الهبة الجماهيرية الفلسطينية جاءت كرد طبيعي على سياسة نتنياهو التي تمثلت بحالة الجمود السياسي وعدم توفر لرؤى وانسداد آفاق الحل واستدامة حالات الأزمات الاقتصادية والسياسية إضافة إلى استبداد الاحتلال وعربدة المستوطنين وتعدياتهم على المناطق الفلسطينية.
الحراك الفلسطيني الجماهيري أو الهبة الجماهيرية الفلسطينية بدأت تعصف بالنظام السياسي والنظم البنيوية للمجتمع الإسرائيلي بشكل قد يمثل تهديد حقيقي للدولة العبرية.
هذه الهبة على ما يبدو أنها عمقت الخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي سواء كان على مستوى الأفراد أو على مستوى الأحزاب والأطياف السياسية،حيث استغلت المعارضة الإسرائيلية الحالة الأمنية التي فرضتها الهبة الجماهيرية الفلسطينية على إسرائيل واتهمت نتنياهو بأنه غير قادر على حماية “امن” إسرائيل، مع أن المعارضة الاسرائيليه أعلنت وقوفها إلى جانب حكومة الاحتلال في مواجهة التحديات التي تعصف في كيانهم.
الاستيطان والمستوطنين الفئة المستهدفة في بداية الهبة الجماهيرية وهي رسالة سياسية على نتنياهو قراءتها والتمعن فيها وفي نتائجها حيث أن الاستيطان والتوسع الاستيطاني وممارسات المستوطنين هي السبب الرئيسي والمحرك للهبة الجماهيرية الفلسطينية وان شعبنا الفلسطيني يقف ويدافع عن أرضه من هذا السرطان الاستيطاني الذي يجب أن يتوقف حالا لأنه يدمر أي أمل للسلام ويؤدي برؤيا الدولتين إلى غياهب النسيان .
التهديد الحقيقي للكيان الإسرائيلي قد ينتج عن كيفية الحفاظ على التفوق الديمغرافي لليهود في إسرائيل وهي المشكلة التي أرقت الساسة الإسرائيليين خلال العقود الماضية ، الكثافة البشرية تعتبر عمود البناء الرئيسي لإسرائيل في مجتمع عسكري بحاجة إلى قوى بشرية
هذه الهبة الجماهيرية الفلسطينية انعكست تداعياتها على واقع الهجرة الإسرائيلية الوافدة والمعاكسة،لان الهجرة إلى فلسطين تعتبر أهم وسيلة لتعزيز الثقل الديمغرافي لليهود وان الهبة الجماهيرية الفلسطينية اثرت سلبا على هذه الهجرة باعتبارها أهم العوامل التي تعمل على تقليص الفجوة بين أعداد اليهود والفلسطينيين في دولة الكيان الإسرائيلي .
إن اليهود الذين ينتشرون في أرجاء العالم عندما يشاهدون عبر الفضائيات عمليات الطعن التي تنفذ في المدن الإسرائيلية ضد الإسرائيليين سوف يفكرون ألف مرة قبل اتخاذ قرارهم بالتوجه إلى إسرائيل.
وقد أدركت حكومة نتنياهو خطر وانعكاس الهبة الجماهيرية الفلسطينية على الوضع الداخلي الصهيوني وعلى ألهجره الاإسرائيليه إلى فلسطين حيث لم تنجح حكومة نتنياهو بدفع يهود فرنسا بعد الأعمال الارهابيه التي شهدتها من استقدام يهود فرنسا إلى فلسطين
القدس تحولت من عامل جذب للهجرة إلى عامل طرد حيث تتركز في القدس الأحزاب الدينية الإسرائيلية والتي تنظر للقدس بأهميتها الدينية والسياسية لهم وبأنها تحتوي على الهيكل “المزعوم” إضافة إلى أنها تعتبر “عاصمتهم” السياسية، وان تركيز العمليات فيها ربما يؤدي إلى هجرة معاكسة من المدينة خوفا من إمكانية تعرضهم للأذى على يد الفلسطينيين.
ومما يؤكد على عمق الأزمة السياسية والاجتماعية والامنيه التي تواجهها إسرائيل هو مجموعة القرارات التي أخذتها الحكومة الإسرائيلية بما يشبه التشريعات القانونية بإيقاع عقوبات قاسية على كل من يقوم بتنفيذ عمليات أو إلقاء حجارة أو حتى مجرد التحريض الإعلامي إضافة إلى طلب نتنياهو من الولايات المتحدة والأوروبيين وبعض الدول العربية للمساعدة في وقف التصعيد الفلسطيني وذلك بالضغط على السيد الرئيس محمود عباس للمساهمة في وقف الهبة الجماهيرية المتصاعدة .
يبدوا من معطيات الواقع ومن التصريحات الاسرائيليه وتصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن إسرائيل تعيش ازمه داخليه تتفاقم تدريجيا وهذا ما دفع نتنياهو إلى إثارة موضوع انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية مما اثار عاصفة قوية هزت أركان المجتمع الإسرائيلي، وطالبت الوزيرة "ليفني" باجتماع للأمن والخارجية لبحث احتمالية انهيار السلطة .
وتناقلت عدة وسائل إعلام قبل أيام خبر تعرض الرئيس محمود عباس لوعكة صحية شديدة ,وبات الجميع يطرح تساؤلات حول مصير السلطة وحركة فتح المرهونين في شخصه.
وبالإشارة إلى زعم الاحتلال بانهيار السلطة أوضح المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي د.ناصر اللحام أن موضوع انهيار السلطة ما هو إلا تصدير للأزمة داخل حكومة إسرائيل وذلك بسب الفشل الأمني والسياسي والعسكري في مواجهة الانتفاضة الشعبية ، والتي تزداد بوضوح.
وأشار في تحليله لوكالة "خبر": بأن عنوان الصفحة الرئيسية لصحيفة يديعوت أحرنوت كان " مدينة تل أبيب فاقده للأمن".
وبين اللحام سبب الخطورة في الموضوع بأن إسرائيل قررت بدء العمل ضد السلطة الفلسطينية ونشر الشائعات في العالم بانهيارها، مشيرا إلى أن مضمونه يحمل رسالة لجون كيري والإدارة الأمريكية التي رفضت التدخل لوقف الانتفاضة التي دامت 112 يوماً داخل إسرائيل.
وأكد اللحام في حديثة على أن ما يجري ما هو إلا ورقة ضغط علي السلطة بسبب الأزمة التي تعيشها إسرائيل جراء الانتفاضة ,لافتاً إلى أن الشائعات لا يجب الاستهانة بها. .
وكشف د.ناصر اللحام لوكالة خبر عن تلقيه اتصال من الرئيس أبو مازن مؤكدا على أن صحته جيدة وبخير .
وقال: "لو كان هناك شيء بخصوص صحة الرئيس لقلت للجمهور بصفتي صحفي، وأنا الآن ناقشت معه بشكل مطول التصريحات الإسرائيلية".
وأضاف: "كل ما قيل عن انهيار السلطة عبارة عن إشاعات إسرائيلية القصد منها إخافة الرئيس، وإرباك قادة السلطة ,الهدف منه إسرائيليا ,دفع القيادة الفلسطينية للبحث عن السلام الفردي.
وتابع اللحام : خلال مناقشتي مع الرئيس حول ما يدور من تصريحات إسرائيلية حول انهيار السلطة ,قال: "عندما ألقيت خطابي في رأس السنة وكنت داعماً ومؤيداً للانتفاضة الشعبية وهو ما أثار غضب الكابينيت والمجتمع الإسرائيلي" .
وأشار باحتمال خروج الرئيس بمؤتمر صحفي بالقريب العاجل يبين سبب الهجمة الإسرائيلية عليه.
وطالب اللحام الإعلام الفلسطيني بتوخي الحذر في نقل الرسالة الإعلامية وعدم الانجرار خلف الشائعات الإسرائيلية التي تهدف إلى تقويض السلطة الفلسطينية.
وقد دأبت ألصحافه الاسرائيليه وفي الاونه الاخيره رسم صوره سوداويه وقاتمة عن الوضع الفلسطيني وأخذت تلك الوسائل الاعلاميه بالترويج عن خلافات فلسطينيه داخليه وصراعات قد تصل لحد الاقتتال الداخلي ، والكابينت الإسرائيلي الذي عقد برئاسة نتنياهو تحت عنوان الوضع الفلسطيني ومال انهيار السلطة هو الآخر ضمن عملية الترويج
إسرائيل يهمها أن تمرر مشروعها ألتهويدي والاستيطاني في ظل الفوضى التي تتمناها وتريدها وان إسرائيل تعبث بالأمن الفلسطيني
السؤال الأهم عن الأعلام الفلسطيني وانجراره لتكرار ما يردده الإعلام الإسرائيلي أليس من الأجدى والأجدر مواجهة هذا الإعلام وكشف أضاليله وأهدافه وغاياته بدلا من الانسياق وراء أضاليل ماكينة الإعلام الإسرائيلي
أليس من الأجدى للإعلام الفلسطيني مواجهة حقيقة حكومة نتنياهو وما جلبته للاسرائليين من دمار وما وصلت إليه حال الإسرائيليين بفعل سياسة التطرف لحكومة الاحتلال الصهيوني
على صناع الإعلام في فلسطين وضع استراتجيه إعلاميه لمواجهة المرحلة التي نعيشها ضمن استراتجيه فلسطينيه وطنيه تستند إلى كشف الأضاليل الاسرائيليه والإثبات للعالم اجمع أن الهبة الجماهيرية الفلسطينية هي ضمن مشروعية الشعوب في مواجهة الاحتلال وتطلعهم لحريتهم وتحررهم من الاحتلال.
بقلم/ علي ابوحبله