قراءة في بيان الحكومة

بقلم: أسامه الفرا

أعدت قراءة البيان الصادر عن الحكومة مرات عدة لإعتقادي أنني قفزت عن الفقرة المتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية، بيان الحكومة، الذي من المفترض أن يتضمن القرارات التي اتخذها المجلس لمعالجة احتياجات وتطلعات وهموم المواطن الفسطيني، غرق في مقدمتة التي حملت مكوناتها طابع الإدانة والاستنكار تارة والترحيب والشكر تارة أخرى، وكأن مجلس الوزراء تحول إلى معلق على الأحداث وليس صانعاً لها، تكاد تقتصر القرارات التي اتخذتها الحكومة في جلستها الاسبوعية على ما جاء في ذيل البيان من موافقتها على حل وضم هيئات محلية، والتنسيب إلى الرئيس بإستملاك قطعتي أرض للخدمات العامة، بالإضافة إلى الموافقة على الدورة العاشرة لمعرض فلسطين الدولي.
ما يلفت الانتباه في البيان الإنشائي للحكومة تلك الفقرة التي تتعلق بإستماع مجلس الوزراء إلى تقرير وزير المالية حول إجتماعه ورئيس الشؤون المدنية مع وزير المالية الإسرائيلي، حيث تم مناقشة الجمود في عملية السلام جراء استمرار اسرائيل في مشاريعها الاستيطانية ورفضها تنفيذ الاتفاقيات الانتقالية ومواصلة سلطات الاحتلال ارتكاب جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى مطابة وزير المالية الاسرائيلي بضرورة معالجة كافة الملفات التجارية والاقتصادية العالقة منذ سنوات بفعل المماطلة الاسرائيلية، ما يلفت الانتباه في ذلك أن الاجتماع ناقش الجمود في عملية السلام، فهل يأتي ذلك من ضمن صلاحيات وزير المالية في الوقت الذي يوجد لدينا دائرة مختصة بشؤون المفاوضات يقف على رأسها كبير المفاوضين الفلسطينيين؟، أعتقد أن اللغة الانشائية التي طغت على البيان اسقطت ذات المفردات على الفقرة المتعلقة بالاجتماع، والأغلب أن الاجتماع تناول فقط القضايا المالية والاقتصادية العالقة مع حكومة الاحتلال.
على اي حال بغض النظر عن الفقرة الصغيرة التي جاءت في ذيل بيان الحكومة، يمكن لنا القول أن البيان الحكومي لجلسة مجلس الوزراء الاسبوعية يصلح أن يكون بياناً لفصيل فلسطيني صغير لا حول له ولا قوة، فهل كان الشعب الفلسطيني ينتظر إجتماع حكومته كي يستمع إلى اشادتها بجرأة وشجاعة وزيرة خارجية السويد وبالتحرك المستمر للاتحاد الأوروبي لدعم حل الدولتين، واشادة الحكومة بالقرار الذي اتخذته الكنيسة الميثودية المتحدة بسحب استثماراتها من مجموعة البنوك الاسرائيلية المتورطة بتمويل المشاريع الاستيطانية، وكي نعرف من خلال بيانها أن اسرائيل تمضي في تصعيد جرائمها البشعة تجاه شعبنا، وأن تعبر الحكومة من خلاله عن استنكارها لتصريحات "لبيد" وللشعارات العنصرية على جدران دير "رقاد العذراء"، كان من الأفضل للحكومة أن تختصر موقفها من جملة تلك المواضيع عبر بيان لوزارة الخارجية، وأن يركز بيان الحكومة عن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية.
المواطن الفلسطيني ينتظر من حكومته قرارات تعالج بها همومه، ينتظر منها توضيحاً وخطوات على الأرض لمعالجة مشكلة كهرباء غزة المتفاقمة وتفاصيل المشروع القطري لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، وحول إجراءاتها لحل المشاكل التي تعصف بالقطاع، وأن تبين لنا الجهود التي بذلتها في المهام الثلاث التي أوكلت لها عند تشكيلها، وأن يتسع بيان الحكومة لأن تفسر لنا الترقيات في الضفة الغربية وحجبها عن أبناء قطاع غزة، وما الذي فعلته في ملف تفريغات 2005، وما الذي ستفعله الحكومة حيال الفقر المتقع الذي تعيشه شريحة واسعة من شعبنا، وما هي خطة الحكومة لمعالجة البطالة وجيش الخريجين العاطل عن العمل، نحن بحاجة لأن يتناول بيان الحكومة شيئاً من ذلك لا أن يبقينا أسرى خطاب إنشائي تتكفل بمثله العديد من مؤسساتنا الغير تنفيذية وما أكثرها.

د. اسامه الفرا