الفدائيون الثلاثة .. شد الرحال للقدس تضحية وجهاد .

بقلم: جبريل عودة

عملية باب العامود بالقدس المحتلة , تشكل صفعة قوية لأجهزة مخابرات الإحتلال , وتأكيداً على فشل المنظومة الأمنية الصهيونية , في مواجهة إرادة المقاومة التي تسكن الشباب الثائر في الضفة المحتلة , ثلاثة شبان بعمر الزهور هم الشهيد أحمد ناجح عبد اللطيف أبو الرب، والشهيد محمد احمد محمد كميل، والشهيد أحمد ناجح اسماعيل زكارنة, خرجوا بكل عزم وإيمان , وتقدموا نحو عاصمة الحق، ليكتبوا بدمائهم الزكية أن القدس ميدان البطولة ،ومكان الوعد الإلهي، وبركان الغضب الإسلامي، ليرسم الشهداء الثلاثة الحقيقة الراسخة بأن شباب فلسطين هو السياج الحامي للمقدسات ,وحاجز الصد المباشر لكل محاولات التهويد , وأن شد الرحال للمسجد الأقصى يكون جهاد وتضحية ,فالويل كل الويل لمن يدنس المسجد الأقصى , الويل كل الويل لمن يتهاون بالمس بمقدساتنا , وبما أن عملية باب العامود قد وقعت في نفس اليوم الذي شهد أكبر وأوسع إقتحام للمسجد الأقصى منذ شهور, حيث إقتحم مئات المستوطنين الصهاينة بحراسة مشددة من عشرات الجنود المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة, وكأن الفدائيون الثلاثة أرادوا تذكيرنا بما يتعرض له المسجد الأقصى من تدنيس ومحاولات للتقسيم لازالت مستمرة , وأن مسببات إنطلاقة إنتفاضة القدس لازالت قائمة , وأن الخطر محدق بالأقصى أكثر من أي وقت مضى , وأن الإنتفاضة التي إنطلقت نصرة للمسجد الأقصى يجب أن تستمر وتتواصل حتى تحقيق أهدافها , ولو كان ذلك ثمنه دمائنا , لعل هذه هي رسالة فدائي قباطية الأبرار, الذين أدركوا المؤامرة التي يتعرض له الوطن والقضية, فإنطلقوا للدفاع عن المقدسات والوطن غير آبهين بالتكاليف الباهظة لهذا التحرك الثوري الرافض للإحتلال البغيض .
عملية باب العامود تحمل في طياتها الكثير من الدلائل التي تؤكد ديمومة إنتفاضة القدس وإستمراريتها ومن تلك الدلائل : -
أولاً : - جاءت عملية باب العامود في قلب مدينة القدس المحتلة , لتؤكد أن العمليات الفدائية لازالت على وتيرتها المعهودة منذ إنطلاقة إنتفاضة القدس , وأن الإنتفاضة وهي تدخل شهرها الخامس , قد تجاوزت كل محاولات الإجهاض أو الإلتفاف وهي تتطور وتتفاعل مع الأحداث الميدانية والسياسية بالشكل الذي يخدم إستمراريتها .
ثانياً :- أسقطت عملية باب العامود المنظومة الأمنية الصهيونية , وأثبتت فشلها في مواجهة الفعل الفلسطيني المقاوم , وأن حملات الإعتقال العشوائية للشباب الفلسطيني لن تقمع الإنتفاضة وروح المقاومة في صفوف الشباب المنتفض , فعندما أراد الفدائيون الثلاثة تنفيذ عمليتهم , تحركوا من أقصى شمال الضفة وتجاوزوا كافة الحواجز العسكرية الصهيونية , وصولاً لمكان تنفيذ العملية في مدينة القدس المحتلة .
ثالثاً : -كشفت عملية باب العامود عن تطور في التفكير الجماعي بين الشباب الفلسطيني للقيام بعمليات فدائية , فبعد أن كانت العمليات تتميز بالطابع الفردي في التفكير والتنفيذ, فلقد أصبح التفكير الجماعي حاضرا في بعض العمليات , كعملية بيت حورون قرب رام الله, وكيف إتفق الشهيدان إبراهيم أسامة يوسف علان من بيت عور التحتا غرب رام الله، وحسين محمد أبو غوش من مخيم قلنديا شمال القدس على العملية بمصطلح صيد النياص.
رابعاً :-فشل كل الإجراءات الصهيونية لقمع وإجهاض الإنتفاضة وخاصة عمليات هدم المنازل والتي فقدت خاصية الردع بإستمرار العمليات الفدائية , رغم هدم منازل منفذيها , حيث لا يعلم المحتل أن الوطن أغلى من البيت , وأن الدفاع عن الوطن البيت الأكبر هو جزء من الدفاع عن البيت الأصغر, وأن من يقدم روحه فداءً لوطنه عبر عملية فدائية تهون عليه الدنيا بما فيها , بالإضافة إلى موقف العائلات الفلسطينية المشرف, والذي يؤكد أن الشهيد أغلى من البيت ,وبما أنهم قدموا الشهيد في معركة الدفاع عن الوطن والمقدسات , فأنهم أكثر إستعداداً للتضحية بالبيت , والذي يتم بنائه مرة أخرى في تحدي واضح للإحتلال .
خامساً : عملية باب العامود تكشف لنا إرادة شبابية للمقاومة , أوجبت عليهم تصنيع السلاح يدوياً ,فما تم الكشف عنه من تسليح بحوزة الشهداء الثلاثة , هو سلاح بدائي وأخر من تصنيع يدوي إلى جانب السكاكين , وهي رسالة متعددة الإتجاهات بأن ما من قوة في الأرض تستطيع منع شعبنا من إمتلاك سلاحه , الذي يدافع به عنه نفسه ومقدساته في مواجهة اعتداءات الإحتلال ومستوطنيه .
سادساً :- الشهداء الثلاثة من سكان بلدة قباطية التي كانت تعتبر معقل إنتفاضة الحجارة , ومن عائلات كبيرة لها تاريخها المشرف في مقاومة الإحتلال , وبلدة قباطية أيضا إحدى بلدات مدينة جنين القسام معقل إنتفاضة الأقصى وأسطورتها في الضفة المحتلة , وكأنها رسالة بإستعادة جنين لعافيتها لتقوم بدروها الريادي في تصدر فعاليات إنتفاضة القدس الحالية وتسيير العمليات الفدائية ضد الإحتلال ومستوطنيه .
في الختام نستطيع أن نستشرف من خلال عملية باب العامود البطولية , أن إنتفاضة القدس أصبحت راسخة كرسوخ الجبال , وأن خيار المقاومة والإنتفاضة متجذر في ثقافة الأجيال الفلسطينية , التي تبدي إستعداداً للتضحية منقطع النظير لإستكمال مسيرة المقاومة والتحرير حتى طرد الإحتلال وإنجاز الإستقلال الوطني .

بقلم : جبريل عوده *
كاتب وباحث فلسطيني
4-2-2016م