رخصة الزواج في غزة !!

بقلم: حسن عطا الرضيع

في غزة هناك رخصة للزواج وللقيادة السليمة لإدارة العُش الزوجي الصغير جداً والذي يتسع للحظات ليس كأي لحظة في التاريخ, رخصة يُراد منها التقليل من معدلات الطلاق المرتفعة نسبياً في قطاع غزة وخصوصا في السنوات الأربع الأخيرة وشهد العام 2014 الأعلى في تسجيل حالات الطلاق إذ بلغت 2627 حالة بعدما لم تتجاوز 1600 حالة عام 2007 .
تلك الدورة هي تأهيلية و تأخذ جوانب عدة نفسية واجتماعية وشرعية, أي كيف يمكن للزوجين أو القابلين للزواج الاستمرار في سلك طريق الحياة بكل سلامة واستقرار وبكل طمأنينة وهي مطلب رئيسي لشاب وفتاة قررا الارتباط.
الهدف من تلك الرخصة كما يرى من أقرها أو من سيقرها لاحقا هو كبح جماح الطلاق " أي أن يتم إيقاف الأعداد المتزايدة من الحالات التي تقع ضمن " أبغض الحلال عند الله- الطلاق".
شئ جميل أن يتم تدريب الحمائم البريئة كيفية الالتقاء وبناء العُش وتكوين أسرة اشتقاقا لتجارب دول أخرى ذات مستوى معيشي مرتفع كالسعودية والأمارات وماليزيا , ولكن أرى أن قمة الجمال في قطاع غزة تكمن في النقاط التالية:
1- توفير فرص عمل حكومية أو غير حكومية للشباب الراغبين بالزواج إذ أن قرابة 60% من فئة الشباب لا يعملون , أو تقديم قروض لإنشاء مشاريع مدرة للدخل كفيلة بوقف نزيف الطلاق المستمر في غزة و الذي يُعد الفقر والبطالة والفراغ _ وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سببه الأبرز وربما الرئيس مع وجود أسباب أخرى لكنها تبقى من الأسباب غير الرئيسة _, وليس عدم التفاهم بين بنى البشر , فهذا التفاهم لا قيمة له مع مأسسة أساسيات الحياة بغزة حيث تغيب فرص العمل والتكافل وسيادة العلاقات المادية في كثير من جوانب الحياه والتي أضحت لتلك المشاعر والأحاسيس خاضعة أحياناً لمن يقدم ويوفر أكثر.
2- أن تكون تلك الرخصة مجانية مستقبلاً إذا صارت إجبارية لاحقا , أي أن يزول الهم لجمع المال من جيوب فقراء تأخروا عن الزواج , ولا زلت أرى أن ذلك مُستبعداُ لحكومة جبايات بحتة, رغم نفي وزارة الأوقاف والشئون الدينية دفع المواطن رسوم لذلك وقولها أن هناك جوائز نقدية قيمتها 60دينار أردني لمن يفوز بتلك الدورة والتي تتراوح ساعات عقدها 15 ساعة .
3- توفير مسكن صغير جداً مستقل بذاته للزوجين, ويمكن بذلك إنشاء تجمعات سكنية في كافة المحافظات والمناطق, وبدعم حكومي يتم بيع شقق لا تتجاوز أل 70 متر وبسعر التكلفة وبخصم سعر الأرض التي تشكل 40% من قيمة العقار , وبأقساط شهرية تصل إلى 180 شهر كحد أدنى , تلك الأقساط يمولها صندوق حكومي لإسكان الشباب, ولا تزيد في أحسن الأحوال عن 100 دولار , أي يكون مالكاً للشقة ويدفع أقساط تقل عن متوسط أجرة الشقة الواحدة .
4- إنهاء أزمة الكهرباء والتي تعتبر سببا لتنافر الأزواج وزيادة الكبت وتدهور الوضع النفسي , انظروا أصوات التكبير والتهليل والتصفيق التي تخرج من أفواه هؤلاء الأزواج عند مجي التيار الكهربائي, وفي سياق مغاير انظروا حجم المعاناة والسب والشتم وتكسير الزجاج وضرب الزوجة والتعنيف ضد الطفل عند انقطاع التيار الكهربائي , تخيلوا كم مليون لعنة يوميا بغزة بسبب انقطاع التيار الكهربائي .
يمكن القول أنه إذا توفرت الشروط سالفة الذكر أعلاه , يمكن القول أن هناك كبح لجماح الطلاق والذي يتمثل في انخفاض معدلات الفقر وتحسن الأوضاع الاجتماعية المرافقة لذلك.
أما عن ما يفكر بتعميم تلك الرخصة فإنه لا يريد تقليل معدلات الطلاق كاستفادة من بعض التجارب وأهمها التجربة الماليزية , وإنما يريد مزيداً من الرسوم إن لم يستقطعها الآن فالأكيد سيفرضها مستقبلا عندما تصبح إجبارية , قد يخرجوا لنا بالقول أن الرسوم بسيطة وهي رسوم الإدارة والتنسيق وأمور لوجستية , رسوماً تُستقطع من جيوب شباب لا يعملون ومقبلون على الزواج بعد تأخير ذلك لسنوات, والسبب عدم وجود إمكانيات للزواج ( عدم وجود فرصة عمل, عدم وجود مسكن, ارتفاع تكاليف الزواج).
ما أريد قوله أن تلك الرخصة في حال ما كان رسومها مجانية فإنها خطوة صحيحة ويتوجب كذلك إضافة معايير أخرى كضرورة التعامل مع الأمور الاقتصادية وتأهيلهم مالياً واقتصاديا لكي يستطيعوا التغلب على مصاعب الحياة , وتكون تلك الرخصة غير صحيحة وخاطئة في حال وُجد رسوم لها.
تكون سلبية جداً لو تحولت لمورد مالي دون تقديم خدمات , فالخدمة الحقيقية التي يجب تقديمها للشباب هي الحد من مشكلة تعطلهم الإجباري عن العمل بسبب أخطاء الساسة.
ملاحظة : قبل أسبوعين خرج 4 شباب من مدينة بيت لاهيا إلى مدينة رفح مع الحدود مع جمهورية مصر العربية مشياً على الأقدام , قطعوا مسافة 41 كيلو متر في مدة استغرقت 11 ساعة , وأثناء وصولهم لبحر خانيونس , التقوا بشيخ جليل وأحد وجهاء تلك المنطقة , عرف أنهم جاءوا مشياً على الأقدام من بيت لاهيا , فأعجب بتلك الإرادة العالية لهؤلاء الشباب , وقال لهم :
أن من يستطيع المشي كل تلك المسافة فإنه يحق له أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة !!
هذه رخصة من ذاك الرجل , إذا استطعت أن تقطع مسافات تزيد عن 10 أو 20 كيلو متر مشياً على الأقدام فلك الحق بالزواج بأربعة إذا رغب بذلك , دون التوجه لمثل تلك الرخص التي ترهق الميزانية.
بالنسبة لغير المتزوج يحق له الزواج بواحدة إذا استطاع المشي على الأقدام مسافة لا تقل عن 10 كيلو متر.
السؤال : من تزوج واحدة , ويرغب بالزواج من ثانية أو ثالثة ولاحقا رابعة هي يحتاج لأخذ رخص بذلك, والسؤال الأهم : بالنسبة للمتزوجين هل هم بحاجة إلى رخص كذلك لمنع حدوث إشكالات بسيطة تتعمق مستقبلاً.
في البلدان النامية / سياسيا ً : من يحق له تبوأ القيادة والسياسة والإعلام _ في ظل انعدام النُخب وغياب قوى التصحيح والتغيير ذات الأدوات الواقعية التي تنبع من الوعي_ : هو من يستطيع أن يستخدم مصطلحات ترتبط بنقاط قوة المرأة وأنوثتها وهي ( الانبطاح, الشرف, العُهر, الارتماء في الأحضان, الشقق المفروشة).
أحيانا تشعر أن السياسي والإعلامي العربي عندما يخرج لشاشات التلفاز وبيده المايك يتبرمج لسانه على أنغام وأوتار المرأة, سابقا أعلامي مصري قدير وصف أهمية مصر بالنسبة للوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط , بأهمية الجزء المتوسط للمرأة بالنسبة للرجل .
بقلم/ حسن عطا الرضيع
الباحث الاقتصادي_غزة