بدأت مواقف الإتحاد الأوروبي تجاه قضايا الشرق الأوسط بالتبلور بعد فترة من اندلاع انتفاضة القدس 2000م، وذلك بعد أن كان موقفها وتأثيرها ضعيفا أمام القطب الأمريكي المتفرد في سياساته الخارجية، وكان للإتحاد الأوروبي موقف واضح ضد العربدة الإسرائيلية وحصار الرئيس أبو عمار رحمه الله، ومن يومها انتقلت الكثير من دول القارة الأوروبية إلى المربع المناصر للقضية الفلسطينية وأعلن مواقفه من السياسة الإسرائيلية وقضايا عديدة وأهمها قضية الاستيطان.
وفي مقابل ذلك يعمل الاحتلال على إجهاض الجهود الأوروبية، ويمعن في الانتقاد العلني لأي مسؤول أوروبي يخوض في هذا الأمر، وبالتالي انتقل التضامن الى مستوى أعلى وهو المعركة الدبلوماسية ويظهر دائما تقدما ملموسا للدبلوماسية الفلسطينية عبر الحراك الدولي ومن نتائجه زيادة وتيرة المقاطعة الأوروبية لمنتوجات المستوطنات الإسرائيلية، وحتى المقاطعة الأكاديمية، وتعترف برلمانات أوروبية بالدولة الفلسطينية، ومن الجهة المقابلة نجد اليوم أن هناك أزمة سياسية بين (اسرائيل) ودولة البرازيل، لأن الأخيرة رفضت إعتماد سفير مؤيد للاستيطان، وأزمة سياسية ساخنة ومستمرة مع دولة السويد التي طالبت بفتح تحقيق دولي في عمليات الإعدام الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
تعمل الماكنة الاعلامية الاسرائيلية بسرعة الصاروخ لتحويل الضحية الفلسطيني الى معتدي، وتحول الاحتلال الى مدافع عن نفسه، واستخدم "الأمن" في خطابات المسؤولين الأمريكيين بصورة ضاغطة ضد المواقف الدولية الايجابية من القضية الفلسطينية، ويتضح اليوم أن الموقف الأوروبي يمثل انقلابا رسميا ضد الاحتلال والتأثير الأمريكي، وظهرت جهود الجاليات الفلسطينية واضحة تجاه تعزيز حملات المقاطعة وهذا نتيجة لزيادة الوعي العام تجاه القضايا الدولية وعلى رأسها " القضية الفلسطينية".
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أن "المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة أمام السلام، وتهدد بجعل حل الدولتين مستحيلا".، وكما أنه يتعبر بأن الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967 وبينها الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان ليست جزءا من حدود "إسرائيل" المعترف بها دوليا في الدول الأوروبية.
هذه المواقف الأوروبية تترافق مع رفع مستوى المطالبة بإعتقال مسؤولين اسرائيليين مطلوبين للقضاء بتهمة جرائم ضد الانسانية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا الأمر يجب استثماره وعلى وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية دعم هذا التحول الايجابي في الموقف الأوروبي .
د.مازن صافي