معبر رفح .. والاسئلة الصعبة

بقلم: حسن دوحان

في لقاء ببيت الحكمة جرت مناقشة مبادرة الفصائل حول معبر رفح، ورغم دعوة الدكتور احمد يوسف وسائل الاعلام لبث التفاؤل والامل الا ان الحديث اخذ منحى التشاؤم من جميع المتحدثين من الفصائل والمحللين والخبراء..

طرح اللقاء اسئلة كثيرة تفصيلية وصعبة حول قضايا المصالحة ومعبر رفح، وبقيت الاجابات غائبة الا من بعض الاماني لان اصحاب القرار والمصالح لا زالوا يغلبون مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة نحو مليوني شخص يعانون من استمرار اغلاق معبر رفح.

واختتم د. احمد يوسف اللقاء بدعوة صريحة لحركة حماس لإنهاء التعامل مع قضايا المصالحة رزنامة واحدة، متمنياً ان تشكل مبادرة الفصائل حول معبر رفح بداية لحل كافة الاشكاليات واحدة تلو الاخرى..

ان تشكيل اللجان لمتابعة مبادرة الفصائل والاجتماع معها للنقاش حول المبادرة والافكار التي تشكلها يضع علامات استفهام جديدة حول استمرار حركة حماس رهن معاناة مليوني شخص بتحقيق كامل شروطها، ورغم اقرار الفصائل بحقوق موظفي غزة الا ان حلها لا يمكن ان يتم بشكل كلي ودفعة واحدة.

بعد اتفاق الشاطئ حول المصالحة، ذهب المتفائلون بعيدا في تفاؤلهم بان قضايا الانقسام سيتم حلها سريعاً، وعندها سئلت مراراً عن الفترة الزمنية لحل مشاكل الانقسام المتراكمة كان ردي باننا "بحاجة الى سنوات طوال في حال صدقت النوايا"، وفي وضعنا الحالي ونظراً لارتباط قضايا الانقسام بمعادلات اقليمية ودولية فإننا بحاجة لعدد مضاعف من السنوات لإنهائها اذا ما تم العمل بشكل جدي.

ان الاستمرار في التعاطي مع قضايا الانقسام رزنامة واحدة تحتاج لقرار واحد هي وصفة مؤكدة لإبقاء معاناة نحو مليوني شخص في قطاع غزة، واعفاء بعض الاطراف من مسؤولياتها، ولكن الذهاب نحو فكفكة القضايا والتعامل مع كل واحدة منها على حدة، واتاحة المجال امام حكومة الوفاق لتولي جزء من مسؤولياتها سيجبرها للإجابة على الاسئلة الصعبة فيما يتعلق بالقضايا الاخرى.

يذهب البعض الى ان التنازل او التراجع في قضية ما سيقود للتراجع في قضايا اخرى، وهذا تخوف انساني طبيعي، ولكن اذا استمر في السيطرة على الية اتخاذ القرار في حركة حماس سيقود الى العدمية وعدم طرح حلول لحاجات نحو مليوني شخص يعانون من البطالة والفقر والمنع من السفر وغيرها، ان الحكمة تقتضي ان يحسن هؤلاء استغلال الفرص واللعب في اطار المسموح والمرغوب أي ( اتقان اللعبة السياسية ) للوصول في ختام الامر لتحقيق هدفهم بإدماج موظفي غزة ضمن الهيكل الوظيفي للسلطة الفلسطينية ولكن ليس بالضربة القاضية التي انتهى عصرها، وانما بالتراكم من خلال العمل واستغلال الفرص والمتاح منها.

ان الاستمرار في رفض المبادرات لن يقود لإنهاء معاناة اهالي غزة، كما ان المراهنة على المتغيرات الاقليمية لم يقدم لشعبنا الا مزيد من تفاقم معاناته والالامه، كما ان تعزيز المقاومة ودعمها لا يتم من خلال استمرار معاناة نحو مليوني شخص في قطاع غزة، بل العمل مع كافة الاطراف لإنهاء تلك المعاناة.

في احدى المقابلات مع احد قيادات حركة حماس سألته عن غزة فكان رده ( من يبكي على حكم غزة) ، وطالما ان حكم غزة ليس هدفاً وليس غاية فالأجدر ان يتم وضع استراتيجية للتخلص من هذا العبء.

ان التخوف من عدم وجود حلول لموظفي حماس مشروع، ولكن حل مشكلتهم يحتاج الى مبادرة واستغلال الفرص المتاحة وعدم الاستمرار في الخضوع لأصحاب المصالح والمستفيدين في غزة لان ذلك لن يقود لحلول لقضايا غزة.

ان المطلوب من حركة حماس سحب كافة الذرائع من كافة الاطراف بإعلان موافقتها الصريحة على مبادرة الفصائل حول معبر رفح، وتشكيل لجان فنية لبدء تنفيذ المبادرة وليس لجان سياسية.

كما ان المطلوب من الفصائل تشكيل جبهة شعبية مساندة لمبادرتهم من خلال تنظيم المسيرات والاعتصامات المفتوحة حتى يتم الانتهاء من عملية الاتفاق على كافة القضايا الفنية المتعلقة بعمل معبر رفح.

ويبقى الامل رغم ضعفه نافذة اهالي غزة نحو قرب انتهاء معاناتهم..

بقلم د. حسن دوحان

باحث ، واعلامي