فور انتهاء رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس من إلقاء كلمته في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم ، لمناسبة احتفال الطوائف الشرقية بأعياد الميلاد المجيدة ، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعترض ومتهم ... الخ . ولعلّ إحدى عناوين هذا الانشغال على مواقع التواصل ، كان موضوع تأييده للسعودية بكل ما فعلته على أنه الصواب ، ليختم هذه الفقرة ب" نحن مع السعودية " .
قد أجد فيما قرأته من مواقف متعارضة بين المؤيدة والمستنكرة ، وهم كثر وصل كلام بعضهم حد التخوين ووووو ، أمر لا يتعارض وطبيعة الأشياء ، خصوصاً السياسية ، الخبز اليومي للناس . ولكن استوقفتني كثيراً هذه الحملة على السيد رئيس السلطة ، وبهذه الطريقة ، وتساءلت لماذا على الدوام هناك من يريد أن يُنكر على الآخرين حقهم في التعبير عن رأيهم ، وتحديداً شخصية مثل السيد أبو مازن من موقعه رئيساً للسلطة ؟ . هذا أولاً ، أما ثانياً ما الغريب في موقف رئيس السلطة الذي قاله جهاراً نهاراً ، وقد سبق ذلك تأييده الحرب التي تشنها السعودية على اليمن . وثالثاً ، هل كان أحد يتوقع أن يتخذ السيد رئيس السلطة موقفاً مؤيداً لإيران في مواجهتها للمملكة السعودية وقيادتها ؟ .
الأمر الطبيعي أن ينحاز رئيس السلطة السيد أبو مازن إلى جانب موقف المملكة السعودية في كل ما فعلته ، وهو قد وافق أن يكون جزءاً من التحالف العربي الإسلامي ضد " الإرهاب " ، وليعلنها في غاية الوضوح أنه مع السعودية . وللسيد أبو مازن أسبابه ، التي أراها تتلخص :-
- في السياسة ، هو منسجم مع نفسه وخياراته ، التي تضعه والكثير من الدول والقوى الإقليمية بما فيها السعودية في الموقع الواحد .
- التأثير السعودي واضح على السلطة ورئيسها ، أولاً لدورها المحوري في الواقع الإقليمي ، وثانياً من خلفية أنها المساهم المالي الأكبر في دعم السلطة ومؤسساتها ، وأي جنوح من قبل السلطة سيجعلها عرضة لإحجام سعودي وحتى خليجي عن ضخ الأموال إلى السلطة التي تعاني في الأساس من ضائقة مالية .
- في ظل التقارب السعودي - التركي المتجدد ، على قاعدة العداء لسورية ، الدولة والموقف والدور السياسي المحوري . فإن رئيس السلطة من حقه حسب رأيه وفريقه السياسي ، أن يحسب لخطواته ومواقفه كل الحساب ، وهو العارف أن هناك خصمين لدودين ، الأول اسمه حماس ، والثاني اسمه دحلان ، ينتظرونه خلف باب الوقوع في خطأ الحسابات . لذلك هو أي أبو مازن فوق أنه كما أسلفت منسجم مع خياراته السياسية ، أيضاً يحسب خطواته باتقان من دون أن يسمح لنفسه وفريقه أن يغردوا من خارج سربهم السياسي ، الذي لا بديل عنه إلاّ البديل ذاته . فلا تلوموا أبو مازن على ما يتخذه من مواقف قد تبدو للبعض أنها مستغربة أو مستهجنة .
رامز مصطفى