بلدة عصيرة الشمالية التي تحد مدينة نابلس من الشمال على بعد 6 كيلو مترات، وتشتهر بزيتونها الذي يحمل لون وطعم أرضنا المحتلة حيث ارتبط اسمها كذلك بالعديد من قوافل الشهداء والقادة ، لعل أبرزهم الشهيد محمود أبو هنود الذي سجل على أرضها في ملحمة تاريخية عظيمة عام 2000 عندما كسر هيبة وحدة "الدفدوفان" الاسرائيلية .
هيثم محمود عبد الجليل ياسين من بلدة عصيرة الشمالية شمال مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة في فلسطين ، كان على موعد مع الشهادة بعد ظهر يوم الخميس (14-1-2016) عندما تصدى لاستفزاز جنود الاحتلال الاسرائيلي بالقرب من حاجز ال17 بين نابلس وعصيرة، حيث انتفض دفاعا عن كرامته عندما شتمه أحد ضباط الاحتلال بشكل استفزازي حيث كان هيثم يجلس على جانب الطريق عندما مرت دورية للاحتلال، وتوقفت بالقرب منه، ووجه له الضابط شتيمة، فما كان من هيثم إلا أن ألقى قارورة المياه المعدنية التي كانت بيده باتجاه الدورية ردا على هذه الشتيمة وبعد ذلك أسرع هيثم باتجاه الدورية وانهال بالضرب على الضابط الذي كان يهمّ بالنزول، قبل أن يأتي جندي آخر من الخلف ويطلق النار على ظهره ليرتقي شهيداً على أرض فلسطين دفاعاً عن كرامته التي حاول الاحتلال انتهاكها ظناً منه أن الشهيد البطل سيخاف من سلاحهم وانقلب السحر على الساحر حيث لقن الضابط الاسرائيلي درساً بالبطولة والكرامه.
تنفيذ الاعدام من فوهة الغدر الاسرائيلي بدم بارد
وكعادة الاحتلال الاسرائيلي التي عهدناها فقد أورد رواية أخرى للتغطية على جريمة إعدام هيثم بدم بارد، فادعى أنه ألقى زجاجة حارقة باتجاه الدورية، ثم طعن الضابط بسكين كانت بحوزته طبعاً التهمة جاهزة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني حيث عمد جنود الاحتلال إلى إلقاء سكيناً بجانبه بعد اصابته لتأكيد الرواية الاسرائيلية الزائفة ليتهم لاحقاً بالطعن وإلقاء زجاجة حارقة ضد الاحتلال الاسرائيليي حيث عمد جنود الاحتلال إلى تركه ينزف حتى استشهد ومنع سيارات الاسعاف من نقله في مشهد يجسد البربرية الاسرائيلية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني .
بين الجزائر وفلسطين لا تبعد المسافات
إن عائلة الشهيد هيثم تعيش بين فلسطين والجزائر منذ عشرات السنين، فوالده ووالدته وعدد من أشقائه يقيمون بالجزائر، فيما تعيش باقي عائلته في فلسطين، وكذلك كان حال الشهيد هيثم ولهذا لم يكن غريبا أن يُلَفّ جثمانه الطاهر بعلمي فلسطين والجزائر حيث أن الشهيد محمد ولد في فلسطين، لكنه انتقل إلى الجزائر التي عاش فيها 24 عاما متواصلة ، حيث تلقى تعليمه هناك، وحصل على الشهادة الجامعية في تخصص المحاسبة، وبعدها شدّه الحنين والشوق إلى فلسطين ، فقرر العودة وعاد إليها عام 2005". ليرتقي شهيداً على أرضها .
اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي على الشهيد قبل استشهاده
لم يكد هيثم يمضي عامه الأول في فلسطين حتى كان له نصيب من اعتداءات الاحتلال، فقد أطلق عليه جنود الاحتلال النار عام 2006 على حاجز الـ17، فأصيب بجراح خطرة دخل على إثرها ثلاثة أشهر في العناية المركزة حيث أصيب بعدة طلقات في الحوض، تسببت بتهتك أحشائه الداخلية، وأصبح بعدها يعاني من قصر في إحدى ساقيه نتيجه هذا الاعتداء الغادر.
زفاف الشهيد البطل
في عرس الشهيد هيثم، خرجت بلدة عصيرة الشمالية بالآلاف لوداع ابنها البار ، في مشهد أعاد إلى الأذهان مواكب شهداء عصيرة الأبطال ، فاليوم نال هيثم مطلبه الذي لطالما حلم به وتمناه، صدق الله فصدقه، فهنيئا له الشهادة وهكذا عودتنا عصيرة هذه البلدة الصابرة الصامدة الثائرة ، والتي قدمت وتقدم العديد من قوافل الشهداء، فاليوم تتعطر سماؤك وأرضك بعطر الشهادة، وتعود روائح المسك لتفوح في أرجائك فهنيئاً لك الشهادة يا أيها البطل .
وأختم أسطري هذه بأنه شهيد جديد يضاف إلى قوافل الشهداء الأبطال تحتضنه أرض فلسطين فبين فلسطين والجزائر خمس وثلاثون ربيعاً اختتمها هيثم ياسين، بنيله الشهادة دفاعا عن كرامته وأرضه المغتصبة ، التي حاول المحتلون المس بها وتدنيسها ولكن خسئتم النيل من كرامتنا وسيبقى شمعة تضيء دوربنا من بعده فهيثم ياسين ثائر من فلسطين .
بقلم الأستاذ وسيم وني