تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس هو تحريك للمياه الراكدة لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعدما أدرك الأوروبيين أن مفتاح الأمن والسلام في الشرق الأوسط القضية الفلسطينية
وقد وصفت إسرائيل تعليقات أدلت بها وزيرة الخارجية السويدية في شأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بأنها "صفيقة إلى حد مريع"، واعتبرتها محاولة للربط بين هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية"- "داعش" في باريس وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم سبق وان أدلت بحديث للتلفزيون السويدي الرسمي أس في تي ،
وردت فالستروم على سؤال عما إذا كانت قلقة من تطرف شبان في السويد يقاتلون في صفوف "داعش"، قائلة "لدينا بكل وضوح أسباباً تدعو للقلق ليس هنا فقط في السويد لكن أيضاً حول العالم، لأن هناك أشخاصاً كثيرين يسلكون طريق التطرف".
وأضافت: "وهنا نعود إلى مواقف مثل تلك التي في الشرق الأوسط، حيث لا يرى الفلسطينيون على وجه الخصوص أدنى مستقبل لهم، بل يتعين عليهم إما أن يقبلوا وضعاً يائساً أو يلجأوا إلى العنف".
وفي تصريحات غير مسبوقة قال الأمين العام للأمم المتحدة خلال اجتماع لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط إنه يشعر بـ"انزعاج شديد" بشأن تقارير ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطط لبناء أكثر من 150 منزلا جديدا في مستوطنات غير قانونية بالضفة الغربية المحتلة.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مساء ألجمعه الماضي ، أن بلاده ستعيد سريعا تحريك مشروعها لعقد مؤتمر دولي "لإنجاح حل الدولتين" فلسطين وإسرائيل.وأوضح فابيوس خلال حفل التهاني بالعام الجديد للدبلوماسيين الفرنسيين "أن فرنسا (..) ستقوم في الأسابيع القادمة بمساع بهدف التحضير لمؤتمر دولي يضم حول الطرفين ابرز شركائهما، الأميركيين والأوروبيين والعرب خصوصا، بهدف حماية حل الدولتين وإنجاحه".وأضاف "لا يجب أن نترك حل الدولتين يتلاشى" مبديا أسفه لان "الاستيطان (الإسرائيلي) مستمر".وقال فابيوس انه إذا فشلت هذه المبادرة "علينا تحمل مسؤولياتنا من خلال الاعتراف بدولة فلسطين".وأشار إلى انه كان تطرق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 في الجمعية الوطنية إلى أفق حل الدولتين وانه إذا لم يتحقق هذا الحل فأن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين.وأكد فابيوس أن أمن إسرائيل "شرط مطلق" لكن "لا يمكن أن يتحقق السلام بدون عدل".
وأعرب الوزير الفرنسي عن أسفه لان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "ذهب إلى حد الأخذ على الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) تشجيع الإرهاب لأنه ذكر بعدم شرعية الاستيطان وطلب وقفه".
وسبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن دعا المجتمع الدولي لتبني عقد مؤتمر دولي للسلام ، وأوضح الرئيس محمود عباس أن المبادرة الفرنسية تقترح "مبادئ لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتستند المبادرة الفرنسية على مقترحات تدعو إلى تثبيت حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 مع تبادل أراض بين الطرفين، وجعل القدس عاصمة مشتركة بين الدولتين، إلى جانب تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال، وعقد مؤتمر دولي للسلام".ويجري الفلسطينيون مع الفرنسيين مشاورات مكثفة هذه الأيام، في محاولة للوصول إلى صيغة اتفاق تقوم على سرعة المبادرة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام تقدمه باريس للدول الأعضاء بمجلس الأمن .
وعبر فابيوس عن أمله بان يحضر المؤتمر الفلسطينيون والاسرائيلييون بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول عربية مشددا على انه يجب عدم السماح لفشل حل الدولتين لان ذلك مسؤولية دولية وباعتبار فرنسا احد الدول الأعضاء دائمة العضوية فإنها لا بد من التحرك ،وقال فابيوس للصحفيين وللدبلوماسيين الفرنسيين انه إذا فشل هذا المسعى فان فرنسا ستتحمل مسؤولياتها السياسية والأخلاقية وستعترف بالدولة الفلسطينية ،
الإسرائيليون يتهمون فرنسا بأنها تقف وراء المبادرة الاوروبيه لمقاطعة منتجات المستوطنات ووضع علامات عليها ، واتهموا وزير الخارجية الفرنسية بأنه يهاجم إسرائيل ، وبحسب ألصحافه الاسرائيليه ان السفير الفرنسي قال إن الاتحاد الأوروبي اقترح على "إسرائيل رفع مستواها في الاتحاد في حال التقدم بعملية التسوية إلا أن "إسرائيل" رفضت حتى بحث الاقتراح الأوروبي.
في ضوء ذلك يصبح من المؤكد أن التحرك الفرنسي الجديد للدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يتم برضا واشنطن وبالتنسيق معها، بل ربما يكون نيابة عنها مرحليا ولأسباب تكتيكية. ذلك أن الإدارة الأمريكية وصلت إلى قناعة تامة بأنه من المستحيل تغيير النهج المتطرف لرئيس وزراء الكيان الصهيوني. مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، وبالتالي فإن تصدي فرنسا، وليس الولايات المتحدة، لطرح مشروع قرار دولي يمثل حلاً جيداً للإدارة الأمريكية لأنه سيعفيها من التعرض لضغوط اللوبي اليهودي وفي الوقت نفسه سيحقق المشروع الفرنسي الغرض الأمريكي وهو الضغط على نتنياهو. ويكفي في هذه الحالة أن تمتنع واشنطن عن التصويت وتمرير أي قرار قد تطرحه باريس. مما يعزز من هذا الاحتمال أن أوباما كان ألمح إلى إمكانية تخلي واشنطن عن سلاح الفيتو الذي طالما استخدمته واشنطن في مجلس الأمن لحماية الكيان الصهيوني. يبقى بعد ذلك عنصر الوقت، وهو عامل آخر يؤكد أن ما يجري هو جهد مشترك فرنسي أمريكي تتصدره باريس في هذه المرحلة. والتحرك الفرنسي مفيد أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية لأنه يعطي إيحاء للعرب والفلسطينيين بأن قضيتهم مازالت تشغل المجتمع الدولي رغم بؤر الصراع الأخرى المشتعلة في العراق وسورية واليمن. ومن المؤكد إن محاولات تحقيق وحده فلسطينيه ومحاولات تشكيل حكومة وحده وطنيه هو ضمن التحركات الدولية الحالية وان هناك غطاء إقليمي للتحركات النشطة التي تهدف لإنهاء الانقسام الفلسطيني .
وكان المشروع الفرنسي قد فشل قبل عدة شهور بسبب رفض الجانب الفلسطيني لهذا المشروع والمبادئ التي طرحها الوزير الفرنسي، وحاول تعديل هذه المبادئ ولكن الولايات المتحدة طلبت من فرنسا تأجيل ذلك لما بعد التوقيع على اتفاقية النووي مع إيران، وقد استجابت الخارجية الفرنسية لهذا الطلب وبدأت مؤخرا في بحث هذا المشروع مجددا ووضع مبادئ بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني وعدد من الدول العربية، وهذا ما سبب غضبا في الجانب الإسرائيلي المستثنى تماما من هذه المباحثات. ضمن هذا السياق تنظر (إسرائيل) إلى ما بات يعرف بالمبادرة الفرنسية أو (خطة فابيوس) لتحريك العملية السلمية في الشرق الأوسط. وتقضي خطة فابيوس التي عرضها على قيادتي الكيان الصهيوني وفلسطين بتحديد جدول زمني لعام ونصف من المفاوضات، التي بعدها إذا لم يتم التوصل لاتفاق سلام، فإن الأمم المتحدة تعترف بفلسطين دولة مستقلة في حدود العام 1967 مع تبادل أراض، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين. ويدعو مشروع القرار الفرنسي إلى إنشاء دولة فلسطينية وفق خطوط 4 حزيران 1967 مع تبادل أراض متساوية وبموافقة الطرفين. تجدر الإشارة إلى أن الفرنسيين حاولوا في نهاية العام الماضي تقديم مشروع مشابه لكنهم فشلوا بسبب إصرار الفلسطينيين على تقديم صيغتهم الخاصة. وسعى الفرنسيون لعرض مشروع قرار لعقد المؤتمر الدولي بحيث قد يتم عرض المشروع الفرنسي أمام مجلس الأمن في شهري حزيران وتموز.
هذه السياسة الجديدة لفرنسا تزعج قادة الكيان الإسرائيلي بشكل واضح، وأحدثت نقاشات حزبية وسياسية وصلت إلى الكتل النيابية. في الكنيست، مما أثر على الأحزاب الإسرائيلية وتناقض مواقفها وتشتتها وعدم انسجام سياساتها. وتخشى (إسرائيل) من أن مثل هذه المبادرة تعزز الميل الدولي للابتعاد عن الرعاية الأمريكية للمفاوضات، والتي كانت مريحة لــ (إسرائيل) على مدى العقود الماضية. فانتقال المسؤولية عن المفاوضات إلى الأسرة الدولية، أي إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يعني مواجهة ميزان قوى مختلف أقل ما فيه أن الدور الأمريكي الداعم لـ (إسرائيل) يتراجع بشكل واضح. وتعرف (إسرائيل) أن دافع فرنسا للتحرك هو الطريق المسدود الذي بلغته المفاوضات الأمر الذي يفرض على الأسرة الدولية، خصوصاً دول أوروبا، التدخل بفعالية أكبر من أجل تحريك العملية السلمية. وما زاد قلق (إسرائيل) من المبادرة الفرنسية أنها تقع ضمن دائرة الرضا الأمريكية، أو على الأقل أنها ضمن سياسة (العصا والجزرة) لإدارة أوباما. ولا تثق (إسرائيل) بإعلانات كبار المسئولين الأمريكيين عن عدم رضاهم عن المبادرة الفرنسية وتأخذ على محمل الجد تلميحات بعضهم بأنهم لن يتمكنوا لاحقاً من الدفاع عن (إسرائيل) في المحافل الدولية. وتخشى (إسرائيل) من أن هذه التلميحات تحمل معنى واحداً وهو عدم اللجوء إلى استخدام (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي مشروع تتقدم فيه فرنسا
عودة فرنسا لطرح مبادرتها ودعوتها لعقد مؤتمر دولي للسلام قد يكون حصيلة للتغيرات الاقليميه والدولية ضمن عملية تغير موازين القوى وان التحركات هذه هي تتويج لنجاح الديبلوماسيه الفلسطينية والتحركات للرئيس محمود عباس ، حيث أن إصرار الرئيس محمود عباس على إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحده وطنيه بمشاركة جميع الفصائل بما فيها حركة حماس يصب في قناة تتويج لنجاح الديبلوماسيه للرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام لإنجاح المؤتمر الدولي للسلام ضمن مجهود ما يبذل لانجاح المساعي الفلسطينيه لمحاصرة اسرائيل دوليا واقليميا ودفع المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل والزامها بضرورة انهاء احتلالها وتحرير فلسطين .
بقلم/ علي ابوحبله