صناعة التطرف اليهودي

بقلم: هاني العقاد

لم يظهر التطرف اليهودي اليوم فقط فكل تاريخ اليهود واحتلالها بلادنا مليء بحالات التطرف والعنصرية لكن المشهد اليوم يتكرر من خلال الصراع ,ومع هذا اصبح التطرف اليهودي صناعة معروفة ومفهومة و واضحة الاهداف والاستراتيجيات ,استمرت الصهيونية في هذه الصناعة لكن بمنحنيات مختلفة الوضوح والضبابية وبالتالي كانت اعلى منحنيات سجلها الارهاب اليهودي عندما انشأ اليهود كيانهم " اسرائيل " وتسابقت المنظمات اليهودية آن ذاك لسفك دماء الفلسطينيين وقتلهم وتسابقوا في هدم بيوتهم وتهجيرهم وبالتالي فان هناك المئات من المذابح سجلها التاريخ وكتبت في تحت عنوان " النكبة " , تلك المنظمات تشكلت على شكل عصابات لتحقيق السيادة اليهودية على ارض فلسطين مثل شتيرن , الهاجناه والبالماخ والارغون وتشكلت تلك العصابات بالتزامن مع ولادة الحركة الصهيونية العالمية و تعمدت هذه العصابات على تشكيل القوة العسكرية لحماية المشروع الصهيوني التوسعي واعتمدت اسلوب الارهاب كعامل استراتيجي بهدف تحقيق اهدافها وبالتالي ارتكبت الكثير من المجازر والمذابح والاغتيالات المخططة في القدس وما جاورها من بلدات وقري فلسطينية , ومرة اخري اليوم عاد اليمين الاسرائيلي الذي هو من ذات الفرع الارهابي لعصابات القتل والاجرام اليهودي المتطرفة وهيئ لها كافة السبل والظروف القانونية لتعمل على تنفيذ مخطط تحويل دولة اسرائيل الى دولة يهودية كاملة القومية .

يسجل التطرف اليهودي اليوم منحنيات غير مسبوقة بعد ذلك التاريخ قد تتساوي مع تلك المنحنيات التي سجلت في الاعوام1940 و 1948 و 1956 , صناعة التطرف اليوم تتزامن مع حركة التدين اليهودي وانحصار العلمانية التي تقبل بالتعايش السلمي مع العرب الفلسطينيين , وما يجعلنا نؤكد ان التطرف اليهودي هو صناعة رسمية اسرائيلية الفيديو الذي سمح نتنياهو بنشره قبل ايام والذي اظهر احتفالات يمينة يهودية متطرفة رقص فيها اليهود المتطرفين بالأسلحة على مختلف انواعها والمخيف انهم تفاخروا بحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما في 31 يوليو علنا وحتى طعنوا صورة الطفل احمد دوابشة الناجي الوحيد من العائلة المستهدفة بالسكاكين وهتف المحتفلون في شريط الفيديو كلمات أغنية تحريضية تتضمن عبارات وكلمات تحرض على قتل الفلسطينيين وابادتهم على انه جزء من الديانة اليهودية .

اليوم يتكرر المشهد ,عصابات تحت مسميات عدة منها فتيات التلال , وتدفيع الثمن , و منظمات جبل الهيكل والعديد من العصابات السرية اليهودية المتطرفة لكن الفرق بين تلك العصابات عام 1940 واليوم ان هذه العصابات تعرف عنها وترعاها حكومة التطرف اليمينة ,بل تمنحها الغطاء القانوني المطلوب وبالتالي لا تحاسب على أي جرائم اعدام ترتكبها بحق الفلسطينيين كما جريمة ابو خضير وحرق عائلة الدوابشة والكثير من علميات حرق المحاصيل و اشجار الزيتون ومحاولات خطف الفتيات والاطفال من القري والمدن المحاذية للمستوطنات اليهودية , نتنياهو رئيس وزراء المتطرفين بالأمس حاول ان يعقد مقارنة غير شريفة بين ما تقوم به العصابات الصهيونية وعمليات المقاومة الشعبية في الارض المحتلة بل وقال ان تلك العمليات ارهاب اكثر بكثير من الارهاب اليهودي على حد زعمة , هذا بالضبط دليل على صناعة التطرف والاجرام الذي يستهدف الشعب الفلسطيني المحتل , وهذا دليل على رعاية الحكومة الاسرائيلية للإرهاب بكافة أشكاله , وقال محرضا على ان السلطة الفلسطينية تمتدح مرتكبي ما وصفها الاعتداءات الارهابية وتقوم بتكريمهم من خلال تسمية ميادين وشوارع تحمل اسماءهم وتصرف رواتب لهم فيما يشجب زعماء اسرائيل و اكل الهيئات حكومة وجمهورا مظاهر الارهاب اليهودي ويعملون ضده .

لاحظوا ايها السادة كيف يتم رعاية التطرف اليهودي ومساندته وصناعته من قبل كل اضاء الحومة الاسرائيلية وحاخامات اسرائيل وزعمائها السياسيين والعسكريين بتقنية رسمية عالية ليصل الى مستوي المطلوب كأداة من ادوات الحكومة اسرائيل لتحقيق يهودية كيانهم والاخطر ان نتنياهو بصناعة التطرف هذا يوحي للعالم ان اليهود في بقاع الارض ضحايا المقاومة الفلسطينية والإسرائيليين شعب مكروه غير مقبول يمارس الفلسطينيين بحقه كافة اشكال العنف , مع كل هذا نتوقع ان تزداد وتيرة المواجهة بين الفلسطينيين واليهود المتطرفين والمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذين تدفعهم الحكومة الاسرائيلية لذلك وتمنحهم الشرعية بعدم اعتقالهم ومحاسبتهم على جرائم الكراهية والتحريض والقتل والحرق والتدنيس والتهجير وكافة الجرائم العنصرية التي بنيت على اساس عدم الاعتراف بالفلسطينيين كأصحاب الارض الحقيقيين .

هنا بات مهما ان يستوعب الفلسطينيين رواية تكرار المشهد والصهيوني في الصراع وبات مهما أن يعمل الفلسطينيين على المستوي السياسي والرسمي على فضح تلك الصناعة وكشفها للعالم وتوظيف كل الادوات الاعلامية الرسمية وغير الرسمية لنقل كافة ملفات الكراهية اليهودية و رعاية الدولة الاسرائيلية رسميا لها و نقلها الى شعوب العالم بحرص شديد لتكون دافعا لتلك الشعوب للضغط على حكوماتهم لفهم حق الفلسطينيين في الدفاع عن ارضهم و شعبهم وبالتالي العمل لدي مؤسسات العالم الرسمية لتوفير الحماية الدولية لهذا الشعب المحتل ومنحه حق تقرير المصير .

بقلم/ د.هاني العقاد