اسرائيل كيان محتل عنصري يتبني ويبرمج الارهاب وينظمه ويمارسه بأشكال متعددة ليس الان وانما طوال مراحل الصراع ومنذ اليوم الاول لوجود اليهود على ارض فلسطين , كل الدلائل والبراهين تؤكد أن هذا الكيان بات غير قادر على التخلي عن احتلاله وغير قادر على صنع السلام العادل مع الفلسطينيين اصحاب الارض الذين قبلوا باقل من النصف بكثير من بلادهم المحتلة ليقيموا عليها دولتهم المستقلة ويعيشوا كما تعيش باقي شعوب العالم في امن واستقرار دون حصار ودون سلوك عنصري ودون انكار لحقوقهم المشروعة , اليوم مع استمرار الصراع ودخوله مراحل معقدة بفعل اصرار حكومات اسرائيل على بقاء الاحتلال وممارسة ابشع الجرائم واقذرها واصرار تلك الحكومات على عدم الالتزام بكل الاتفاقيات التي وقعتها مع الفلسطينيين لحل هذا الصراع بات واجبا ان يفكر الفلسطينيين في جدوي استمرار العلاقة مع حكومة الاحتلال بغض النظر عن توجهها السياسي سواء كانت حكومة يمينية كحكومة نتنياهو الحالية او حتى حكومة تشكل على اساس وحدة وطنية اسرائيلية.
فاوض الفلسطينيين اسرائيل اكثر من 22 عام وانتظروا كل تلك السنوات لتقبل اسرائيل بالسلام العادل وطرقوا كل ابواب المجتمع الدولي على ان ينصفهم ويضغط على المحتل ليوقف احتلاله , وخاطبوا كل الامم التي تناهض القوي المحتلة بالعالم لكن اسرائيل لم تكترث بل وتعتبر هذا يهدد وجودها ,وكل هذا السعي الفلسطيني لإجبار إسرائيل الدخول في علمية السلام الحقيقية لكن تلك المساعي بلا جدوي وبلا افق لتحقيق ادنى متطلبات السلام العادل بل ان ممارسات اسرائيل الحقيقية على الارض تؤكد بلا مجال للشك انها تراجعت عن كل الاتفاقيات التي ابرمتها مع الفلسطينيين وتمارس ما تمارسه من اجراءات احتلاليه لإبقاء السلطة الفلسطينية التي تولت ادارة قطاع غزة والضفة الغربية نتيجة تلك الاتفاقيات بلا سلطة وبلا قرار سياسي وبلا قدرة على الانتقال والتطور نحو الاستقلال واقامة الدولة , ولعل قبول الفلسطينيين بهذه السلطة جاء على اساس انها سلطة انتقالية وليس سلطة حكم ذاتي دائم يبقي تحت الوصاية الاسرائيلية, وبعد تأكد الفلسطينيين اليوم من عدم نية اسرائيل تفكيك برامج الاحتلال وإنهائه وسحب قواتها من الضفة الغربية والقدس العاصمة ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير بات مهما ان يفكر الفلسطينيين بلا تردد في الطريق السليم والاقصر والاكثر امنا للتخلص من الاحتلال وهذا حق كفله القانون الدولة والقانوني الانساني.
في الخامس من اذار الماضي تحركت القيادة الفلسطينية وارسلت العديد من الرسائل بان الفلسطينيين مقبلين على اتخاذ قرارات هامة من خلال المجلس المركزي تحدد العلاقة مع دولة الاحتلال , لكن تلك الرسائل لم تلقي أي رد ايجابي دولي وكشفت مدي العجز الدولي الذي تهيمن عليه الادارة الامريكية وتنحاز بشكل حقير لدولة الاحتلال , هنا عقد المجلس المركزي جلسة هامة واتخذ قرارات هامة تتعلق بتغير العلاقة مع دولة الاحتلال وعدم التزام بتلك الاتفاقيات التي لم تلتزم بها إسرائيل وهذا ما قاله رئيس الدولة السيد ابو مازن في كلمته بالأمم المتحدة للعالم , ورفعت القرارات الى اللجنة التنفيذية والتي كلفت لجنة سياسية بدراسة تداعيات تلك القرارات وعادت اللجنة بتوصية مؤكدة للجنة التنفيذية بضرورة تغير العلاقة مع دولة الاحتلال والتحلل من كل الاتفاقيات التي لم تلتزم بها إسرائيل ولم تعد تحترمهما وخاصة اتفاق المرحلة الانتقالية التي انتهي العمل به قبل ستة عشر عام تقريبا, واليوم تعقدت العلاقة مع اسرائيل واصبحت إسرائيل تستخدم تلك الاتفاقيات لإنجاح مخططاتها الاستيطانية والاحتلالية وبالتالي التخلص من حل الدولتين التي تطالب معظم دول العالم على تطبيقه وتسعي اسرائيل لاستبدال هذا الحل بحل الدولة المؤقتة بلا تواصل جغرافي وبلا عاصمة " القدس " وبلا واقع سياسي يتيح لها الاستقلال التام عن دولة الاحتلال .
اليوم نسمع ان القيادة الفلسطينية تحضر لاجتماع مصيري للمجلس الوطني الفلسطيني لمناقشة الامر واتخاذ القرار النهائي الذي يتعلق بمرحلة التحول الى دولة تحت الاحتلال تماشيا مع تلك الاستحقاقات التي منحها المجتمع الدولي للفلسطينيين وفي نفس الوقت التحلل من تلك الاتفاقيات التي ترهن الفلسطينيين الى المجهول وتجعل من ثوابتهم مجرد التزام على ورق لا اكثر ولا اقل و تعلن مرحلة جديدة يعيشها الصراع من خلال اشتباك سياسي واشتباك شعبي مقاوم على الارض ,ومن هنا بات مهما ان تسارع القيادة لعقد المجلس الوطني وبحضور كافة الفصائل الفلسطينية لدراسة كل الملفات الفلسطينية الداخلية والخارجية والاعلان رسميا ان الفلسطينيين لم يعد تربطهم بدولة الاحتلال أي رابط سياسي وانهم يرهنوا تلك الروابط بقبول اسرائيل انهاء الاحتلال وتحديد جدول زمنى لذلك , بالإضافة لاعتراف اسرائيل بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية وحل كافة قضايا الصراع على اساس قرارات الشرعية الدولية والاهم ان يتزامن تنفيذ تلك القرارات على الارض بالساعة والدقيقة مع اجتماع المجلس الوطني .
د. هاني العقاد
[email protected]