مائة يوم وعشرة هي عمر الانتفاضة الشعبية الفلسطينية , يقاتل الشباب الفلسطيني بلا قيادة ويواجهوا المحتل الاسرائيلي بلا توجيه سياسي وبلا دعم سياسي , لعل الشباب المنتفض سبقوا الفصائل واوجدوا حالة نضالية مقاومة مختلفة بكل المقاييس عن سابقاتها وهي حالة تستحق من هذه الفصائل النزول عند متطلباتها السياسية والمعنوية والاجتماعية والنضالية , الانتفاضة تعمل حتى الان بلا قيادة وقد لا تستمر طويلا بهذه الاستراتيجية , هذا يحتم ايجاد قيادة فلسطينية موحدة تقود وتوجه الانتفاضة وتوفر لها الدعم السياسي الاقليمي والدولي المطلوب , المهم ان تكون هذه القيادة سرية وعلى اعلى درجات السرية لان هذا ما تنتظره اسرائيل لتوجه سهامها الحاقدة نحوه وتطمئن شعبها بانها استطاعت ان تقضي على قيادة الانتفاضة , ويخشي ظهور راس للانتفاضة باقتراب نهايتها واقتراب السيطرة عليها وتقصير عمرها تعدت الانتفاضة الشعبية يومها العاشر بعد المائة وتعدت هذه الانتفاضة خطوط العودة بمئات الاميال واصبحت مواجهات متعددة الاشكال ومتعددة الادوات عمل يومي مقاوم يحدث على شكل ولهذا بات الانتفاضة الشعبية تحتاج الى قيادة كما يقول بعض الساسة وهي بالفعل كذلك لكن لامكن قيادة الانتفاضة والحال الفلسطيني مبعثر منقسم ممزق ضارب في الاختلافات ,في المقابل هناك محاذير لتشكل قيادة للانتفاضة في الوقت الحالي بسبب الاستهداف الإسرائيلي بالقتل والاعتقال ,لذا فان كان لابد وان تتشكل قيادة للانتفاضة يتوجب دون ان تحقق جل اهدافها.
سؤال لابد منه في معترك التعقيد الذي تمر به الانتفاضة اليوم والتحديات التي تواجهها , بالرغم من ان الانتفاضة الفلسطينية في بداياتها ومرحلتها الاولى لان الانتفاضة اليوم باتت تحتاج لدعم سياسي كبير حتى تستمر ويتوفر لها الزخم الجماهيري الذي تأخر بسبب الانقسام واستمرار حالة المناكفة الفصائلية الخطيرة التي تستخدم فيها الانتفاضة على انها من صنيعة هذا الفصيل او ذاك ؟ و يبقي السؤال , هل تستمر الانتفاضة دون ان دعم سياسي ؟ هذا سؤال منطقي وهام في ظل عدم قدرة الفلسطينيين لإحداث اي اختراق فصائلي وطني لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني او حل بعض القضايا الصغيرة التي ولدت بفعل الانقسام ,بدا العجز واضحا امام من يخوضوا المواجهة اليومية مع جيش الاحتلال الاسرائيلي على كافة الحواجز المنتشرة بالضفة الغربية وعلى كافة خطوط التماس وفي المدن والقري والمخيمات وحارات القدس العتيقة واحيائها الصامدة .
بعد اكثر من مائة يوم نستطيع ان نقول ان الانتفاضة الفلسطينية اليوم بدأت بالفعل تتأثر بشكل كبير جدا بالانقسام السياسي وباتت هناك خطورة على استمراريتها وامكانية تحقيقها لأهدافها المنشودة وان تحقق الانجاز السياسي الوطني المطلوب في دحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية ,وما دعانا لهذا الاستنتاج بعد مراقبة الاحداث اليومية وملاحظة انخفاض وتيرتها وانخفاض حدة المواجهة بين الشبان الفلسطينيين وجيش الاحتلال وحاجة المواجهة للزخم الجماهيري على الحواجز والحارات عدا الزخم الذي يتوفر في حالات الاستفزاز التي عادة ما يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني وحالات اقتحامات المخيمات والمدن لهدم بيوت شهداء الانتفاضة الشعبية من قاموا بتنفيذ عمليات ضد المحتل الصهيوني , أخشي ان اسرائيل استطاعت الى حد ما ان تحافظ على غلبتها على احداث الانتفاضة بغض النظر عن الهجوم الاخير في تل ابيب لأنه هذا الهجوم يبقي فرديا و يبقي من تخطيط ذاتي بعيدا عن النشاط الانتفاضي العام .
هناك مساحة من الزمن امام كل من الفصائل والقيادة في منظمة التحرير لتدارك الموقف لإمداد الانتفاضة والمنتفضين في القدس والخليل وجنين ونابلس وطولكرم وغزة بالدعم السياسي والوقود الوطني الحقيقي وهذا يأتي من خلال توحيد الصف الوطني والاسلامي طريقا لتوحيد التمثيل السياسي الفلسطيني تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتكون قادرة على توفير الدعم السياسي الكامل لهذه الانتفاضة متمثلا في العديد من العوامل التي تكفل مزيدا من عمليات المواجهة في كل الاتجاهات والمستويات بعيدا عن عسكرتها حتى لا نحقق لإسرائيل ما تبتغي و تنتظر , والدعم السياسي هذا ايضا يمكن ان يوفر دعما سياسيا عربيا و دوليا مختلفا عن المتوافر الان ويقر ويعترف العالم بأحقية ان يدافع الفلسطينيين عن انفسهم في وجه الاحتلال البغيض الذي لا ينوي الرحيل دون ضغط او اكراه ,وهذا يعني حتمية انضواء حماس والجهاد الاسلامي ضمن اطار منظمة التحرير بلا تردد او تلكؤ والعمل داخل هيئاتها السياسية والاجتماعية وضمن منظومة فلسطينية سياسية واحدة تهيئ لتشكيل قيادة وطنية واحدة لهذه الانتفاضة وتصنع جبهة مقاومة واحدة مختلفة المستويات بالتزامن مع تحقيق موقف سياسي ضاغط على اسرائيل من خلال تنفيذ كل قرارات المجلس المركزي التي اعلن عنها في مارس 2014 , كما ان وجود حكومة فلسطينية واحدة تعتنى بالكل الفلسطيني من شانها ان تسارع في كل مشكلات الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وتعيد الامل لكل الفلسطينيين شباب ونساء وفتيات وترسم امامهم مستقبل يطمئنوا من خلاله على انفسهم بلا استثناء .
بقلم/ د. هاني العقاد