منذ نكسة حزيران 67 وما ترتب عليها من نتائج احتلال المزيد من الاراضي العربية والفلسطينية ....وما تلاها من أحداث سياسية وميدانية .....ومن مبادرات سياسية ومثالها مبادرة روجرز وزير الخارجية الامريكي الاسبق ...والجولات المكوكية ما بعد ذلك لوزير الخارجية الامريكي الاسبق كسنجر ....وما تلاها من مبادرة بريجنيف الرئيس السوفيتي السابق والتي حملت فكرة المؤتمر الدولي للسلام لحل الصراع العربي الاسرائيلي ....وتنفيذ القرارات الامموية ذات الصلة والعلاقة بهذا الصراع ....حتي وصلنا اليوم للمبادرة الفرنسية والتي قوبلت بالموافقة من القيادة السياسية ومرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية والتي تحتوي في مضامينها حول الانسحاب لحدود الرابع من حزيران وعقد مؤتمر دولي للسلام والعديد من النقاط ذات الصلة بحل هذا الصراع .
مبادرة السلام العربية والذي تم اعتمادها من قبل قمة بيروت العربية..... وما تم عبر الدبلوماسية العربية والفلسطينية من قوة دفع لتوجهاتها ....في ظل تعنت اسرائيل واستمرار مراوغتها ورفضها لكافة الحلول التي يمكن من خلالها اللقاء من خلال مؤتمر دولي .....وهما واعتقادا اسرائيليا أن تبقي على خداعها وتزييفها للحقائق ...وأن تتمسك بخيار التفاوض الثنائي ....والحلول المنفردة..... مع كل طرف عربي على حده ....وهذا ما تم في كامب ديفيد مع مصر..... وما تم بعد ذلك من اتفاق السلام مع الأردن ..واخيرا ما تم الاتفاق عليه بوثيقة اعلان المبادئ في سبتمبر 93 مع الفلسطينيين ....ولا زالت اسرائيل على مواقفها المتعنتة وعدم التزامها بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي من خلال سياسة التسويف ...وتنفيذ سياسة الأمر الواقع.... من خلال تغيير المعالم على الارض .....وفرض الوقائع الاستيطانية غير الشرعية ...اعتقادا ووهما اسرائيليا ان تغيير الواقع على الارض سيوفر حلولا ممكنة للمزيد من السيطرة والهيمنة الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية .....في ظل ما يعلن اسرائيليا عن تمسكهم بمستوطناتهم وكتلهم الاستيطانية... وجدارهم العنصري ..وطرقهم الالتفافية .
التجربة التاريخية للصراع مع هذا العدو المجرم .....تثبت أن ما يقال عبر التصريحات لا علاقة له بما سوف يتم اليوم أو غدا..... وعلى سبيل المثال وليس الحصر ...اسرائيل بالعام 56 وما بعد العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة والتي تم احتلال شبه جزيرة سيناء والقطاع ...وفي أحد الليالي صرح بن غوريون رئيس الوزراء الاسرائيلي في تلك الفترة .... أنه لا يمكن أن يتم الانسحاب ....وستبقي سيناء وقطاع غزة بيد اسرائيل ....في ذات الليلة وفي الصباح خرج أهالي القطاع ووجدوا اسرائيل وقواتها تنسحب من كامل الاراضي ....وهذا ما تم في اعلانهم عن يميت كمستوطنة في سيناء ....باعتبارها تل أبيب.... كما يقولون والتي انسحبوا منها ...كما جنوب لبنان والعديد من الاحداث والمواقف التي تنم عن عنصرية وغطرسة ومحاولة ايهام الاخرين أنهم على مواقفهم ثابتون ...ولن يقدموا خطوة واحدة على طريق الحل والتسوية .
اتفاقية أوسلو المكونة من 3 مراحل .....كانت مرحلتها الثالثة ستنتهي بالعام 99 والتي ستنهي الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية ....وسيتم اقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية ....الا أن اسرائيل ماطلت وراوغت ولا زال جزء كبير من الاراضي تحت احتلالها واستيطانها ....وكأن التاريخ يعيد نفسه ويتكرر..... بمحاولة التمسك ...وفي ذات الوقت محاولة مخاطبة العالم أنهم يريدون التفاوض ...ويريدون تحقيق حل الدولتين .....محاولات كاذبة وخادعة ....تحاول اسرائيل تسويقها للعالم أنها حريصة على حل الدولتين.... لكن الحقيقة أن ما يجري على واقع الارض من استيطان وعدوان ونهب للأراضي....يبعد كثيرا من احتمالية حدوث تسوية سياسية ....وفق قرارات الشرعية الدولية وحتي وفق الاتفاقيات الموقعة .
تمسكنا بالسلام العادل والشامل يعتبر أحد الخيارات والوسائل النضالية السياسية..... على اعتبار أن النضال السياسي هو أحد اشكال النضال التحرري..... وليس هذا تقليدا فلسطينيا خاصا ....أو نهجا فلسطينيا خاصا .....بل ان كافة الثورات العالمية وقد حققت أهدافها من خلال نضالها وتضحياتها ...ومن خلال مفاوضاتها على طاولة المفاوضات ...وهذا ما حدث مع جبهة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي ...وما حدث في اتفاقية الجلاء مع الاحتلال البريطاني ....وما حدث مع الفيتكونج في فيتنام مع الاحتلال الامريكي .....أي أن المفاوضات وخيارات التسوية السياسية ليست خروجا أو تناقضا مع التوجهات النضالية ....والاصرار على تحقيق الاهداف الوطنية والمطالب والحقوق .....حتي ان ايران وأزمتها مع امريكا والعالم تم حلها من خلال التفاوض وما سمي 5+1 .....وكما يجري في جنيف اليوم ما بين المعارضة السورية ...والنظام السياسي الشرعي في سوريا ....كثيرة هي الامثلة والدلالات والمؤشرات والتي تؤكد أن الخيارات النضالية متعددة ....لكن الاهداف الوطنية ثابتة .
فهل حق لنا أن نطالب بمؤتمر دولي للسلام للمساهمة بتحقيق السلام والامن الاقليمي والدولي ؟؟!!! .....هل من حقنا كفلسطينيين وعرب ان نطرح المبادرات وأن نعمل لإحداث الاختراقات ...وأن نشكل أدوات الضغط السياسي والاقتصادي لتحقيق أهدافنا والوصول الي حقوقنا ؟؟!!....كما هل من حقنا ان نستثمر علاقاتنا مع الاطراف الدولية لتغيير معادلة هذه السياسة الظالمة التي لا زالت على جنوحها وميلها ....ولا زالت على انحيازها وغطائها لهذا الاحتلال المجرم ؟؟!!.
جمهورية فرنسا الصديقة ....وما يميز علاقتها بفلسطين وللعرب ...وشعورا منها بمسئولياتها اتجاه المنطقة والامن والسلام فيها ....وتوافقا مع مصالحها الاقتصادية والامنية والسياسية ...وادراكا منها ومن المجتمع الاوروبي المتأثر الاول بمجمل الاحداث والارهاب داخل المنطقة .....وما اكتوت به بعض الدول من هذا الارهاب الاسود.... الذي يزداد بوحشيته وما يجري من هجرة وتهجير بفعل عوامل عدم الاستقرار....... وما يجري من حروب وفتن ولعوامل أخري كانت المبادرة الفرنسية لحل الصراع .....والتي قوبلت بالموافقة الفلسطينية الرسمية ..... بينما رفضت من قبل اسرائيل كعادتها ووفق سياستها المعتمدة التي ترفض اخراج الصراع ووضعه على طاولة المؤتمرين ...أو حتي على طاولة الاممية الدولية ...اعتقادا اسرائيليا بأن تبقي بحالة استفراد من خلال قوتها الغاشمة ....وسياستها العنصرية ...وعقوباتها الجماعية وما تمتلكه من أوراق ضغط .....يمكن من خلالها ممارسة الابتزاز ....والحصول على التنازلات بما يوفر لإسرائيل أمنها واستمرار احتلالها واستيطانها .
خيال مريض .....ووهم كاذب ....وسياسة مخادعة ...تحاول اسرائيل ان تمارسها مع العالم ....ومع بعض شرائح المجتمع الاسرائيلي استغلالا حزبيا لتوفير مناخ استمرار الائتلاف الحكومي القائم على التطرف والاستيطان واستمرار الاحتلال ....واعتماد سياسة طلب المفاوضات مع أجل المفاوضات ...واطالة أمدها ...في ظل الانحياز الامريكي الذي يعمل على ادارة الصراع .....وليس حل الصراع .
ستبقي اسرائيل تنتظر طويلا ....وستبقي اسرائيل بحالة الامن المفقود ....وستبقي سياسة اسرائيل وهما وخداعا لا يلقي أذان صاغية داخل اروقة الامم المتحدة والمجتمع الدولي ....لأنها لا زالت على عنادها ....ولا تتعلم من تجاربها ....وتعتمد على قوتها وبطشها واستمرار احتلالها.... والذي اوصلها الي حالة الذعر والخوف وفقدان الامن .....وهذا ما تتحمله اسرائيل وحكوماتها العنصرية .
لا خيار امام اسرائيل وحكوماتها العنصرية الا القبول بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة ..وأن تخرج اسرائيل من دائرة الوهم المتحكم بعقلية ساستها ....وأن تنهي بسياستها لغة القوة الطائشة .....التي تسبب لهم فقدانهم للأمن ...وعدم الاستقرار .
اسرائيل وساستها وبكافة أحزابها ....عليكم بقراءة التاريخ وتجاربه .....عليكم بقراءة الثورات العالمية ونتائجها .....عليكم بقراءة تاريخ كافة الاحتلالات وما وصلت اليه من هزائم واندحار.
فالمبادرة الفرنسية..... ربما تكون مخرجا لائقا.... ما بعد عقود من الاحتلال والاجرام ....لان اسرائيل وسياستها القائمة على الاحتلال والاستيطان واستخدام القوة ...سيجعلها تتمنى الامن لمجتمعها ...وحتي الاستقرار لمستوطناتها ....وعندها لا يحق لاحد في هذا العالم ...أن يلوم الفلسطينيين علي مقاومتهم ....وفعلهم النضالي لدحر هذا الاحتلال ...وازالة هذا الاستيطان .
بقلم/ وفيق زنداح