الدور المصري ...والاتجاه المعاكس!!

بقلم: وفيق زنداح

مهما بلغت من قدرات فكرية ....ثقافية ومهنية ...ومهما كنت من أصحاب الرؤية وقراءة الطالع للأحداث والمراقب لمجرياتها ...وما يمكن أن يحدث في اطار التوقعات والاحتمالات والتحليلات ...ومهما تعاظمت درجة الاحساس والمسئولية العالية ...فانك ستجد نفسك متشككا بدرجة عالية من الشك وعدم اليقين ....بالرغم من أن الشك مدخلا لليقين والحقيقة في بعض الاحيان ....وبأحيان أخري مخرجا ومنقذا من مخاوف وتوقعات ربما تكون صادمه بملابساتها ومعطياتها ودلالاتها .
مما تقدم ليس شكا ... توقعا .... حلما ....واستنتاجا بل نحن نقرأ الواقع ونسرد التاريخ بمنعطفاته واحداثه التي تعايشنا معها ..واقتربنا من حقيقتها بكل تفاصيلها وعناوينها ...والتي تثبت أن طريق المصالحة وانهاء الانقسام لا يمكن أن يتحقق بالتمني ...والخواطر والاشعار.... ولا حتي بالخطابات والتصريحات.... حتي أنه لا يمكن أن يتحقق ونحن نشاهد التوقيع بالأحرف الاولي ...وحتي بالأحرف النهائية على ملفات الانقسام وتوقيع أطرافها عليها.... وحتي شهادة الشهود .
الحسابات دقيقة ....والحقائق ثابتة.... ولا يمكن ان يحدث تغير في منظومة الواقع ....طالما أن النوايا على حالها ....والفكر بالياته ...والمواقف بما هي عليه ...والقرار يصدر بذات الالية وبذات الشخوص ....وبذات التوجهات ....لا زال الجميع على حالهم من التباعد ....وعدم التقارب ...ليس لسبب واحد موحد... بل ربما لأسباب ...ربما نعرفها ...وربما لا نعرفها ...ربما ندركها ..وربما لا ندركها ....ربما نكون على اطلاع بها ...وربما لا نكون على اطلاع ومعرفة اكيدة بها ...كل شيء ممكن ....وكل ممكن محتمل ...وكل محتمل يمكن أن يكون حقيقة ....ولكن ليس كل حقيقة يمكن أن ترضي طرفي الانقسام ....ليس لشي ....ولكن لان كل طرف يعتقد أنه على حق بما يطالب به ...في ظل حالة النسيان القائمة على شهود الحال ...وعلى شركاء الوطن ....وعلى الشعب الذي يعاني ويلات ومصاعب وتحديات .
ما وصلنا اليه ....لا مناص ولا مخرج ...من مواجهة الحقائق واتخاذ ما يلزم بكل شجاعة وقدرة على اتخاذ القرارات التي تتلاءم والمصالح العليا لهذا الوطن الجريح والنازف بأهله وأجياله ....التي تعاني ويلات وكوارث الواقع ....والذي اصبح تعدادها مملا على أسماعنا ....وقاسيا علينا بتكراره ....والتي تجعل من محاولة التهرب من استحقاقات المصالحة وانهاء الانقسام مسألة غير مبررة ...ولم تعد مقبولة ....مهما تعددت الاسباب والمبررات التي يمكن تسويقها والاعلان عنها ..والدفاع عن حقيقتها .
ما يجري اليوم من أحاديث صحفية واعلامية حول لقاءات وحوارات في الدوحة بقطر وفي تركيا يعود بنا بالذاكرة الي الماضي القريب ...وما جري من حوارات ولقاءات والتي اذا ما عددناها لطال بنا الوقت والزمن ....وأصبنا بالمزيد من حالة الشك ....وعدم الثقة ....بكل ما يمكن أن نسمعه ....أو ما يمكن أن يتحدث به البعض حول لقاءات وحوارات واحتمالات قمة ...كل شي ممكن ومحتمل ..... لكن الشي الاخر اننا لم نفهم مبررات واسباب عدم تنفيذ مئات الصفحات من البنود والقضايا التي تم الاتفاق عليها ...والتوقيع حولها لإنهاء هذا الانقسام الاسود الذي نخر بعظمنا ولحمنا ..واذاق شعبنا مرارة وحسرة على مدار سنوات طويلة لا طائل منها.... ولا فائدة عادت علينا..... الا هذا الانقسام والتشتت ...وهذه الخدعة السياسية التي طافت بها اسرائيل كافة الارجاء..... أن الفلسطينيين غير موحدين ...ومع من سنوقع السلام ...ومع من سننهي النزاع والصراع ..ذرائع واوهام حاولوا تسويقها على خلفية الانقسام ....والذي حاصر القطاع منذ عشر سنوات. وجوع أهله ..وأدخلهم بأمراض عديدة وكوارث ونكبات وتعطيل لأجيال عن مستقبلها ...وايجاد فرص عمل لها .
ما أعاق التنفيذ وانهاء الانقسام ....نامل أن يكون خيرا ...وأن لا يكون شرا ....وأن يكون الشر قد زال ...وأن الخير قادم ....على ايدي دول نحترم مساعداتها ونقدرها .....لكننا نشكك بمصداقيتها السياسية ..وعمق توجهاتها الاقليمية ....ومصالحها الضيقة على حساب منطقة باسرها ....وهذا ما يولد لدينا ...ومن حقنا أن يتولد لدينا السؤال ..اذا كانت هاتين الدولتين ممن ساهموا في اثارة الفتن وبذور الخلاف واسالة الدماء ..وتهجير الناس عن أوطانهم ..وادخال الارهابيين لبلاد العرب وتمويل كل ما يعكر اجواء الدول واستقرارها وما يعزز الانقسامات بداخلها ....فهل هاتين الدولتين مؤهلتين لإنهاء انقسامنا ...وتوحيد طاقاتنا ..وقلب صفحة سوداء عشنا مرارتها وحسرتها ؟؟!!.....هل هاتين الدولتين يمكن أن يكونوا للوئام واصلاح ذات البين ...وانهاء الانقسام الي غير رجعة ؟؟!!...أسئلة من حقنا أن نسالها ...ونحن لا ندعي على أحد ...ولا نشكك بمصداقية احد ...لكننا نسرد واقع وتاريخ قريب وليس ببعيد ...نسرد تفاصيل وواقع ما زالنا نعيشه ونشاهده...ونستمع اليه ....داخل العديد من الدول والاقطار الشقيقة ومثال ما نقول سوريا ....وعبر الاراضي التركية.... يدخلها الارهابيون وعلى مدار اللحظة في ظل مشروع دولي لإعادة توطين الشعوب ...وتفتيت الدول الي دويلات صغيرة لكل طائفة دويلة ..ولكل دويلة مواردها ...تغذية للطائفية والحروب المذهبية ...وكما في سوريا نجد في العراق والتدخل التركي في شماله ...كما التدخل الايراني ...أراضي العرب اصبحت مباحة ومستباحة للتدخلات السافرة ....كما وحالة قطر وتدخلها في ليبيا وسوريا... وفي مصر دويلة قطر التي تمتلك من الاموال الطائلة ...والتي تجري استثماراتها وتوزيعها بطريقتها وبحسب مصالحها ....وبما يخدم دورها والاجندة المقررة لها .
ما نقوله عن تركيا وقطر ليس قولا مرسلا ....او اجتهادا شخصيا .....لكنها حقائق سياسية وميدانية ومعلوماتية تخرج من مسئولين عده كما تخرج عن مصادر اعلامية متعددة...وليس هناك ما يصدر ...وما يخالف مثل هذه التدخلات أو هذه الحقائق .
تركيا وقطر ليسوا من الدول التي تمتلك الثقة المطلوبة للخروج باتفاقية مصالحة وانهاء الانقسام ...وحتي ان خرج مثل هذا الاتفاق فالتطبيق سيواجه صعوبة ....حتي وان تم تطبيقه فالثغرات والمطبات والمصالح ستكون مرجحة لاهتزازات وتقلبات ....ستكون اشد علينا وأصعب لخصوصية واقعنا ....ونحن لا زالنا في ظل احتلال جاثم على صدورنا ...واستيطان يتوسع ....وعدو مجرم ما زال على عدوانه وجرائمه.
تجربتنا لإنهاء الانقسام طويلة وعلى مدار سنواته العجاف والمريرة ....ولا نتحدث هذا الا من باب الحرص والتأكيد والتمني ....أن نري صفحة الانقسام وقد انطوت والي الابد ...وان نري اخوتنا في حماس وفتح وقد وضعوا اياديهم بأيدي بعضهم البعض ..وعملوا علي قلب رجل واحد ...وبفكر سياسي وبإرادة جامعة موحدة ....ومعهم كافة القوي السياسية الوطنية والاسلامية....نأمل أن نري مشهد وحدوي ...وان ينتهي الانقسام للأبد.... وأن تتعزز الوحدة والشراكة ...وأن نري حكومة وحدة وطنية ذات ولاية جغرافية وسياسية وقانونية على كافة اراضي السلطة الوطنية..... من حقنا أن نأمل ونحلم.... برؤية فصائلنا وقوانا السياسية وقد توحدت.... حتي نخرج من هذه الازمات والكوارث والنكبات التي المت بشعبنا... التي وضعت المواطن امام خيارات صعبة ....ولن نقبل باي طرح ومبرر أو سبب يمكن ان يحاول البعض تسويقه علينا حول صعوبة القضايا ....وحول النوايا ....وحول الثقة والارادة... وحول التدخلات الخارجية ..عناوين مللنا من سماعها ...واصبحنا لا نطيق ترديدها ...صحيح تم التوقيع بالسعودية ومصر واليمن والدوحة واخيرا الشاطئ .... وكلها كانت حبر على ورق ولم تأخذ طريقها لإنهاء هذا الانقسام.... ولكننا نأمل بهذه المرة ان ينتهي الانقسام وللأبد ...فهل هذا حلم ...أم أمل ...أم حقيقة طال انتظارها ؟؟!! .
المسألة الأخرى التي يجب الحديث عنها والتأكيد عليها ...أن ملف المصالحة والملف الفلسطيني برؤمته بأيدي الاشقاء المصريين ....والجميع يعرف ذلك...ولا حديث لأحد حول تجاوز هذا الموضوع ...كما يعرف الجميع ان تركيا وقطر ليسوا على ما يرام مع مصر الشقيقة أي ان هناك حساسية عالية في تدخل هاتين الدولتين .....فهل هذا التدخل لصالحنا ......ام يضر بنا ؟؟!!.
أخيرا وليس اخر ...حركتي فتح وحماس من الحركات الفلسطينية الكبرى.... لكل منهم جماهيريته وامكانياته ...ولكل منهم مصادر قوته وادواته الفاعلة والمؤثرة ....وحتي تكون الامور واضحة وجلية فالحركتين بحاجة بعضهم البعض ....ولا مجال للاستغناء عن بعضهم البعض ...كما لا مجال لاتفاقهم بمفردهم دون القوي والفصائل الأخرى ...فالوطن للجميع ...والجميع شركاء هذا الوطن .....ومن حقهم أن يكونوا بكافة القضايا وان يساهموا بكافة الحلول التوافقية والممكنة...حتي لا نري أنفسنا أمام قضايا تحتاج الي توافقات الجميع بعد أن نكون قد أخذنا شوطا كبيرا بمفردنا كحركتين سياسيتين .
الحوار الوطني الشامل وليس الثنائي ....ربما يكون الاقرب لمعالجة القضايا ....كما أن الحوار والتنفيذ برعاية الاشقاء المصريين وحتي بمساهمات عربية واسلامية ايجابية.... يمكن ان يخدم قضية انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة .
القضية هامة وحساسة.... وفيها الكثير من الثغرات والمطبات.... والتي تحتاج الي تفكير عميق واستخلاصات تجربة سابقة..... لم تصل بنا الي النتائج المرجوة ..وهذا ما يتطلب أن تعالج الملفات بعناية وسرعة وبتنفيذ دقيق ...في ظل سلطة واحدة.... وحكومة وطنية واحدة ...وبمؤسسات واحدة.... على طريق تهيئة الظروف والمناخ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية .....تخرجنا من هذه الحالة المأساوية ....وليقرر الشعب مصيره بنفسه ...وبإرادته الحرة والمباشرة .
الكاتب: وفيق زنداح