الدجاجة من البيضة يا زراعة غزة

بقلم: فايز أبو شمالة

اشتكى مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة الدكتور زكريا الكفارنة من انخفاض أسعار الدجاج في قطاع غزة، وقال لي عبر الهاتف: هذه الأسعار تعود بالخسارة على المربين الذين خسروا في قطاع غزة قبل شهر عشرة مليون شيكل، وإذا استمر هذا الحال، فإن سعر الدجاج سيصل بعد شهر إلى أقل من ثمانية شيكل للمستهلك، والسبب يرجع إلى عدم ضبط كمية البيض الداخل إلى قطاع غزة، وهذه السياسة الجديدة للوزارة والتي تعتمد على ترك السوق يوازن نفسه، هي سياسة تغاير السياسية المتبعة من سنوات خلت، السياسة التي اعتمدت التقنين وفق الحاجة، وإلزام أصحاب الفقاسات بعدم إغراق السوق.
لقد قدم الدكتور زكريا الكفارنة تقريراً بهذا الشأن إلى المجلس التشريعي في قطاع غزة، ويفيد أن عدد البيض المدخل إلى قطاع غزة في شهر ديسمبر بلغ 4 مليون و850 ألف بيضة، وهذه الكمية تعادل ما يحتاجه القطاع في شهرين، فإذا كان عدد 3 مليون ونصف بيضة قد ترك سعر الدجاج يئن تحت وطأة 8 شيكل، فكم سيبلغ سعر الدجاج مع 4 مليون ونصف وأكثر؟
الذي يخسر من انخفاض الأسعار هو المربي، لأن صاحب الفقاسة يبيع الصيصان بنسبة ربح معقولة، وصاحب الأعلاف يبيع العلف مع نسبة ربح مضمونة، والتاجر الذي يسوق الدجاج له نسبة ربح ثابتة، ولكن الذي يدفع الخسارة هو المزارع الذي لا يعرف أن عدد البيض الذي دخل إلى قطاع غزة سيفيض عن حاجة المزارع، ولا يعرف أن السوق غير قادر على استيعاب كمية اللحم الأبيض، ويحسب أن وزارة الزراعة تلاحق التسيب، وتمنع الانفلات في شراء البيض، وتراعي شئون المزارعين، ولن تتركهم فريسة للمتكسبين.
من المفيد في هذا المجال أن نذكر وزارة الزراعة بكمية الغاز المطلوبة لتربية الدوانج، إذ توزع الهيئة العامة للبترول 12 اسطوانة غاز لكك ألف صوص، أي أن مزارع الدواجن بحاجة إلى أكثر من 50 ألف اسطوانة غاز، في الوقت الذي يعاني فيه القطاع من نقص غاز الطهي.
لقد سألت الدكتور زكريا الكفارنة عن مصلحة أصحاب الفقاسات في إغراق السوق بالصيصات، وامكانية ارتداد ذلك عليهم بالخسارة، أجاب: قد يخسر صاحب الفقاسة الكبير، والذي يتحكم بالسوق بشكل متعمد، والهدف من ذلك هو خسارة باقي الفقاسات الصغيرة، وخروجها من العمل، ليظل هو صاحب الامتياز الوحيد، والمتفرد بأسعار السوق في المستقبل.
قد يقول بعض المواطنين: رخص الأسعار شيء رائع، نطالب بالمزيد من الرخص، حتى يعم الرخاء، ولتأكل الناس الدجاج بأقل من سبعة شيكل للكيلو، ولتشتر الناس صندوق الطماطم بخمسة شيكل وصندوق البطاطس بعشرة شيكل، إن وضع الناس صعب، وهذا رزق من عند الله.
لقد نسي أولئك الذين يتمنون المزيد من رخص الأسعار، نسوا أنهم يأكلون من جيب المزارع الذي عمل بكد ليربح ألف شيكل فجاء رخص الأسعار ليتركه مداناً بعشرة ألاف شيكل.
كل ما سبق هو شق من رأي، أما الشق الآخر فما زال في جعبة وكيل الوزارة الأخ أبو عبد الله جاد الله، والذي لديه حجته ومنطقه المغاير لحديث مدير عام البيطرة، وإلى أن استمع إليه، لا بد من طرح السؤال التالي:
ما المطلوب في هذه المرحلة؟ ما الخطوة التالية الواجب اتخاذها في وزارة الزراعة لإنقاذ قطاع الدواجن من الخسارة؟
والجواب على كل لسان: الترشيد هو الحل، ترشيد الاستيراد بما يتواءم وحاجة الناس، والمطلوب هو التوقف الفوري عن إدخال البيض للفقاسات، والاكتفاء لمدة شهر بما تم إدخاله، على أمل أن يجف بالتدريج مستنقع الخسارة الذي غرق فيه المزارعون.

د. فايز أبو شمالة