وأخيراً... وليس آخراً، تم الكشف عن تنظيم إرهابي يهودي سري جديد، يطلق على نفسه أسم "تمرد"، يسعى لتصفية نظام الحكم في إسرائيل، وتحويلها إلى نظام توراتي، وتنصيب ملك عليها، وإقامة مملكة "سنهدرين" التي كان لها محكمة شرعية، مؤلفة من (71) رجل دين حسبما كان الأمر قائماً على عهد الهيكل الثاني، وعدوهم العرب والمسيحيون، يدعون إلى تدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية، وقتل العرب كوسيلة لممارسة ضغط على الدولة اليهودية الصهيونية، وخلق شرخ عميق في أوساط الشعب اليهودي، للقضاء على الدولة من الداخل، هذا ما نص عليه برنامج تنظيم حركة "تمرد"، وحسب معلقين إسرائيليين، لا وجود لوجه خلاف بينهم وبين تنظيم "داعش" فهذا التنظيم اليهودي الإرهابي الجديد، هو الذي يقف خلف حرق عائلة الدوابشة في قرية دوما بتاريخ 31/7/2015، وخطف الشاب "محمد أبو خضير" وحرقه، والعشرات من العمليات المنسوبة لجماعة "تدفيع الثمن"، التي تقوم بالاعتداء على الفلسطينيين ومنازلهم ومزارعهم ومساجدهم وكنائسهم، فهؤلاء الإرهابيون، وقبل قيامهم بتنفيذ جرائمهم، يتلقون التدريبات من قبل مختصين من أصحاب الخبرة، أو من سبق أن عملوا في أجهزة الأمن، كيف عليهم التصرف في حال إلقاء القبض عليهم، بأن لا يتعاونوا مع محققيهم، وأن لا يدلوا بإفادتهم، بل يلجأون إلى الصمت، فالقانون الإسرائيلي يسمح للمتهمين الامتناع عن الإدلاء بإفادتهم، إضافة إلى توجيهاتهم عن كيفية تعاملهم مع محققيهم، حيث يواجه المحققون صعوبة بانتزاع اعترافاتهم، وبالتالي تقديمهم إلى المحكمة، وحسب القانون الإسرائيلي، فإن عدم تقديم لائحة اتهام ضدهم أو ضد أحد منهم، خلال (30) يوماً، يتطلب إطلاق سراحهم، أو تحويلهم إلى الاعتقال الإداري، فالاحتجاجات والمظاهرات التي تجري من قبل المستوطنين ضد اعتقالهم، والإدعاء بأنهم يتعرضون للضغط والتعذيب وعدم النوم أثناء عملية التحقيق، كوسيلة للضغط على جهاز الأمن الإسرائيلي، لإطلاق سراحهم، وهذا يبين الفرق أثناء التحقيق مع الإرهابيين اليهود، الذين يتم التحقيق معهم بقفازات حريرية، وبين المتهمين الفلسطينيين الذين يذوقون الأمرين أثناء التحقيق معهم، لانتزاع اعترافاتهم.
معتقلو الإرهاب اليهودي "التمرد"، حسب جريدة "يديعوت احرونوت 25-12-2015"، خططوا للقيام بتمرد شامل، وإعلان إسرائيل مملكة وتمليك ملك عليها ويساندهم عدد من الحاخامات ويقفون خلفهم، ويلجأون إلى استعمال كلمات دينية رنانة، ويطلقوا أسماء شوارع، تحمل أسماء توراتية، وحسب جريدة "يديعوت احرونوت 25-12-2015"، فإن شريط الفيديو الذي جرى بثه والذي أطلقوا عليه اسم "زفاف الكراهية"، أو "عرس الدم"، بمشاركة جنود بأسلحتهم، وآخرين يحملوا السكاكين، المسلطة على صورة أحد أطفال ضحايا عائلة الـ "دوابشة"، وأن ما شاهدناه بالشريط شبيه بأشرطة ممارسات "داعش"، لإثارة الرعب في نفوس المشاهدين، فهؤلاء الإرهابيون، منهم من يعترف أثناء التحقيق معه بالصوت والصورة، حيث أن المحققين يسجلون أقوالهم، إلا أنهم ينفون التهم الموجه إليهم، أثناء مثولهم أمام المحكمة، ويدعون أن إفاداتهم، اتخذت منهم تحت الضغط والتعذيب.
وبينما يعترف وزير الجيش "موشيه يعالون"، أن الإرهاب اليهودي يلقى دعماً من سياسيين إسرائيليين، ومن حاخامات، وأن السلطات القضائية قررت رفع الحصانة عن الحاخامات ورجال الدين اليهود، الذين يحرضون على العنف والإرهاب، وهذه الأقوال تقال لأول مرة، بعد تفشي وانتشار الإرهاب اليهودي، فإن محامي سفاحي جريمة دوما، يطالب النيابة العامة الامتناع عن تقديم لوائح اتهام ضد المتهمين، مدعيا أن "الشاباك" مارس العنف والتعذيب الذي أدى إلى انتزاع اعترافاتهم، وهناك حملة من قبل الإرهابيين والمتطرفين والمستوطنين تشن ضد "الشاباك"، بأنه يقوم بتعذيب المتهمين في قضية حرق عائلة الـ "دوابشة"، وحسب جريدة "هآرتس 23-12-2015"، فإن الإرهابيين اليهود حاولوا تكرار عملية حرق عائلة الـ "دوابشة"، إذ قاموا بإلقاء قنابل غاز على بيت عائلة "حسين النجار"، في قرية "بيتللو" بتاريخ 22-12-2015، في الضفة الغربية بالقرب من رام الله، ولولا الجيران الذين سمعوا تحطيم نوافذ منزل "النجار"، فأنقذوا هذه العائلة من موت مؤكد، وأنقذوا البيت والعائلة من الحريق، لكان مصير هذه العائلة كمصير عائلة "دوابشة"، وهناك تخوف من عمليات يهودية أخرى ضد الفلسطينيين، فإن الأجواء السائدة في الضفة الغربية معقدة ومضطربة، في آن واحد، ومشحونة بالكراهية.
وبينما يعترف وزير الجيش "موشيه يعالون" يقول بأن عملية "دوما" ألحقت أضراراً جسيمة بإسرائيل في العالم، وربما أن ذلك هو الذي دفع بعد مضي عدة أشهر، من عملية "دوما" لتحرك قوات الأمن لاعتقال المنفذين، حتى أن الوزير العنصري المتطرف "نفتالي بينت"، وجه انتقادات شديدة اللهجة لأول مرة إلى هؤلاء الإرهابيين اليهود، ربما لأسباب أنهم ينافسونه على التطرف، فقال عنهم: أنهم مجموعة إرهابية هدفها تفكيك دولة إسرائيل، والإمساك بزمام السلطة كي يحلوا مكان حزبه "البيت اليهودي" الديني المتطرف، في المقابل، فإن الوزير "أوري أرئيل" من البيت اليهودي أيضاً، طالب بوقف التحقيق مع القتلة الذين حرقوا عائلة الـ "دوابشة"، بل ذهب أبعد من ذلك، بالطلب بإلغاء الدائرة اليهودية في "الشاباك"، التي تحقق مع الإرهابيين اليهود، بينما كانت اتهامات بعض المتطرفين اليهود للـ"شاباك" أنه كان وراء حرق عائلة الـ"دوابشة".
في جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ "27-12-2015"، ادعى "نتنياهو"، أن إسرائيل تواجه هجوماً فلسطينياً بدون هوادة، ويقول "أنه لا مقارنة بين الإرهاب اليهودي، والإرهاب العربي، ومع أنه –لكي يبرر حفل "زفاف الدم" الذي أقامه مستوطنون وهم يطعنون صورة الطفل الشهيد"علي الدوابشة"- زعم أن الإرهاب الفلسطيني بحجم أكبر بكثير من الإرهاب اليهودي، مدعياً بأن السلطة الفلسطينية تمتدح مرتكبي العمليات الإرهابية، وتقوم بتكريمهم، من خلال تسمية ميادين وشوارع تحمل أسماءهم، وبصرف رواتب لعائلاتهم، مكرراً أن هناك فرقاً كبيراً بين إرهاب الجانبين، في محاولته لتبرير جريمة إحراق عائلة الـ "دوابشة"، لكنه يحاول أن يتجاهل بأن إسرائيل محتلة لأراضيهم، والفلسطينيون يناضلون ضد هذا الاحتلال، ويريدون التحرر منه، وكرر "نتنياهو" اتهامه للفلسطينيين بالتحريض، فهل هناك حاجة لتحريض الفلسطينيين ضد الاحتلال وممارساته، وممارسات المستوطنين، وما يتعرضون إليه، حتى أن "الشاباك" اعترف، بأن معظم التحريض والأذى ضد الفلسطينيين، يأتي من المستوطنين، الذين يُطلق عليهم "فتيان التلال" وهم نشطاء في العمليات الإرهابية، والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.
لقد سبق وحذرت جهات إسرائيلية معتدلة، من تنامي الفكر الإرهابي اليهودي، وتزايد أعداد اليهود الإرهابيين المنتشرين في مستوطنات الضفة الغربية، لكن ليس هناك من يستمع إلى هذه التحذيرات، فالسلطات الإسرائيلية تغض النظر عن اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وحسب جريدة "هآرتس 11-8-2015"، فإن 97% من ملفات التحقيق ضد الإرهابيين اليهود أغلقت واشتملت على إحراق (9) بيوت فلسطينية، ولم يلق القبض على أحد منهم، حتى أن جريدة "يديعوت احرونوت 11-9-2015" أكدت أن السلطات الإسرائيلية، تغض النظر عن الإرهاب اليهودي، فحكومة إسرائيل تتحمل مسؤولية الإرهاب اليهودي وممارسات المستوطنين، فهذه الحكومة اليمينية، تدافع عن سلب أراضي الفلسطينيين، وأن مواقف "نتنياهو" وتوجهاته، منسجمة بالكامل مع مواقف هؤلاء الإرهابيين، ويحاول التملص من جرائمهم، ويتبنى التطرف اليميني ومواقف الحاخامات، الذين تمتنع السلطات تقديمهم للمحاكم، حتى أن "نتنياهو" رفض تعديل قانون ضحايا الإرهاب، الذي يسري على اليهود فقط، بالنسبة لخسائرهم البشرية والمادية، بينما ما يتعرض له الفلسطينيون من أضرار لا يشمله القانون، فموقع "واللا العبري 23-12-2015"، نقل تحذير اللواء المتقاعد "اليك رون"، قوله بأن الفاشية دخلت إلى بيوت الإسرائيليين، كما حذرت جريدة "معاريف 21-12-2015"، أنه يجب العمل على كل المستويات، لمنع الانتفاضة الفلسطينية الجماهيرية العتيدة، لأنها ستكون شديدة الخطورة على إسرائيل، وأخيراً ... لماذا الاستغراب، فقد جاء في سفر العدد (31) من كتاب التوراة:"كما أمر الرب، اقتلوا كل ذكر، وسبي بنو إسرائيل نساء مدين، وأطفالهم، ونهبوا جميع بهائمهم وماشيتهم، وكل أملاكهم، وأحرقوا جميع مدنهم، وقال لهم موسى: هل أبقيتم كل أنثى حية؟ فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة"، وهذا ما تقوم به التنظيمات اليهودية الإرهابية، ولهذا الموضوع بقية...
بقلم/ غازي السعدي