في غزة : شو يعني بردان !!

بقلم: حسن عطا الرضيع

لن يجيب ذلك وزير فلسطيني , أو عضو تشريعي من أصل 132 عضو يتقاضوا ضعف موازنة وزارة الزراعة الأكثر إنتاجاً وأهمية في توليد الدخل الوطني, أو حتى وكيل وزارة وعضو قيادة مركزية أو عضو مكتب سياسي لتنظيم فلسطيني رؤيته الرئيسة هي الانحياز للفقراء والعاطلين عن العمل وصغار الكسبة والمنتجين, وإنما من يجيب هو من يسكن الكرفان والكوخ وبيت الصفيح أثناء البرد القارص في قطاع غزة , من يجيب عن ذلك هم النازحين والمشردين , فسألوهم هل يمكن اعتبار الكرفان والكوخ وبيت الصفيح وطن يتسع له أم لا ؟!
شو يعني بردان ؟ هو هاشتاق من الشباب الفلسطيني الغاضب في قطاع غزة تداوله الكثيرون بسبب اشتداد موجة البرد والتي رافقه انخفاض ساعات وصل الكهرباء بشكل كبير جداً , إذ أن ساعات وصل الكهرباء يوميا لا تتجاوز أل 4 ساعات .
شو يعني بردان :
1- يعني أن يُمنع طالب من دخول قاعة الامتحان في الجامعات الوطنية الفلسطينية بسبب عدم دفعه للرسوم الدراسية الأعلى عالميا قياسا بمتوسط دخل الفرد ( 970 دولار متوسط دخل الفرد في غز سنويا ) , في قطاع غزة هناك 29 جامعة وكلية ومعهد , يتخرج منها سنويا قرابة 18 ألف خريج يعمل منهم 3.5 ألف منهم , هناك 231 ألف عاطل عن العمل منهم 100 ألف خريج , منهم 530 من حملة الماجستير وعشرات من حملة الدكتوراه.
في ظل الأوضاع المأساوية واختلال سوق العمل فإن هناك ضرورة وطنية وإنسانية ملحة الآن لإعداد مسودة قانون مفادها تحويل تلك الجامعات لجامعة حكومية توفر التعليم للجميع بحيث يكون للفقراء نصيب في التعليم كحق من الحقوق المشروعة , إضافة لوجود توفر للمعلومات بشكل يُتاح للجميع دون تكلفة عبر إيجاد بنك للمعلومات مجاناً.
عن ضرورة سيطرة الحكومة على الجامعات الفلسطينية وفرض حد أدنى وأقصى للأجور والرواتب ومجانية الحصول على البيانات والمعلومات بكل حرية أتحدث.
2- يعني أن تعاني سيدة فلسطينية في شهور الحمل الأخيرة من تردي وضعها الصحي ؛ والسبب معاناتها من سوء التغذية وفقر الدم وانعدام الأمن الغذائي , كل ذلك لأن زوجها لا يعمل ولا يستطيع أن يلبي أدنى احتياجات أسرته , إذ أن 93% من الأسر الفلسطينية ليس لديها قدرة على توفير احتياجاتها الأساسية , إضافة إلى أن 86% من الراتب للعاملين يذهب لنفقات السلع الضرورية وهي النسبة الأعلى عالمياً.
عن خسارة الرجل الفادحة في معركة الحصول على فرصة عمل في قطاع غزة و ارتفاع نسب انعدام الآمان الاقتصادي والاجتماعي أتحدث .
3- يعني أن يكون هناك طفل صغير يناشد أمه لتشغيل وسائل التدفئة , فتجيبه / يا حبيبي لا يوجد لدينا كهرباء , فيرد عليها , ما دام لا توجد كهرباء , أريد أن تُشعلي الفحم للتدفئة , فترد عليها أيضا لا يوجد عندنا فحم , فقال لها؟ لماذا , فقالت لأنه لا يوجد عندنا مصدر دخل لتمويل نفقات البرد القاتم , فقال لها ولماذا لا يوجد دخل , فقالت لأن والدك يعيش بغزة , ولا يعمل بسبب الركود الاقتصادي السائد والذي يظهر في وجود فحم كثير بالأسواق .
عن ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة وهي النسب الأعلى عالميا أتحدث.
4- يعني عدم قدرة الأسر الفقيرة في قطاع غزة الحصول على التدفئة لأسباب منها عدم توفر دخل كافي للإنفاق على بدائل الكهرباء ( ارتفاع نفقات الصيانة , غلاء الفحم, غلاء الوقود, تراجع جودة اللدات).
5- يعني وجود أزمة حقيقية في الأراضي الفلسطينية محورها ثالوث الفقر والفساد والانقسام.
6-يعني وجود قطط سمان و ذئاب جارحة وطيور ظلام في الأراضي المحتلة لديهم خبرة 9 سنوات في إدارة الانقسام بتقدير عام امتياز , انظروا نتاج تلك الإدارة :
فقر , بطالة مرتفعة, انعدام الأمن الغذائي , أزمات للكهرباء والماء والبنية التحتية وإغلاق المعابر وتردي الوضع الصحي والتعليمي, عجز مالي مستمر , ديون عالية, ارتفاع نفقات المعيشة , ارتفاع الأسعار, غياب الإنتاج الوطني, , وليس أخيرا مشكلة النزوح ووجود كرفانات وبرد قاتم يلاحق و ينهش بجسد امرأة وطفل ضعيف يعاني من سوء التغذية وفقر الدم .
في أحد المحال التجارية بغزة : التقيت بشاب خماسيني يعمل 12 ساعة يوميا ب 20 شيكل (5 دولارات) يعيل 6 أبناء ويستضيف أسرة نازحة منذ 17 شهراً .
شو يعني كرفان/ كوخ/ بيت صفيح في ظل البرد القاتم في قطاع غزة = السؤال القائل هل يوجد أمان اقتصادي واجتماعي في الأراضي الفلسطينية.
7- يعني وجود اغتراب حقيقي في الوطن الذي ضحى لأجله الآلاف عبر عقود النضال الأخيرة بردان : يعني أن( الفقر والجوع والحرمان والذل والمهانة ومأسسة الكهرباء والمعبر ورغيف الخبز وغياب فرص العمل وغياب العدالة الاجتماعية وانعدام الآمان الاقتصادي والاجتماعي) في الوطن غربة, و ( الغني والأمان والكرامة الانسانية وتوفر الكهرباء وغاز الطهي و فرص العمل ورغيف الخبز والعدالة وتوفر الآمان الاقتصادي والاجتماعي ) في الغربة وطن
الإنسان أصدقائي احتياجات.
8- يعني أن هناك ضرورة وطنية مُلحة لفتح ملف استثمارات غاز بحر غزة المكتشف منذ العام 1999م الذي بإمكانه توفير غاز لمحطة التدفئة وللغاز المنزلي ل 22 سنة , وعوائد سنوية تقدر ب 3 مليار دولار ( أي 150% من ناتج غزة).
9- يعني أن هناك ضرورة وطنية مُلحة لاستقالة وزير الاستثمار والبنية التحتية والموارد الطبيعية والكهرباء والعمل في الأراضي الفلسطينية , السبب : مأسسة الحاجة الإنسانية.

بقلم/ حسن عطا الرضيع
الباحث الاقتصادي_غزة