المخرج الديمقراطي ... والاعتراف بالأخطاء!!

بقلم: وفيق زنداح

استمرار المشهد الداخلي الفلسطيني ومن خلال أحزابه وحركاته السياسية ... وما أفرزته التجربة بجانبها السلبي من حالة انقسام أسود لا يعبر بالمطلق عن الأغلبية العظمى من شعبنا وفصائله ... ولا يعبر عن المزاج الشعبي والجماهيري ... ولكنه انقسام فوقي ... مصلحي ... رأى البعض القليل أنه يمكن أن يحقق مصالحه ... وأن يفرض أجندته وخياراته بقوة الأمر الواقع .
فشل الانقسام ... كان نتيجة حتمية منذ البدايات الأولى لحدوثه ... وما تثبته الأيام والسنوات ... وما يفرزه الواقع بكل ملابساته ودلالاته ونتائجه ... من فشل التفرد والاستحواذ والاستقواء ... وفرض الأجندات ... بما يعاكس الارادة الشعبية والجماهيرية .
فشل تجربة الانقسام بكل تبعاتها ودلالاتها ... أوقعنا بأزمات عديدة ومتشعبة ولا زالت تتفاعل وتعكس اثارها السلبية على مجمل العلاقات الداخلية ... والصورة الخارجية ومواقف الاخرين ونظرتهم ... لا زالت الانعكاسات طاحنة ومدمرة للنسيج الوطني ... ومدمرة لكافة متطلبات الحياة الادمية التي يجب أن تتوفر للناس لتعزيز صمودهم وتحديهم لهذا الاحتلال المجرم ... توفر مقومات الحياة ... باعتبارها متطلبات انسانية بالدرجة الأولى ... فالمأوى ليس ترفيها ... والمأكل ليس زيادة عن حاجة الانسان ... والتعليم الجيد ... والرعاية الصحية ... والأمن العادل ... متطلبات انسانية يجب أن تتوفر بالحد الأدنى لكل مواطن ... حرية الحركة والتحرك حق مكفول لكل انسان .
ما طرأ على حالنا الداخلي من تبعات هذا الانقسام الأسود اضاع وأفقدنا الكثير من متطلبات الحياة الادمية... فالكهرباء وانتظامها ليس مسألة ترفيهية... والمياه والبنية التحتية ليست ترفيها ايضا ... وحق المواطنين التي دمرت منازلهم وفي هذا الشتاء والبرد القارس في أن يعيشوا بمنازل ادمية تليق بصمودهم وتضحياتهم وعطائهم ليست غاية يصعب تحقيقها ... وشبابنا وايجاد فرص العمل لهم ليست هدفا مستحيلا .
ما طرأ على حالنا الداخلي من انقسام أسود اضاع حقوق الانسان ... كما واضاع الحد الادنى لمتطلبات الحياة ... وأحدث تصدعا كبيرا في مقومات الصمود ... والحالة المعنوية العالية التي نحن بأمس الحاجة اليها في ظل صراع محتدم... وفي واقع احتلال مجرم لا زال يمارس عنجهيته وغطرسته ... متسلحا بترسانة أسلحة أمريكية... وبموارد مالية لا تنقطع ...وبظروف اقتصادية ومعدلات دخل تفوق الكثير من دول العالم ... في ظل أمنهم المفقود نتيجة سياسات حكوماتهم المتعاقبة التي أرادت أن تجمع ما بين الاحتلال والأمن ... وهذا ما لا يمكن أن يتحقق .
الانقسام الداخلي وما ترتب عليه من تفاقم أزماتنا الداخلية في ظل قطاعات واسعة من العاطلين عن العمل ... والالاف ممن دمرت منازلهم ... واجيال عديدة ضاع مستقبلها وتأثرت مسيرتها نتيجة لهذا الانقسام ... وقطاعات الأعمال والتجار والصناعيين لا زالوا يعانون خسائر فادحة في مجمل أعمالهم ومواردهم .
المشهد الداخلي وبكافة تفاصيله وعناوينه مليء بالأزمات... والخسائر المباشرة وغير المباشرة ... والتي تحتاج الى المزيد من البحث و التحليل لقياس درجات وتبعات هذا الانقسام ... ونتائجه المخيفة على مجمل الشرائح الاجتماعية ... والحالة الوطنية ... وهذا ما يؤكد غياب الفائدة من استمراره ... والخسائر المتلاحقة من دوامه ... والنتائج المخيفة على قضيتنا ونضالنا الوطني في ظل استمراره ... فهل هذا هدف من أهداف هذا الانقسام ؟ وهل تأكدنا أن الانقسام مصلحة اسرائيلية مئة بالمئة ؟
نحن أمام واقع مرير ... وحالة غليان شعبي ... نتيجة استمرار هذا الانقسام ... مما يفرض علينا أن نحدد المسار والاسلوب الذي يمكن أن يخرجنا من هذا الوحل الانقسامي ... ومخرجنا الملائم والديمقراطي لمثل هذا الواقع المؤلم ؟
ليس أمامنا بعد كل ما تم من اتفاقيات ومصالحات ... وتعطيل في اليات التنفيذ وما بعد حكومة التوافق وعدم تسلمها لمهامها ومسؤولياتها بالمحافظات الجنوبية... وفي ظل واقع اغلاق معبر رفح البري... واستمرار الجدال حوله .... لا نجد طريقا الا تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع كافة الفصائل الوطنية والاسلامية... وتعمل على تهيئة المناخ الديمقراطي والانتخابي ... ليمارس الشعب الفلسطيني حقه الانتخابي باختيار قياداته التي تعبر عن طموحاته وتتحسس مشاعره وتحقق له اهدافه .
ديمقراطية الانتخابات حق مكفول للجميع ترشحا وانتخابا ... واذا ما تم التوافق على هذا المخرج الديمقراطي ... وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية ... وعملنا على تهيئة المناخ الديمقراطي للبدء بعملية الانتخاب ... يجب ان يسبق كل ذلك ... واذا ما صحت النوايا وسلمت التوجهات ... وأفرزت التجربة ... واستخلصنا العبر والدروس أن يقف من أخطأ ليعترف بأخطائه ... لأن من أصاب ستقول الناس كلمتها في صناديق الاقتراع حول من اصاب... كما ستقول في صناديق الاقتراع من أخطأ .

الكاتب/وفيق زنداح