هل سينجح الكيان الصهيوني بفرض سفيره داني ديان بالبرازيل؟

بقلم: جادالله صفا

قضية تعيين داني ديان سفير للكيان الصهيوني بالبرازيل لم تنته بعد، وما زالت القضية متفاعلة، وما زال الكيان الصهيوني مصرا على تعيينه، فالكيان لا يخضع للضغوط، ويرفضها وهو يمارس ضغوطه، من اجل تحقيق تطلعاته واهدافه وفرضها بالساحة الدولية اتجاه الصراع، فالكيان الصهيوني يدرك معاني الرفض البرازيلي لتعيين سفيرا كان رئيسا لمجلس المستوطنات بالكيان الصهيوني، وإنعكاسات الموقف البرازيلي على دول القارة اللاتينية.
البرازيل اليوم تمر بازمة سياسية واقتصادية حادة تهدد مستقبل الحكومة البرازيلية، وكافة الحكومات المحلية والبلدية التابعة لحزب العمال، ايضا تدني نسبة رئيسة الجمهورية الى ادنى المستويات، تجعل الكيان الصهيوني يراهن على سقوط الحكومة من اجل ان يفرض سياسته بالقارة من خلال هذا التعيين.
والحالة التي تمر بها دول امريكا اللاتينية، وخسارة اليسار بكل من فنزويلا والارجنتين، والاحتمالات الكبيرة لخسارة حزب العمال واليسار بالبرازيل بانتخابات البلديات هذا العام، ايضا الازمة السياسية ببوليفيا التي تواجهها حكومة ايفو موراليس هناك، تشير ان اليسار بدول القارة بتراجع مستمر ومتواصل، ففرض تعيين داني بالبرازيل له انعكاساته على كل دول القارة، كما كان هناك انعكاسات ايجابية على مستوى دول القارة عندما اعترفت البرازيل بالدولة الفلسطينية، وهذا يضعنا امام تحديات ومهمات كبيرة وصعبة ضرورة الاستعداد لها، وإلا كافة الانجازات التي حققت على مدار السنوات الماضية ستكون بخبر كان.
تعيين داني ديان له علاقة بالصراع العربي الفلسطيني الصهيوني الاسرائيلي، باعتباره كان رئيس لمجلس المستوطنات بالضفة الغربية، وتعيينه هو جزءا من سياسة اسرائيلية صهيونية، تسعى من خلالها اعتراف دولي بالاستيطان بالضفة الغربية، ومن هنا يأتي رفض الحكومة البرازيلية للموافقة على تعيينه سفيرا لديها، ولكن هل هذا الموقف يشمل ايضا قوى اليمين او المعارضة البرازيلية؟ بالوسط البرازيلي وعلى وجه التحديد المعارضة البرازيلية لها رؤية اخرى مختلفة اتجاه الصراع الدائر بالمنطقة.
الكيان الصهيوني يراهن على سقوط الحكومة العمالية التي استنزفت كل طاقاتها، وكل المؤشرات تؤكد على عدم استمرارها بعد عام 2018 إن لم تسقط قبل ذلك.
التقليل من شأن وقدرات الحركة الصهيونية بالبرازيل وامريكا اللاتينية لا يمكن تجاهلها او التقليل من شأنها، فمنظماتها الكبيرة والكثيرة والمؤثرة والتي تفرض نفسها وبقوة على مصادر القرار بالبرازيل على كل المستويات، والامكانيات والقدرات والطاقات الكبيرة التي تسخرها من اجل تمرير اهدافها ومشاريعها وتوجهاتها، وهي تمارس ضغطها وتبني علاقاتها وتعززها مع قوى اليمين البرازيلي، ولها تواجد مؤثر داخل حزب العمال الحاكم، بالاضافة الى تواجدها وبقوة داخل المؤسسات الحكومية على كل المستويات، فرئيس الوزراء البرازيلي محسوب على الحركة الصهيونية البرازيلية وتربطه علاقات حميمة مع قادة الكيان الصهيوني وعلى وجه التحديد شمعون بيرس.
على مدار الاشهر القليلة الماضية، توجهت وفودا برلمانية وبلدية برازيلية الى الكيان الصهيوني، وكان من ضمن برنامج هذه الوفود هو زيارة المستوطنات الصهيونية بالضفة الغربية وإقامة نشاطات لها هناك، وقد جاءت هذه الزيارات بناء على اتصالات الحركة الصهيونية مع رؤساء البلديات والنواب، وما زيارة النائب الفيدرالي المحسوب على الحزب التروتسكي الحرية والاشتراكية الى الكيان الصهيوني JEAN WYLLYS وتصريحاته الداعمة للكيان الصهيوني، وردود الفعل البرازيلية المعارضة لهذه التصريحات والمناصرة للقضية الفلسطينية إلا انعكاسا لطبيعة المواجهة التي تشهدها الساحة البرازيلية.
من اجل تعزيز حملة التضامن والمقاطعة للكيان الصهيوني خلال الفترة المقبلة، يفرض على الطرف الفلسطيني الاستعداد لهذه المواجهة كما تستعد لها الحركة الصهيونية، فوسائل الاعلام الصهيونية تشوه النضال الفلسطيني، والحركة الصهيونية تعمل على كل المحاور بالمسائل الاساسية للصراع، حيث المعارض التي تقيمها بخصوص القدس، ودورها بتشريع الاستيطان، واعتبار الفلسطينين ارهابين ومجرمين وقتلة، ومحاولاتها الرامية الى تثبيت هذه التوجهات بالعقلية الشعبية البرازيلية، هذا يفرض على الفلسطينين تنظيم انفسهم وامكانياتهم وطاقاتهم وتعزيز وحدتهم وتفعيل مؤسساتهم الضمانة الوحيدة للدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني والارتباط بالوطن والارض، قضايا اساسية على التجمعات الفلسطينية وقيادة الجالية العمل من اجل تحقيقها والتي تساهم بمجملها تعزيز دور القضية الفلسطينية ومكانتها بالمجتمع البرازيلي والدولي.

جادالله صفا - البرازيل
24 كانون الثاني 2016