يوم الشهيد الفلسطيني يشكل بوصلة النضال

بقلم: عباس الجمعة

امام ذكرى إحياء يوم الشهيد الفلسطيني. ذكرى سقوط الشهيد الأول للثورة الفلسطينية، الشهيد أحمد موسى، أول من نفّذ عملية فدائية، في العام 1965، فأصبح عنواناً للثورة الفلسطينية، فارتبط اسمه بالذكرى السنوية لانطلاقة الثورة الفلسطينية بشكل عام، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بشكل خاص ، كما ارتبط اسم الشهيد الاول لجبهة التحرير الفلسطينية خالد الامين بطل عملية ديشوم عام 1967 ،كثيرون هم شهداء فلسطين،الذين ضحوا بحياتهم من أجل حريتهم وحريتنا، الذين لايضاهيهم بشجاعتهم شجاع، ولا بكرمهم كريم ولايكاد يطاول قاماتهم بنبله نبيل، بيارق النصر الآتي لامحالة، وعلامات لايضلها سائل في طريق حرية فلسطين وحرية شعبها، للشهداء، لنتذكرهم، ونحتفي بهم، ونعاهدهم على الاستمرار في مسيرة الجلجلة حتى ينبعث الفينيق من رماده من جديد، وتعود الطيور المشردة إلى بيوتها.

تحتفل فلسطين ومخيمات اللجوء والشتات ، بمناسبة "يوم الشهيد" ، فيحضر التراث الفلسطيني على إيقاع الأناشيد الوطنية التي توثق الواقع الفلسطيني في مخيمات اللجوء، وتدعو إلى التغني بالصمود والمقاومة بكافة أشكالها، حيث يستذكر الشعب الفلسطيني الشهداء الذين ارتقوا إلى العلا في كافة مراحل الثورة الفلسطينية ومسيرة النضال الوطني الطويل من كافة الفصائل وفي جميع المواقع داخل الوطن وخارجه وفي السجون وعلى الحدود وشهداء الأرقام الذين ما زال الاحتلال يحتجز جثامينهم.

في هذه المناسبة العظيمة اقول لمن لا يرو ان القضية الفلسطينية لم تكن في يومٍ من الأيام، قضية تخص الفلسطينيين فقط، بل كانت ومازالت هي قضية العرب في كل مكان، ولأجلها ودفاعا عنها قدمت الشعوب العربية آلاف الشهداء، فضلا عن عشرات الأسرى، إذ لم تخلُ دولة عربية من المشاركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو التمثيل داخل سجونه ومعتقلاته منذ احتلاله لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967، فكان هناك أسرى عرب من اغلبية الاقطار العربية ،وهؤلاء جميعا يشكلون مفخرة للشعب الفلسطيني، فهم الذين سطروا سويا مع إخوانهم الفلسطينيين أروع صفحات الوحدة والتلاحم والنضال العربي المشترك في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهم من سطروا كذلك صفحات مضيئة خلف قضبان سجون العدو ، وهم جزء من التاريخ الفلسطيني وفي مقدمتهم عميد الاسرى العرب القائد الشهيد "سمير القنطار" العاشق لفلسطين، والمقاوم من أجل حرية فلسطين، والقائل بعد تحريره من الاسر "لم أعد من فلسطين إلا لكي أعود إلى فلسطين"، هذا المناضل القائد الذي انخرط منذ طفولته، في جبهة التحرير الفلسطينية وهو في ريعان شبابه حمل البندقية بشجاعة وتقدم الصفوف دفاعاً عن فلسطين وعبر البحر إلى نهاريا شمال فلسطين على متن زورق مطاطي مع مجموعة من رفاقه ليقاوم المحتل الإسرائيلي وجهاً لوجه، وليساهم في استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة، فودعه الشهداء القادة ابو العباس الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ورفيق دربه القائد سعيد اليوسف، حيث خاضت مجموعته مجموعة الشهيد القائد جمال عبد الناصر الاشتباك مع الاحتلال وجنوده المدججين بالسلاح، وقتل وجرح العديد منهم، قبل أن تنفذ ذخيرته، ويصاب بعدة رصاصات

وينزف دمه ليروي ثرى الوطن العربي الفلسطيني، فيقع في قبضة المحتل الإسرائيلي ولم يكن حينها قد تجاوز السابعة عشر من عمره، وتعرض للتحقيق ولأبشع صنوف التعذيب دون مراعاة لإصابته وتفاقمها، أو لدمه النازف من جسده الجريح وحاجته للرعاية الطبية، ليخط على جدران زنزانته بقطرات من دمه أولى حروف مرحلة جديدة في مسيرة حياته ومقاومته للمحتل خلف قضبان سجونه. كان ذلك في الثاني والعشرين من نيسان/ابريل عام 1979. وهو ذات التاريخ الذي أعتمد لاحقا يوما للأسير العربي، حيث حكم بالسجن المؤبد (مدى الحياة) خمس مرات، بالإضافة الى 47 عاماً، هذا القائد الذي عشق فلسطين واحبها يسكن في قلوب الشعب الفلسطيني كما الشعب اللبناني وسائر الشعوب العربية كما في المقاومة بقيادة حزب الله التي انتمى اليها لكي يعود الى فلسطين .

وامام هذا اليوم العظيم نقول اذا أردنا اختصارالمشهد الفلسطيني، نؤكد ان الخروج من هذا المأزق وتخطي العجز برأينا يقتضي من الفكر السياسي الفلسطيني ان يقوم بقراءة صحيحة للواقع أولاً ووضع البرامج والخطط المطلوبة، ورفض المشاريع الامريكية والصهيونية ورسم استراتيجية وطنية تؤكد على التمسك بالانتفاضة الشعبية الباسلة الذي يرسم مستقبلها شابات وشباب فلسطين بدمائهم والالتزام بممارسة النضال بكافة اشكاله السياسية والكفاحية والديبلوماسية ضد العدو الصهيوني .

إن الشعب الفلسطيني الذي قدم آلاف الشهداء يتطلع في يوم الشهيد إلى تعزيز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام وانجاز اتفاق المصالحة وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينيه ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنيه حقيقية ، على قاعدة برنامج الاجماع الوطني وثوابته, فهذا يمثل قمة الوفاء لدماء الشهداء الأبطال، فهذه الدماء الطاهرة تحثنا على إنهاء هذا الانقسام الذي عصف بكل تفاصيل حياتنا من اجل توحيد بوصلتنا في مواجهة الاحتلال.

ان ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مشاريع امريكية وشعونية تستهدف شطبها ، فيما تنصاع بعض الدول العربية للضغط على القيادة الفلسطينية من اجل العودة الى دائرة المفاوضات ، هذه الأنظمة التي أخرجت نفسها من دائرة الحرب التي يفرضها العدو الصهيوني على الأمة منذ سبعة وستون عاما، بل ومن قبل ذلك، وفي فترة التمهيد لإقامة كيان الاحتلال على أرض فلسطين بالتحالف مع دول الاستعمار القديم بقيادة بريطانيا، لا يمكن المراهنة عليها .

ان الوعي القومي العربي أصبح الحصانة الأولى للتصدّي لهذه المشاريع الاستعمارية الجديدة ، وان الشعب الفلسطيني قادر على صنع المعجزات ، لأن بوصلته لن تتغير الا بتحرير الارض والانسان ، وان الشعوب العربية المناضلة لا يمكن ان تقبل بتصفية وتبديد حقوق الشعب الفلسطيني ، فهي قادرة ايضا على توجيه البوصلة مع قواها القومية والتقدمية باتجاه فلسطين ، لان هذه الشعوب رغم كل ما يحاك ضد تطلعاتها نتيجة ما يجري في دولها من قبل مجموعات متأسلمة ارهابية ارتضت ان تكون في خدمة المشروع الامبريالي الاستعماري من خلال قيامها بتنفيذ تدمير مقومات الدول وتفتيت الوطن العربي واستباحة جغرافيته من خلال ارتكاب افظع الجرائم والمجازر بحق الشعوب العربية ، وان الشهداء الذين مضوا على طريق الخلود لتبقى قوى المنطقة صامدة في وجه المؤامرة الكونية التي تستهدف محور المقاومة من أجل تفتيت

المنطقة وفرض الكيان الصهيوني على المنطقة بأسرها ، ولكن صمود المقاومة وشعوبها سيفشل هذه المخطط الاجرامي ، لان هذه الشعوب لا يمكن ان تقبل بوجود الكيان الصهيوني واستمرار احتلاله للأراضي العربية والفلسطينية ،وبأن تكون العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا في ضرب حركة التحرر العربي وقواها الثورية.

ان الجماهير الفلسطينية التي تقدم التضحيات وتصنع فجر مشرق من خلال انتفاضتها حيث تشكل حالة حقيقية وجديدة من خلال الاشتباك والمواجهة مع قوات الاحتلال، وهذا يدعونا الى أوسع حملة وطنية وعالمية لفضح الممارسات الصهيونية بحق القانون الدولي ، وتصعيد وتيرة المقاومة الوطنية بكافة اشكالها حتى يتم تحقيق فجر الحرية للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ان ذكرى يوم الشهيد تعطينا حافز للمضي قدما في طريق النضال والثورة على مبادئ الشهداء القادة العظام الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وحكيم الثوره جورج حبش وفارس فلسطين ابو العباس وابو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي وطلعت يعقوب وامير الشهداء ابو جهاد الوزير وابو احمد حلب وسمير غوشه وعبد الرحيم احمد وسليمان النجاب وزهير محسن وسعيد اليوسف وابو العز وحفظي قاسم وابو العمرين وعمر القاسم وجهاد جبريل .

ان يوم الشهيد الفلسطيني هو يوم الشهيد العربي، هو يوم الرئيس الخالد جمال عبد الناصر واحمد بن بيله وهواري بومدين وعمر المختار وقادة المقاومة الوطنية والاسلامية اللبنانية سيد الشهداء عباس الموسوي والقائد جورج حاوي وقائد الانتصارين عماد مغنية وسمير القنطار وعروسة الجنوب سناء محيدلي ومعروف سعد وكمال جنبلاط ومحمد سعد وغيرهم من القادة هو يو الشهيد العربي الذي يدافع عن ارضه في سوريا والعراق واليمن وليبيا ، هؤلاء المؤمنين بوحدة الهدف والمصير الذين عبدوا الطريق بالتضحيات وتعانقت ارواحهم الطاهرة مع شهداء فلسطين لتنبت انتصارات تضيئ لنا الطريق نحو الفجرالمشرق في تاريخ امتنا .

ان شهدائنا اليوم يتطلعون الى بزوغ فجر تشرق فيه شمس فلسطين ، ويودون لو يكونوا معكم في كفاحكم المجيد من اجل استعادة الحرية والاستقلال والعودة، ويوجهون تحية لكل الثائرين في كافة أصقاع الوطن العربي الكبير والى كل احرار العالم، الذين يجسدون المعاني الكفاحية في النضال من اجل تحرير الارض والانسان من الاحتلال الاسرائيلي.

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي