منذ بداية تدفق اللاجئين الفلسطينيون من سوريا الى البرازيل، ساهمت الحكومة البرازيلية بشكل ايجابي من خلال منحهم الوثائق الثبوتية ليتدبروا امرهم، وسهلت لهم فرصة الانخراط بسوق العمل والتأقلم بالمجتمع البرازيلي، وأخذت العديد من المؤسسات المدنية والغير حكومية على عاتقها مسؤولية العناية باللاجئين من اجل التخفيف عن معاناتهم وتذليل العقبات من اجل ان يشقوا طريقهم الى الامام، واخرون تمكنوا ان يخففوا من معاناتهم اليومية القاسية التي يعانوا منها.
اصطدم اللاجئون القادمون من سوريا منذ اليوم الاول لوصولهم بغياب المرجعية الفلسطينية التي يمكن ان يلجئوا اليها سواء كانت مؤسسات او سفارة، علما ان السفارة تقتصر مهمتها على الجانب الدبلوماسي او العمل على تسهيل بعض المعاملات كما يقول السفير الفلسطيني.
اما المؤسسات الفلسطينية فكانت خيبة امل، شكلت حالة احباط، سواء كانت على مستوى اتحاد او او جمعيات، فالاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية، رفض رفضا قاطعا التعاطي مع موضوعة التواجد الفلسطيني القادم من سوريا، سواء من خلال رئيسه او اي عضو هيئة ادارية، اما ما يسمى بالاتحاد الديمقراطي للمؤسسات الفلسطينية والذي شارك مسؤوله بمؤتمر حق العودة المنعقد ببيروت بداية شهر كانون اول نهاية العام الماضي، فكان موقفه لا يمثل موقف الشرفاء والوطنين المخلصين، عندما وضع شروطا من اجل تقديم مساعدة للاجئين، يلحقه بالموقف ايضا رئيس جمعية برازيليا الذي كان سلبيا بكل المعاني والتفاصيل.
لجنة فلسطين الديمقراطية منذ ما يزيد على عاما، فتحت قنوات اتصال مع اللاجئين وتواصلت مع كافة الاطراف الفلسطينية بالبرازيل، المؤسسات والجمعيات والاتحادات والكونفدرالية وافراد من الجالية الفلسطينية بالمدن والتجمعات الفلسطينية، ومسؤولي الفصائل والسفارة الفلسطينية والدوائر والمؤسسات الحكومية البرازيلية والعديد من الحركات الاجتماعية والاحزاب البرازيلية، وقدمت الارشادات والتوجيهات وحثت الجالية على تقديم مساعدات عينية ومالية او طبية وتوفير فرص عمل وسكن للعديد من العائلات والمحتاجين، وفتحت الحوار والنقاش من اجل ايجاد حلولا للعديد من القضايا والاشكاليات التي تواجه ابناء شعبنا اللاجئين من سوريا وغزة الى البرازيليين.
اخذت لجنة فلسطين الديمقراطية بالبرازيل على عاتقها مسؤولية الدفاع عن حقوق اللاجئين الانسانية والاجتماعية والعمالية بكل المواقع والمناطق ومواجهة كل اشكال الاستغلال والاستبداد التي يمكن ان يتعامل بها البعض مستغلين معاناتهم واحتياجاتهم، وتتابع اللجان مع العديد من القوى والمؤسسات الحكومية بكل اشكالها من اجل التشاور والتعاون بما هو مصلحة اللاجئين، وقد طرحت اللجنة باحدى الاجتماعات مع المسؤولين بساوبولو قضية معاناة اللاجئين من اجل الحصول على عمل او استغلال اصحاب العمل معاناتهم واستعبادهم من قبل اصحاب العمل، وانتهاك حقوقهم العمالية.
كما نبهت لجنة فلسطين الديمقراطية من محاولة استغلال بعض القوى السياسية البرازيلية لهذا التواجد من اجل اهدافا سياسيا تخدم توجهات سياسة محددة للصراع الدائر بالدول العربية، مستفيدة من عدم قدرة اللاجيء على فهم ما يتحدثون ويقولونه، لزجهم بمواقف هم ليسوا بحاجة لها اليوم.
وقد رأت لجنة فلسطين الديمقراطية أن تاسيس مؤسسة فلسطينية لتكون عنوانا فلسطينيا ستشكل مخرجا ولو مؤقتا، فجاء تاسيس المركز الثقافي ليكون بهذا الاتجاه، ليكون مؤسسة فلسطينية يديرها ابناء الجالية الفلسطينية القادمين من سوريا، مع تقديم كل اشكال المساعدات والدعم ضمن الامكانيات المتوفرة عند اللجنة، من اجل الحفاظ والدفاع عن الشخصية الفلسطينية الوطنية من خلال طرح الجانب الثقافي للتواجد الفلسطيني الذي يعبر عن الانتماء الوطني والهوية الوطنية الفلسطينية، وليكون الحلقة التي تربط بين المؤسسات الحكومية والحقوقية واللاجئين الفلسطينين وكل ابناء الجالية الفلسطينية، ايضا ليكون عنوانا فلسطينيا بمدينة ساوبولو، فقضية اللاجئين الفلسطينين هي ايضا قضية سياسية ووطنية، كما هي قضية انسانية ومعاناة، فالمؤامرة الصهيونية الامبريالية لتصفية الوجود الفلسطيني وجدت لها مساحة بالجانب الفلسطيني مستفيدة من التناقضات الفلسطينية الفلسطينية بشكل عام وتمر بها ايضا التجمعات الفلسطينية بالشتات, والمرحلة القادمة تفرض على الجميع تحديات من اجل الحفاظ على هذا التواجد بإقل ما يمكن من الخسائر.
30 كانون الثاني عام 2016
جادالله صفا - البرازيل