لن استقيل رغم الضغوط الكبيرة التي تمارسها حكومة اسرائيل ومطالبتها لي بالتنحي عن رئاسة اللجنة، هذا ما قاله الخبير الكندي في القانون الدولي "ويليام شاباس" الذي رأس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي كلفت بالتحقيق في الحرب الإسرائيلية على غزة في مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في أيلول من عام 2014، إلا أن الخبير الكندي عاد وقدم استقالته من رئاسة اللجنة في فبراير من عام 2015 بفعل التهديدات العدوانية التي وصلته من أشخاص لا يرغبون بالتحقيقيات طبقاً لما أعلنه، وكانت اسرائيل قد تقدمت بشكوى رسمية إلى رئيس مجلس حقوق الانسان بخصوص شاباس من خلال سفيرها الى الامم المتحدة في جنيف، مدعية انحيازه للشعب الفلسطيني مستندة على استشارة قانونية سبق لشاباس أن قدمها إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
استقالة شاباس جاءت قبل شهر من موعد تقديم اللجنة تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان، وهو ما دفع اللجنة لأن تطلب تمديداً لفترة عملها إلى حزيران من العام الماضي، وتبنى مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في يوليو عام 2015 تقرير لجنة التحقيق برئاسة القاضية الأمريكية التي جاءت خلفاً له "ماري ديفيس" والذي يدعو من خلاله إلى محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب التي ارتكبت ابان العدوان على غزة، سبق لحكومة الاحتلال أن أعلنت عن عدم تعاونها مع لجنة التحقيق ومنعت أعضاء اللجنة من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية.
حكومة الاحتلال لا تريد للعالم أن يحقق في جرائمها ولا تسمح للجان تقصي الحقائق أن تعمل، وتمنع جهارة نهارة المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية "مكارم ويبيسونو" من دخول الأراضي الفلسطينية، لا تريد للعالم أن يرى أو يتحدث عما ارتكبته من جرائم، تريد من العالم أن يحافظ على صمته ويقر لها بأنها فوق الشبهات وفوق القانون، ولا تتورع في توجيه الاتهام لكل من يحاول أن يقترب من مجال حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية، تارة بمعاداة السامية وتارة أخرى بتوجيه تهمة الانحياز للشعب الفلسطيني.
قدم ويبيسونو هو الآخر استقالته بسبب منع حكومة الاحتلال له من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية لممارسه عمله الذي كلف به من قبل مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، وتأتي هذه الاستقالة قبل افتتاح دورة مجلس حقوق الانسان نهاية فبراير القادم، حيث من المنتظر أن يناقش المجلس ثلاثة ملفات تتعلق بتقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن العدوان الاسرائيلي على غزة صيف 2014، إضافة إلى تقرير غولدستون الذي صدر عام 2009، هذا بالإضافة إلى التقرير المتعلق بالاستيطان، قرارات مجلس حقوق الانسان لا تحمل الصفة الالزامية طالما لم تعتمد على الفصل السابع في مجلس الأمن، ورغم الأهمية الاخلاقية في القرارات التي يمكن أن تصدر عن مجلس حقوق الانسان، إلا أن المجلس مطالب اليوم بأن يقدم إجابة على التساؤل: إلى متى ستبقى اسرائيل فوق القانون الدولي؟، وإلى متى سيبقى العالم عاجزاً عن اتخاذ قرارات يلزم اسرائيل بها؟.
بعد أن اكتشف أن العالم بمنظماته الأممية وقف عاجزاً أمام منع حكومة الاحتلال له من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، قال ويبيسونو "آمل بصدق أن يتمكن المقرر الذي سيخلفني من حل المأزق الراهن وأن يطمئن الشعب الفلسطيني إلى أنه بعد نحو نصف قرن من الاحتلال فإن العالم لم ينس وضعه المأسوي، وأن حقوق الإنسان هي فعلاً عالمية" فهو يفعل العالم ذلك أم يواصل صمته المخزي.
د. أسامه الفرا