إلغاء مهرجان حركة فتح في الاردن

بقلم: جمال ايوب

من كان بالوقوف خلف قرار إلغاء مهرجان حركة فتح في الاردن ,ان ابناء حركة فتح والجماهير في الساحة الاردنية مؤكدين أن قرار حركة فتح بإلغاء فعاليات المهرجان في ظل عدم اعتذار من قبل حركة فتح في الاردن يعتبر استهتار في ابناء فلسطين وأبناء حركة فتح .
إلى بعض الفئات ذات المصالح التي ليس لها مصلحة في النهوض بالوضع الفلسطيني , وهذا مؤشر يدل على أن حركة فتح تتجه الى سيناريوهات قاتمة قد تدعو الى عدم التفاؤل كثيراً.
ويبقى السؤال المطروح ، كيف سيتمكن الفلسطينيون في الاردن من احياء هذه المناسبة بطرق أخرى ؟ وهل ستمر بسلام دون اي مشاكل.ان إلغاء مهرجان احياء ذكرى حركة فتح من التساؤلات العديد حول مغزى هذه الخطوة ، وبالأخص حول ومن المسئول عن إعاقة استنهاض حركة فتح ؟
بالرغم من كل أشكال الضعف التي تعتري تنظيم حركة فتح في الاردن وحالة التشويه التي لحقت بحركة فتح إلا أن الشعب مازال يراهن عليها لا على غيرها لاستنهاض المشروع الوطني ،لأن فتح تمثل الوطنية الفلسطينية التي تشكل النقيض الأيديولوجي والتاريخي والوجودي للمشروع الصهيوني .
ومن هنا يمكن فهم لماذا يعتبر العدو الفكرة الوطنية التي تحملها وتمثلها حركة فتح هي الخطر الرئيس الذي يهددها ،وبالتالي فإن العدو معني بإضعاف حركة فتح ومنظمة التحرير بكل الوسائل ، بل يمكن القول إن هدف العدو من كل عملياتها العدوانية على الشعب الفلسطيني من فصل غزة عن الضفة وحصار القطاع وإضعاف السلطة الوطنية الخ ليس القضاء على الفصائل المسلحة فقط - حيث الصهيونية مستعدة للتعامل والتعايش مع هذه الفصائل ما دامت لا تتبنى أو تحمل الفكرة الوطنية ولا تسعى لتجسيدها من خلال دولة فلسطينية مستقلة على ارض فلسطين - بل هدف العدو تدمير وإضعاف منظمة التحرير وحركة فتح كعنوانين للمشروع الوطني الذي يشكل النقيض للمشروع الصهيوني ، ولعدو في ذلك يوظف سياسة تشتيت وإفشال جهود القيادة حتى السلمية منها ، من جانب ، ومن جانب آخر إفساد نخبة تنظيم فتح لتقوم بدورها بإفساد فتح الفكرة والتنظيم ، بما يؤول لتدمير حركة فتح من داخلها وبالتالي تشويه المشروع الوطني والفكرة الوطنية .
نعم ، إن عظمة فتح تكمن ، بالإضافة إلى تاريخها ،في الفكرة الوطنية ، وفكرة فتح هي الفكر الوطني المعتدل والمنفتح على الجميع والذي يقبل الجميع ، وفكرة فتح هي الوسطية والاعتدال وحب الجميع وعدم تكفير أو تخوين الخصم السياسي إلا من باع نفسه للعدو ، وفكرة فتح الوطنية ترفض رفع السلاح في وجه أبناء الوطن حتى وإن كانت موضوع الخلاف ..
القيادة أو الزعامة ليست فقط تشريفا بما يصاحبه من امتيازات وحياة مريحة ، بل تكليف بما يرَتِب من التزام بالأهداف الوطنية ،وتقدُم الصفوف لمواجهة العدو،وتَحَمُل المسؤولية عن كل ما يصيب المشروع الوطني من تعثرات أو نكسات ، والتكليف يستدعي المحاسبة إن اخل المُكلفُ بما كَلفه به الشعب ، والمسؤولية لا تكون فقط وقت الانجازات والنضال المريح بل تستمر حتى وقت الأزمات والنكسات،ومصداقية القيادة الحقيقية تبرز وسط الأزمات وفي المعارك الكبرى . لا يجوز لتنظيم حركة فتح ،مع كل تاريخ حركة فتح وانجازاتها ،أن يستمر بالعيش في الماضي والذكريات أو ترديد إن فتح الرصاصة الأولى وصاحبة المشروع الوطني ، فالتاريخ الوطني لا يمنح شرعية سياسية لأحد إلا إن إنجاز المشروع الوطني جزءا من هذا التاريخ ، كما أن المشروع الوطني ليس ملكا لأحد بل مسؤولية وطنية لمن يقدر على دفع وتحمل مسؤولياته واستحقاقاته.
في مناسبة انطلاقة الذكرى الواحد والخمسين لا يجوز أن لا يلمس المواطنون حضور حركة فتح ، فحركة فتح مشروع تحرر وطني أو حركة الشعب في مواجهة الاحتلال وليست مجرد كوفية وراية وضريح أبو عمار ! ، بعد التراجع والانسحاب من الساحات الخارجية ، يعمل البعض اليوم على إهمال تنظيم وحركة فتح في الاردن ,
مع كامل التقدير والاحترام للرئيس أبو مازن إلا أنه يتحمل جزءا من المسؤولية لكونه رئيس فتح ورئيس الشعب الفلسطيني ومن خلال مسؤوليته والمسئول عن التعيينات في كل المواقع القيادية داخل التنظيم وخصوصا في الاردن . حيث نلاحظ أن الاخوة لا تقوم على أساس الكفاءة ولا على أساس الالتزام بالخط الوطني بل على أساس العلاقات العائلية والشخصية لهذا المسئول أو ذاك ،أو البحث عن الشخصيات الضعيفة أو الانتهازية أو الجاهلة التي ستُدين بطبيعة الحال بالولاء والطاعة لمن وضعها في موضع لا تستحقه .
أن بعض الاخوة لم يعودا قادرين على ممارسة أي نشاط إلا الحضور في المناسبات الرسمية والبروتوكولية .
وأخيرا نقول ، نعم لحركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) في ذكرى انطلاقتها ونؤكد أنه لا يمكن استنهاض المشروع الوطني ومواجهة الاحتلال سياسيا أو عسكريا إلا من خلال استنهاض حركة فتح ، ولكن نحذر مرة أخرى ، إن حركة فتح تستنزف رصيدها التاريخي وعليها تدارك الأمر بسرعة من خلال لملمة الحالة الفتحاوية الداخلية واستعادة شبكة حلفائها العرب والدوليين ، وما زال في الإمكان القيام بذلك ، وإن لم يتم ذلك نخشى أن نصل لوقت يقول فيه البعض . لم يبق من حركة فتح سوى ذكريات مُشَرِفة ،وراية العاصفة الصفرا ..
جمال ايوب