سمير القنطار المقاوم لأجل فلسطين والأسير على طريق القدس، لم يكن موعد كسره لزنازين الاحتلال في عام الفين وثمانية، سوى فرصة لإعادة تجديد مسيرة نضال قديمة مفعمة بالعطاء والحب والامل لرؤية زهرة المدائن وقد زال عنها نير الإحتلال وقسوة سجّانيه.
لطالما تحدثنا ونتحدث بحسرة وألم عن الزمن الحاضر وما آلت اليه الأحوال من تدنٍ في الأخلاق وغياب للضمائر وتوحش في التعاطي مع كل ما يعني البشرية من مواضيع وعناوين في زمن بات الإنسان فيه مجرد رقم على لوائح ضحايا الحروب والأحداث وما أكثرها في المنطقة والعالم، لكن أن يطال الانحطاط والتشويه رموزا أرقى من ان تُمس، وأسمى من تطالها نفوس حاقدة هي الأولى بأن تُسأل عن الاستزلام والتبعية وعن التلفيق والدس واللف والدوران خلف مشاريع مشبوهة تخدم الاحتلال الصهيوني، وعن قائمة الخفايا في مسيرة حافلة باستثمار الأقلام ورهن نتاجها بالعطايا والهبات والأنعام تحت مسميات مختلفة يحدد مضامينها وأهدافها أولياء النعم، فتلك هي المصيبة الأدهى.
واما أن يصل هؤلاء الى هذا الدرك بالتطاول على أيقونة المقاومين ، توأم أرواحنا وأنيس صباحاتنا ومساءاتنا لتطال رمز من رموز النضال والجهاد الشهيد القائد الكبير قائد عملية نهاريا البطولية " عملية الشهيد القائد جمال عبد الناصر " ،هذا القائد الذي يشكل ذكرياتنا ، والمنسوجة حكايانا بمشواره النضالي فهو من احبه الشهيد القائد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس ، كما احبه سماحة سيد المقاومة السيد حسن نصرالله، هذا القائد لن يضيره بعض من ترهات رخيصة حاكتها خيالات رؤوس أصابها المرض ، فهل ما يزال هؤلاء يتذكرون ان قدسنا سليبة وأهلها معتدى عليهم وحقوقهم مغتصبة، وأن العروبة هدف لبرابرة العصر من أذناب الغاصب المحتل وحلفائه.
فالشهيد القائد سمير القنطار يكتسب رمزية كبيرة لأنه في المقاومة والذي لخصها في قوله الشهير بعد تحريره من السجون الصهيونية "خرجت من فلسطين لأعود اليها"، ان طريق المقاومة هي طريق التحرير، لم يكن مستغربا ان تنبري بعض الأقلام في صحف صفراء عربية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض القنوات العربية التابعة للمشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي لتنعت الشهيد سمير القنطار باقوال لا تليق بهذا المناضل , هذه الاقوال ان دلت فإنما تدل على مدى الانحطاط والسفاهة السياسية والحقد الدفين الاعمى الذي وصل اليه البعض في هذا الزمن، وهي انعكاس لعملية زرع بذور الفتنة الطائفية والمذهبية التي تقوم القوى المعادية وعلى المكشوف هذه الايام، وهو يدلل أيضا على مدى الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده المنطقة بين محور مقاومة للاستراتيجية الصهيو-أمريكية للمنطقة ومحور الاستسلام والخنوع لهذه الاستراتيجية والانخراط الفعلي والعملي لتحقيق هذه الاستراتيجية.
ان المتابع للأحداث يدرك ان استشهاد شهيد فلسطين المقاوم سمير القنطار ربما تدق جدران الخزان ليصحى البعض من الذين اما فقدوا البوصلة مع ان الكثيرين منهم لا أمل فيهم أو لتصحى واقصد بعض الاسلام السياسي التي نسي اننا ما زلنا نرزح تحت الاحتلال ،وان الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف التي قامت من اجلها الثورة الفلسطينية هو طريق المقاومة، كما ان استشهاد القائد سمير يدق الخزان ليصحى أولئك الذين وضعوا المصالح الفئوية والشخصية فوق مصالح الشعب والقضية وأصبح همهم الرئيسي هو الحصول على المكاتب والمناصب والانتفاع من سلطة اغتصبوها ليفرضوا ضربائهم على الشعب ويوزعون الاراضي و يضيقوا الخناق من اجل اقامة امارة، ويعتقلوا أصحاب الأوسمة وحاملوا شعلة الثورة الفلسطينية.
ومن هنا ارى واشدد على ما قاله الرئيس نبيه بري سمير القنطار خسر مساحة جسده، وربح مساحة وطن وأمّة، خسر لبنان انساناً وربح بطلاً شهيداً ، ونال الدنيا والآخرة، الأولى بخلود إسمه والثانية بإستشهاده، وما تحدث به سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه عن مزايا القائد الشهيد سمير القنطار كل ذلك يرسم بها دليلا للمناضلين وقد كان بليغا في تحويل رثاء سياسي إلى أمثولة في الوطنية والأخلاق وهو بذلك قدم تصورا عن حقيقة ما يجب ان يتميز به المناضلون العرب من وعي وإيثار واستعداد للتضحية ومن التزام بقضية نبيلة القضية الفلسطينية التي تلازم تاريخنا المعاصر ويتوقف عليها مصيرنا القومي كما كل القوى والاحزاب العربية واحرار العالم .
ختاما : لا بد من القول ، ان شهادة القائد المناضل سمير القنطار، الذي قدم رسالة مشبعة بالصلابة والعنفوان، وواجه الجلاد الصهيوني على مدى ثلاثة عقود بارادة الصمود وعزيمة المناضلين الأحرار، واستشهد على طريق فلسطين ، ستبقى نبراسا مضيئا لكل المناضلين والشرفاء.
بقلم/ عباس الجمعة