الصراع بين السعودية وإيران صراع على مصالح تستغل فيه الصراع المذهبي

بقلم: علي ابوحبله

إن الصراع الدائر حاليا في منطقة الشرق الأوسط هو صراع على المصالح والنفوذ ، ويتم من خلاله استخدام كافة الوسائل المسموحه وغير المسموحه بما في ذلك العامل الديني والمذهبي والعصبية القبلية والجهوية القومية .

لا شك في وجود صراع شيعي- سني تاريخي عمره يفوق ألف سنة، ولكن رغم فان جميع المحللين والخبراء، الذين يقولون بأن الصراع الدائر في المنطقة حاليا يأتي ضمن هذا الإطار التاريخي هو مغالط للواقع ولحقيقة وجوهر الصراع ، لأنه صراع انظمه ومصالح يتم من خلاله استثارة الشعوب باستغلال الدين والصراع المذهبي والطائفي

إن جوهر وحقيقة الصراع بين السعودية وإيران لا علاقة له بعدد الصلوات ولا من يدفع الزكاة أكثر أو من يمتنع عن دفعها ، ولا له اثر في العقيدة الاسلاميه أو ما يمس العقيدة ، وإنما الصراع يدور حول المصالح الاقتصادية والهيمنة السياسية على المنطقة.

ما بين السعودية وإيران صراع مصالح ونفوذ تستغل فيه الصراع المذهبي والطائفي ضمن محاولات إيجاد مبررات لاستدامة هذه الصراعات ، ولو افترضنا جدلا أن جوهر الصراع بين إيران والسعودية صراع مذهبي ديني لكان من الأجدى الاصطفاف والتمحور لإنقاذ المسجد الأقصى والقدس من الاحتلال الإسرائيلي ، لان القدس تجمع المسلمين وتوحدهم وهي جزء من عقيدة المسلمين ولا يمكن لأي مسلم سني شيعي أن يتنكر للقدس أو أن يسقطها من عقيدته الايمانيه وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين ،

الملك فيصل رحمه الله دفع حياته ثمن إصراره لعودة القدس وان كيسنجر اليهودي وزير الخارجية الأمريكي عراب كامب ديفيد هو الذي أزعجه تشبث الملك فيصل رحمه الله بمطلبه لتحرير القدس مما جعله يدفع حياته ثمنا لموقفه .

إن حقيقة الصراع الذي محوره إيران والسعودية يهدف إلى الاستحواذ على مناطق النفوذ ولا علاقة له بالإسلام والصراع المذهبي وان السعودية تستغل الدين وتحاول فرض وصايتها على أهل ألسنه ضمن محاولات تأجيج للصراع الديني والتحريض الديني ضمن محاولات السيطرة على ألسنه من خلال تحريض ديني يعد مدخل للتحريض وإثارة الغرائز لإثارة نعرات قديمه مستجدة تهدف من ورائها السعودية فرض سيطرتها وهيمنتها ضمن عملية الصراع على النفوذ التي تشهدها المنطقة ،

وكذلك الحال بالنسبة لإيران التي تحاول فرض وصايتها على ألشيعه ضمن عملية التوسع والنفوذ ضمن صراع المصالح ، فالصراع على سوريا لم يجد له من مبرر سوى توصيف الصراع على انه صراع مذهبي وتوصيفه في دائرة الصراع السني مع مذاهب إسلاميه أخرى والحرب على اليمن والتي تعد صراع نفوذ وهيمنه تحاول السعودية من خلاله إخضاع اليمنيين لمشيئة وإرادة السعوديين كمحمية سعوديه غلفتها السعودية بأنها حربها على الحوثيين الذين وصفتهم بتبعيتهم لإيران

الخطاب الديني والتحريض على الصراع المذهبي والطائفي كان بالخطبة لخطيب الحرم المكي الشريف عبد الرحمن السديسي قالها صراحة هي حرب طائفيه مذهبيه هي حرب سنيه شيعيه مع أنها حقيقة هي ليس كذلك.

فالخطاب المنسوب لإمام وخطيب المسجد الحرام عبد الرحمن السديس الذي يعلن فيه الحرب على ألشيعه ويصف الحرب على إيران بالحرب العقائدية ، ودعوته أهل ألسنه إلى وضع الشعارات جانبا والاستعداد للمواجهة ،وقال إمام وخطيب الحرم المكي عبد الرحمن السديس، إن “حرب التحالف العربي ضد إيران هي حرب السنة ضد الشيعة”، مؤكدا بأنها “حرب طائفية وان تحفظ البعض عن تلك التسمية”، متسائلاً: “لماذا تدعم إيران الميليشيات الشيعية في اليمن وسوريا والعراق والبحرين”.ودعا السديس أهل السنة في خطابه، إلى “تجاهل الإعلام واستيعاب حقيقة الحرب القائمة”، متهماً بعض الجماعات السنية في العراق بالعمالة لإيران.وأشار السديس إلى الأعمال “التخريبية” التي ارتكبتها إيران عن طريق الجماعات الشيعية التي تعمل بدعم مباشر منها، داعيا أهل السنة إلى مواجهة المد الشيعي في المنطقة. وقال في معرض خطابه التحريضي أن إسرائيل لم ترتكب من الجرائم كتلك التي ارتكبتها إيران .

وكذلك الحال في الخطاب الإعلامي الإيراني حيث وظفت إيران إعدام الشيخ نمر النمر ضمن عملية تأجيج الصراع والذي أدى إلى قطع العلاقات من قبل السعودية والبحرين مع إيران ،

الصراع في المنطقة هو صراع مصالح واصطفاف إقليمي بتوصيف ديني لكن في حقيقته هو صراع مصالح ونفوذ وهيمنة لممالك وإمارات وإمبراطوريات وهو ابعد عن الصراع الديني والسعي لإقامة شرع الله وإعلان ألخلافه الاسلاميه ، وهذا ما يؤكد أن الصراع لا يتمحور كما أوضحنا حول الاهتمام بالقضايا الاسلاميه لان التحالفات التي يتم تشكيلها تشكل وقود الصراعات التي تشهدها المنطقة وهي ابعد ما يكون عن الإسلام وتعاليمه ومبادئه وعقيدته ،

وان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حديثه لمجلة ايكونوميست البريطانية التي نشرته يوم الخميس الماضي بفحوى حديثه يؤكد صدقية وفرضية حرب المصالح بين السعودية وإيران وبفحوى ما جاء فيه أن نشوب حرب بين بلاده وإيران سيكون إيذانا بكارثة وان الرياض لن تسمح بذلك وأضاف أن من يدفع بذلك لا يتمتع برجاحة عقل

وأضاف أن أمريكا دوله كبرى عليها أن تتحمل مسؤوليتها،إذا كان الأمر كذلك الحرب مع إيران تدفع بكارثة ، فما تفسير الحرب التي تدفع بها السعودية ضد سوريا ، والحرب على اليمن أليست هي الأخرى بنذر الكارثة التي تضرب عالمنا العربي

وإذا كانت نذر الحرب مع إيران تنذر بكارثة كبرى لماذا هذا التحريض من قبل خطيب المسجد المكي عبد الرحمن السديسي التي أعلنها حرب طائفيه سنيه شيعيه أليس في هذا الخطاب الديني التحريضي ما قد يؤدي إلى الحرب المدمرة التي تنذر بالكارثة الكبرى وهي بالفعل فقدان لرجاحة العقل

إن المطلوب بحسب تصريحات سمو الأمير ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إطفاء نار الفتنه ووقف كل المنابر الاعلاميه التي تحرض على الفتنه سواء كانت سنيه او شيعيه وان يشرع بالحوار البناء والمثمر لإنقاذ المنطقة برمتها من نيران الصراع الذي هو حقيقة صراع مصالح ونفوذ ولا علاقة له بالصراع الديني الذي يستغل بأبشع صوره و ينذر بكارثة مدمره للمنطقة العربية الاسلاميه وهو وبحق يؤكد فقدان لرجاحة العقل ، وان هذا الاصطفاف الإقليمي ضمن محاولات الاستعداء بين الفرقاء تنذر بالدمار الشامل لبلاد العرب والمسلمين فهل تصريحات سمو الأمير ولي ولي العهد محمد بن سلمان تطفئ نيران نذر اشتعال الحرب وتعد فتح باب للحوار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ضمن عملية اقتسام المصالح والنفوذ بدون التحريض المذهبي والطائفي والتي تعد نتائجها كارثية على المنطقه في حال لم تتوقف قنوات ووسائل التحريض والشحن المذهبي.

بقلم/ علي ابوحبله