مشيخات النفط ....والسطو على الجامعة العربية

بقلم: راسم عبيدات

منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945م وحتى اليوم مقرراتها وبياناتها لم تخرج عن دائرة الإنشاء والمواقف اللفظية،دون أي ترجمة عملية لأي منها خدمة لقضايا الأمة العربية وامنها القومي،ومن بعد اتفاقيات كامب ديفيد 1978 التي وقعها النظام المصري أنذاك مع الكيان الصهيوني،والتي اخرجت مصر بثقلها العسكري والسياسي والبشري من المعركة مع العدو الإسرائيلي،وقد حاولت العراق انتشال الجامعة من الوقوع في الوحل،وسعت مع سوريا وما تبقى من العرب الى عزل مصر عن الجامعة العربية...ولكن بعد ذلك تسارعت التطورات والأحداث فكان العدوان الأمريكي- الأطلسي الغربي على العراق بمساندة تحالف حفر الباطن العربي،ومن ثم مؤتمر مدريد وما نتج عنه اتفاق أوسلو،الحل الانتقالي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية وما تبع ذلك من احتلال للعراق على يد أمريكي وتحالفها الأطلسي.

هذه التطورات كلها قادت الى عودة مصر كامب ديفيد والسعودية ومعها قطر لكي تصبح المقررة في الجامعة العربية،أي أن حلف ما يسمى بالواقعية العربي والعقلانية و(99)% من اوراق الحل بيد امريكا،ودعاة ثقافة الإستنعاج والإستسلام أصبحوا أصحاب العقد والحل في تلك الجامعة.ومن بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي،تعمقت سيطرة هذا الحلف على جامعة الدول العربية،وأصبحت دولة ميكروسكوبيه كقطر،تصول وتجول وتقرر في الشأن العربي،ولكي تحمل قبل اكثر من أربع سنوات هي والسعودية مشروع،تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية،دعماً وخدمة لمشاريع مشبوهة يراد لها طحن العرب وإدخالهم في حروب الفتنة المذهبية والطائفية،وتقسيم المنطقة العربية بعد تفكيك جغرافيتها من جديد على أسس مذهبية وطائفية وثرواتية.

اليوم بعد إقدام السعودية على اعدام الشيخ نمر باقر النمر،لكونه يقود الإحتجاجات ضد أسرة آل سعود الحاكمة مطالباً اياها برفع الظلم عن سكان المنطقة الشرقية (الشيعة) ومنحهم حقوقهم،والتخلص من السموم المذهبية والخزعبلات والتعاليم الكهنوتية المغرقة بالطائفية في المناهج التعليمية كتحريض على الشيعة،والدفاع عن حقوق المرأة وحقها في المشاركة في الحياتين السياسية والإجتماعية،وعلى ضوء ما تعيشه من أزمات داخلية وحروبها الفاشلة على اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها،وفشلها في إجهاض الإتفاق الإيراني- الأمريكي حول برنامج ايران النووي،أرادت ان يكون اعدام الشيخ النمر مدخلاً لها،لكي تقود حملة تحريض عربية – إسلامية دولية ضد ايران.

أرادت تشكيل موقف إسلامي- عربي بعد اجتماعي وزراء خارجية التعاون الخليجي ووزراء الخارجية العرب،يعمل على إخراج ايران من منظمة دول المؤتمر الإسلامي،وإحداث قطيعه شاملة عربية – إسلامية لإيران،تمكن السعودية من حمل مشروع الى مجلس الأمن الدولي مع تركيا وباكستان يطالب بتجميد رفع العقوبات على ايران.

ولكن ردود الفعل العربية والإسلامية والتي لم تخرج عن إطار ومستوى التضامن اللفظي والمواقف النظرية دون أي ترجمة عملية لذلك،هذه المواقف شكلت خيبة امل للسعودية،وكذلك الموقف الأمريكي الذي دعا الى عدم التصعيد،وضرورة حل الخلاف السعودي- الإيراني سلمياً بعيداً عن لغة التهديد والوعيد،وما يمكن ان يكون لهذا التصعيد من تأثيرات سلبية على مسار الحل السياسي للأزمة السورية.

سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير شن حرباً ضروساً على السعودية وإعدامها للشيخ النمر ودورها في التآمر على الحزب والمقاومة وعلى العرب والمسلمين،ودعا الى عدم التهادن مع آل سعود،ولذلك كان واضحاً بأن حزب الله المستهدف من أمريكا واسرائيل ومشيخات النفط،سيكون في صلب مقررات وزراء الخارجية العرب،حيث ان الفشل السعودي في استصدار قرار عربي- إسلامي بالقطيعة الشاملة مع ايران لم ينجح،ولذلك تم تنزيل سقف المطالب وحصرها في حزب الله،الذي تستهدفه اسرائيل والتي تقدمت بطلب لمجلس الأمن مؤخراً لنزع سلاحه،وامريكا التي دعت الى فرض حصار وعقوبات شاملة على الحزب مالية وعسكرية وسياسية وغيرها،وليأتي قرار وزراء الخارجية العرب،الذي سيشكل وصمة عار في جبين كل عربي حر ومقاوم،ليس فقط بتجريم حزب الله واعتباره "إرهابياً"،بل بتجريم كل نضالات قوى المقاومة العربية والفلسطينية ضد دولة الكيان الصهيوني المحتل لأرضنا الفلسطينية والعربية.الزمن الذي ستعتبر فيه كل مقاومة فلسطينية او عربية ضد دولة الكيان الغاصب لأوطاننا "إرهاباً" ليس بعيداً،فنتنياهو سيصبح جزء من منظومة الأمن القومي العربي،وستصبح "اسرائيل" دولة شقيقة،في ظل ما تقوم به العديد من البلدان العربية وفي مقدمتها مشيخات النفط والكاز العربي من خداع وتضليل وحرف لجوهر الصراع من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي،بهدف نقل واخراج تنسيقها وتعاونها الأمني والعسكري مع دولة الإحتلال من الجانب السري الى الجانب العلني.والمأساة هنا في موقفين،موقف الجزائر بلد المليون شهيد التي اكتوت بنار الإستعمار اكثر من مائة وثلاثين عاماً،وموقف سلطة اوسلو التي يكتوي شعبنا حتى اللحظة بنار الإحتلال وجرائمه،فهل يعقل ان نُجرم نضالات شعبنا ومقاومتنا يا عرب ويا ثورة فلسطينية..؟.
أي حالة من الذل والهوان وصلنا لها نحن العرب؟؟؟!!..وصلنا الى مرحلة الإستنقاع،مرحلة الأزمة الشاملة التي تلف السلطة والمعارضة والجماهير،وفقدنا بفعل السياسات الخاطئة وحالة العجز والهوان اتجاه البوصلة...ثقافة الإستنعاج وإستدخال الهزيمة لن تحرر اوطاناً ولن تعيد حقوقاً،والهجوم السعودي – الإسرائيلي – الأمريكي،المستهدف تعطيل المسار السياسي على الجبهة السورية وتجميد رفع العقوبات الدولية عن ايران،ستفشل حتماً وسيبقى حزب الله رأس حربة في قوى المقاومة المدافعة عن امتنا العربية والإسلامية،وجودها وحقوقها وأرضها المحتلة،وستتعمق أزمة المحور- السعودي – القطري- التركي.

بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين

11/1/2016
0524533879
[email protected]