسطين التي أحبها كانت عنوانه .
ونحن نعيش هذه الأيام غياب فارس من فوارس المقاومة وانتفاضة تكتب بدماء شبابها عنوان فلسطين ، نقول يجب على اصحاب الاقلام أن تكون اقلامهم تعانق الكلمة الحرة مع انتفاضة ومقاومة حرة ، كان يرى العالم من خلال القضية الفلسطينية ، وان الثورة نموذجاً لجيل فلسطيني كامل عبر عنه بنقاء ثوري أصيل، وان الانتفاضة هي الحضن الآمن لفكر المقاومة وممارساتها، وهذه الانتفاضة بحاجة الى انهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية لما تمثّله من قاسمٍ فكريٍ وسياسي مشترك بين جميع القوى والفصائل وباعتبارها الكيان السياسي والمعنوي والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
ونحن اليوم نقف امام عيد الميلاد المجيد يمر هذا العيد والدم الطاهر يتدفق من كل أوردة الوطن وشرايينه نزفا لحلمنا في غد يعطينا البشارة التي وعدنا بها السيد المسيح والروح القدس، ونحن نعتبر عيد الميلاد بأنه زمن الميلاد الفلسطيني، وهو زمن بحاجة ايضا أن نكون فيه مميزين كي يقتنع العالم بحقوق الشعب الفلسطيني اي حقه بالعودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، وحتى لا يكون قيام هذه الدولة العتيدة مجرد حلم
أو حتى سراب فهل هناك من يتمثل معاني هذا اليوم العظيم فيدلنا على طريق الآلام نقطعه مجددا لنتبع خطى سيد الخلق نحو الشمس، نحو الحرية، والأهم نحو الرحمة وامتلاك الروح المبشرة بميلاد نستعيد فيه زمام أمرنا ويستعيد فيه وجه فلسطين والأمة ضيائه وبهائه، ونمسح عن عيون الأمهات دموع اللوعة والحزن، نعيد لهن بسمة الحياة.
ليس بالغريب ولا بالمستغرب على اصحاب بعص الاقلام المسمومة الكتابة عن القائد المناضل سمير القنطار،حيث لم يكونوا في يوم من الأيام مؤتمنين على وطن او قضية،ولكن نقول لهم ان المناضل الكبير سمير القنطار عمل وخدم في الثورة الفلسطينية،ودفع ثلاثين عاماً من عمره في سجون الإحتلال من اجل فلسطين،وخرج بفضل حزب الله،ليستمر في النضال والمقاومة من اجل فلسطين ولبنان وسوريا والمشروع القومي ، فهولاء الكتاب لم يخجلوا عندما يكتبوا باقلامهم عن الشهداء ،ليس بالغريب عليهم أن يشتموا ويطعنوا في وطنية مناضل قضى في السجون عمراً أكثر من عمر انضمامهم للنضال الفلسطيني.
وفي ظل هذه الاوضاع نؤكد بأن الانتفاضة الفلسطينية تتميز مقارنة بسابقتها من خلال المواجهة مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، بالتالي فقد ادرك ابناء الشعب الفلسطيني ان كل مكسب يتحقق على طريق النضال هو مكسب للجميع في كافة الساحات، وانه يقرب ساعة الحق الفلسطيني، بعد ان فجر الشباب الفلسطيني المخزون الضخم من مشاعر الغضب في وجه الاحتلال، ليعلن ان لا خيار سوى خيار الانتفاضة.
وعليه، فان المرحلة التي تمر بها منطقتنا العربية، وقضيتها المركزية "قضية فلسطين " تتطلب جهودا فلسطينية وعربية مكثفة ومتواصلة لبرمجة الاطر و الأهداف واولويات دعم الانتفاضة الفلسطينية وتصعيد وتائرها، ودعم الصمود الشعب الفلسطيني في مقاومة الخطر الصهيوني الزاحف تجاه المنطقة العربية برمتها ، فان نضالات الشعب الفلسطيني عبر الانتفاضة الباسلة، تطرح على الاحزاب والقوى العربية تحديات كبيرة لاسناد الانتفاضة، وينطلق منها لآفاق نضالية ارحب نحو تحقيق الاهداف الرئيسية تتمثل في خلق مقومات الصمود والانتفاضة، والاسراع بوضع برنامج دعم لصمود الشعب الفلسطيني.
ختاما : امام الاعياد المجيدة نثق ان المستقبل الواعد تحمله سواعد شباب وشابات فلسطين رغم أنف الاحتلال عدو السلام والدين ، فبدمائهم يرسمون حدود فلسطين، ويصنعون باستشهادهم شهادة فلسطين يرسمونها حلما جميلا كما رسم الشهيد القائد سمير القنطار وكل شهداء فلسطين والمقاومة .
بقلم/ عباس الجمعة