من غزة .....للرئيس محمود عباس .

بقلم: وفيق زنداح

على مدار سنوات عملي ككاتب صحفي ....قمت بكتابة مقالتين للرئيس محمود عباس ...المقالة الأولي كانت بعنوان الرئيس عباس القائد الانسان ..والمقالة الثانية سيادة الرئيس لا تفكر بتركنا وحدنا .....مقالتين عبر سنوات ماضية وعلى فترات متباعدة .....لم أكن فيها أريد مطلبا ...ولم اكن على معرفة مسبقة بسيادته ....ولم اكن طوال فترات عملي الاعلامي من المصفقين والمطبلين لسيادته او لغيره ....بل كنت أحرص على موضوعيه ما أكتب ...وعلى قاعدة احترام الجميع دون استثناء ....حرصا مني على عدم استخدام أسلوب النقد الجارح ....الخارج عن الأصول .....أو حتي استخدام أسلوب الاثارة والبناء على المواقف بدغدغة العواطف استغلالا لانتهازية مرفوضة ....فأنا لست راغبا ولا متطلعا لإرضاء الا رب العزة والجلالة .....ومن يقرأون لي عبر سنوات طويلة .
سيدي الرئيس .....كنت خيارا وطنيا ديمقراطيا ....بمرحلة غاية بالصعوبة ...وبظروف استثنائية ....عاشها الرئيس القائد الشهيد ياسر عرفات ....حاول البعض خلالها الاجتهاد بمحاولة التخفيف من حمل المسئولية وتوزيع المهام .....تحت شعارات الديمقراطية والاصلاح .....من خلال استحداث منصب رئيس الوزراء ....وكنت أول رئيس وزراء بصلاحيات واضحة وبتفاهمات محددة ....كنت رجل مؤسسات ...وموضع ثقة ومصداقية من قبل الكثيرين ممن يختلفون اليوم مع سيادتكم .
تغيرت المواقف ...وتباينت الاجتهادات ....وربما تغيرت النوايا.... سمة وصفة يختص بها السياسيين الذين لا يستقرون على موقف ....ولا يتمسكون بمبدأ ثابت تجاه الاخرين .
الرئيس محمود عباس وقد جاء في ظل ظروف سياسية داخلية واقليمية ودولية فيها من الغضب ....بأكثر من التأييد ....مما احتاج الي ربان سفينة ذات مميزات وصفات قيادية ...وبقدرات عالية .....خاصة في ظل رحيل الشهيد القائد ابو عمار ....ومن ثم انتخاب الرئيس محمود عباس...بداية لمرحلة جديدة ...من مراحل العمل الفلسطيني في ظل اشتداد الصراع ومخططات الحكومة الاسرائيلية ....التي استمرت بعدوانها واستيطانها ....وممارستها لسياسة المماطلة والتسويف ....وعدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة .
مهمة الرئيس عباس ..ما بعد رحيل الشهيد الرئيس أبو عمار ...فيها صعوبة واضحة في ظل تعقيدات الخارطة الداخلية ...وما يعتري الصراع من تحديات ....الا أن الرئيس عباس استطاع الابحار بسفينة الوطن ....اعتمادا على ان دعاة الاصلاح والديمقراطيين ...الراغبين بالتجديد والتغيير سيكونوا خير دعم واسناد .....وأن قوي المعارضة التي كانت تحتفظ ببعض ملاحظاتها النقدية ...سيتجاوز عنها الكثير..... في ظل انفتاح حكم الرئيس عباس ..واسلوب تعامله بحكم ثقافة سياسية ديمقراطية ...وكاريزما سياسية قيادية مختلفة عن الرئيس الشهيد ابو عمار .....الا ان التغير في انماط الحكم واسلوب التعامل ....لم يسعف الرئيس عباس من استمرار سياسة الانتقاد والذي طال الكثير من فترة حكمه.
فالانتقادات للرئيس الشهيد أبو عمار ....هي بذاتها ذات الانتقادات للرئيس محمود عباس ....الا ان الجديد في الامر ....أن الرئيس محمود عباس يمتلك من الهدوء وضبط النفس ....والحكمة بمعالجة الأمور ..وبطول نفس ودراسة مستفيضة ...ما يجعل بالمقابل من ينتقده ....يشعر بعدم اكتراثه واهتمامه بما يقال من انتقادات.... وهذا ما أعتقد أنه بعكس الحقيقة .
حركة فتح ...حركة وطنية شاملة ومتسعة ...بجماهيرها وأعضائها ومناصريها ...وهي عبر العديد من الساحات داخل الوطن وخارجه ...وهي ليست وليدة مرحلة حالية ...بل امتداد تاريخي وطني للثورة الفلسطينية المعاصرة ...حركة ممتدة وعميقة وذات جذور وتاريخ ..حاضر ومستقبل ..فيها من الاجتهادات والتباينات ما يقوي مفاصلها ولا يضعفها .....يعزز من قوتها .....ولا يخيفها الاجتهادات ....ولا يثني عزيمتها محاولة من هنا أو هناك .
حركة فتح ...حركة جماهيرية ولادة ...تلد على مدار اليوم والاشهر والسنوات الالاف من أعضائها المنتمين لها ....ولا يضيرها من يذهب أو يعود .....لكنها تعمل بحرص أكيد على كافة ابنائها وقياداتها ..وكما تعمل علي تصليب مفاصلها ...وتقوية مؤسساتها ...وتوحيد جهودها بكل ما تمتلك من تراث و موروث ......مبادئ واهداف ...ونظام داخلي ...لأنها الحركة الاكبر ...كما أنها الحركة القائدة لمسيرة النضال الوطني التحرري ....وبالتالي تحرص علي أعضائها وكوادرها ..ومناصريها ...حرصها على تاريخها وفعلها النضالي الوطني.
حركة فتح بما يميزها ...ويغلب دورها ....واتزانها ...وعدالتها ورحمتها بأعضائها ..وبشعبها لكنها بحرصها ومحبتها للجميع ....لا تقبل بالتجاوز أو الانتهاكات.... أو المعارضة خارج اطار المؤسسات .....وهي الحركة التي تستوعب كافة الانتقادات ...وتعالج كافة الأخطاء ولا تدير ظهرها لقائد أو كادر .....لأنها الام الحنون ....الام الولادة ...الام الحانية التي لا يضيرها أحد ...ولا يمتلك أحد المساس بها ....لأنها أكبر من الجميع .
سيدي الرئيس ...كنت ملتزما ...مجتهدا ...فاعلا ....التزمت بالثوابت وتمسكت بها .....واجتهدت باستمرار المحاولات لإحداث الاختراق على كافة الجبهات الدبلوماسية والسياسية ....وفعلت وأنجزت بإيصال فلسطين الي دولة مراقب بالأمم المتحدة ...ورفرف علم فلسطين ...فوق مبانيها ومؤسساتها ..وأدخلت فلسطين بعضوية محكمة الجنايات الدولية ...والعديد من المؤسسات ...كنت منجزا وفاعلا ...كما وكنت مجتهدا ولا زلت على انجازاتكم والتزاماتكم ....لكن أمامكم سيدي الرئيس ملفات عديدة ...وهنا أتمني على سيادتكم أن تعيد قراءة الملفات بعناية فائقة ....قراءة الاب والرمز والقائد والزعيم ...قراءة رب العائلة الفلسطينية ....وان لا يشاركك بالقراءة الا من تجد فيهم الحكمة والعدالة ....التوازن والموضوعية .
سيدي الرئيس انت الرمز والقائد والرئيس ....من توليت مسئولياتك في الوقت الاصعب.... ستبقي على الدوام بموضع الثقة والمحبة.... وستعمل على استكمال الانجاز عبر المسيرة...ولن يكون بقاموسك ما يمكن أن يخذلنا ..... او يساوم على حقوقنا ....ولن نكون الا عونا وسندا.... لذا نستحلفك بالله.... ان نتعاون جميعا لتجاوز الاخطاء...وكل ما يعكر الأجواء....وأن نعمل بما يمهد الطريق لتعزيز وحدة الصف ولم الشمل .
سيدي الرئيس حركة فتح حركة رائدة ...قوية ومتماسكة وموحدة ...لكن الحركات الكبري والقائدة والمتحملة لمسئولية شعب ووطن وقضية.... تحتاج دائما للمزيد من المراجعات والتقييمات ....تحتاج لاستمرار الاصطفاف وتعزيز مقومات الصمود....وتعبئة القواعد بما يمكن ان ينهض بالمارد ....وما يحقق للحركة أهدافها التي انطلقت من أجلها ....وهذا ما يحتاج الي جهود الجميع من داخل الحركة وخارجها ....الي جهود الكل الفلسطيني مهما اتفقنا أو اختلفنا ...اجتهدنا او تباينا ...لكننا داخل السفينة وانت ربانها ....وحتي ترسو على شاطئ الامان .
سيدي الرئيس سنبقي مع الشرعية التاريخية والديمقراطية ....وسيخسر كل من يغادرها ...او من يعمل على تجاوزها ...أو من يمكن أن يحيد عنها .....لأن المؤمنين بوطنهم ...وشرعية قيادتهم ...سيكونوا الاقرب الي النصر.... ولهذا نناشدكم سيدي الرئيس ....بما تتحلون به من حكمة القيادة ..وحنكتها ...وبما تتميزون به من ذكاء السياسي المخضرم ...ومن صفات القيادي الثوري ....من يمتلك قراءة المتغيرات...والمستجدات ...ومن لديه القدرة على قراءة أفاق المستقبل ..أن تحدث المتغيرات بما يتوافق ومصالحنا العليا ....وبما يعزز من جبهتنا الداخلية .....وبما يقوي من مقومات قوتنا..... وبما يبعدنا عن مخاطر الانزلاق ....داخل اتونات الجهل والمجهول.
سيدي الرئيس من منطلق المحبة والاخلاص ...ومن منطلق الواجب الوطني ...والمسئولية التاريخية ...وما يقع على سيادتكم من مسئوليات كبيرة ....بانتظاركم قرارات شجاعة ...ومبادرات واضحة صريحة ومحددة ...فلا تبخلوا.... ولا تقصروا ..ولا تحيدوا ...فهذا ليس من شيمكم ....ومن سماتكم .....وصفاتكم المعروفة لدينا ...فأنتم المقدرين دائما بخطكم المعروف لشعبكم ..والذي يفخر بقيادتكم ...ويعتز بكم .
والتاريخ سيدي الرئيس..... سيبقي القادر على الفصل والتمييز ...وسيبقي الواضح بصفحاته ....التي سيشيد فيها بكل من أصاب وانجز ....في مراحل يصعب فيها الانجاز ...وتحقيق الاهداف .
أطال الله بعمركم سيد الرئيس ...وأدام عليكم الصحة والعافية ..وسدد خطاكم على طريق الخير ...وبما يمكنكم من اتخاذ القرارات الشجاعة والحاسمة ...التي ينتظرها شعبكم ...من أجل تعزيز وحدة الوطن......وانهاء كافة أشكال الانقسام والخلاف .
الكاتب : وفيق زنداح