الانتفاضة ولقاء الدوحة الفلسطيني

بقلم: عباس الجمعة

منذ سنوات والشعب الفلسطيني ينتظر اللقاءات والاجتماعات للخروج من المأزق وانهاء الانقسام وتطبيق اليات اتفاق المصالحة ، لأن منطق الأمور وتجارب الشعوب التي كانت خاضعة للاحتلال بالإضافة إلى تجاربهم المريرة ،كل ذلك جعل من مطلب وحدة الهدف والإستراتيجية والقيادة شرط اساسي وضرورة لإنجاز المشروع الوطني.

ومن هذا المنطلق الان العيون شاخصة باتجاه اللقاء في الدوحة بين حركتي فتح وحماس ، وفي ظل انتفاضة فلسطينية يقودها الشباب والشابات على ارض الضفة والقدس وهم بكل تأكيد يكتبون بدمائهم صفحات المجد والبطولة ، ويتطلعون الى وحدة الصف الفلسطيني ، وهنا السؤال هل تنجح هذه اللقاءات وتؤسس على التوافق والتراضي ويكون دافعها ومنطلقها وطنيا خالصا دون الحاجة لاي املاءات خارجية ،ورسم استراتيجية وطنية ودعم الانتفاضة وتشكيل حكومة وطنية فلسطينية حقيقية تشرف على اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتخرج النظام السياسي من مأزقه ، اما تستمر الأزمة ونعود لنقطة الصفر ، سيبقى هذا السؤال يؤرق كل مواطن فلسطيني ، وعربي، وربما يطول زمن القلق ويصبح السؤال أكثر صعوبة ، بعدما أصبحت الشروخ أكثر عمقاً ، والشقوق اكبر اتساعاً ، ونحن لا نزعم أننا قادرون على ترسيم حدود القلق والزمن وأسباب الضباب الكثيف الذي يلف هذا اللقاء .

وفي ظل هذه الاوضاع نأمل من المتحاورين في لقاء الدوحة ان تشرق عليهم شمس الحقيقة تجاه ما تتعرض اليه القضية الفلسطينية ، من مؤامرات ومشاريع ومبادرات مشبوهة ، وفي ظل ما يعانيه المشروع الوطني من أزمة بنيوية هائلة الحجم لا تتعلق بمكونات المشروع في حد ذاتها بقدر ما تتعلق بحوامل هذا المشروع ووقوفنا بحيرة أمام تصور آفاق المستقبل القريب والبعيد تجاه مجموعة من المسائل تمس عصب هذا المشروع وتلقى بظلال كثيفة على القدرة على حمله، رغم كل الصيغ والمعالجات ، كونه يشكل قاسم مشترك لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف والأخطار .

ان النضال الوطني الذي يخوضه الشعب الفلسطيني هو بحاجة إلى وحدة وطنية والى حاضن يحمي هذا النضال ، ويلتزم بالمبادئ التي ضحوا الشهداء العظام من قادة ومناضلين بأرواحهم من اجل استمرار الكفاح الوطني، كما الانتفاضة اليوم بحاجة ماسة الى الجماهير الشعبية التي تسير في مقدمة في المسيرة الطويلة حتى تحقيق الانتصار، لأن الانتفاضة واثقة من انتصارها، و لن تتلاشى أو تزول، بل ستتراكم مجدداً لتنتج حالة ثورية نوعية، حتى تحقق الأهداف التي انطلقت من أجلها.

ان الشعب الفلسطيني الذي قدم الآلاف من قوافل الشهداء مستمراً في صموده ونضاله رغم كل المحاولات والمشاريع التي تستهدفه ، ورغم الانقسام ،، الامر الذي يتطلب من جميع الفصائل والقوى والاحزاب الفلسطينية مراجعة خطابها السياسي بما في ذلك خطاب حل الدولتين ، من أجل استعادة روح النضال الفلسطيني وأدواته وفق قواعد النضال الوطني باعتبار أن الصراع مع الاحتلال هو صراع عربي صهيوني ، رغم موازين القوى الدولية والعربية المختلة لصالح

التحالف الإمبريالي الصهيوني وموقفه النقيض للحد الأدنى من ثوابت وأهداف شعبنا الوطنية ، وبعد ان اصبح واضحا للجميع بأن حكومة الاحتلال تؤكد على مواقفها بأن لا انسحاب من القدس، لا انسحاب من وادي الأردن، لا إزالة للمستوطنات، لا عودة للاجئين، ولا للدولة الفلسطينية المستقلة، الأمر الذي يفرض على جميع القوى الفلسطينية أعباء ومسؤوليات كبرى ارتباطاً بدورها في المرحلة الراهنة عموماً ودورها المستقبلي الطليعي على وجه الخصوص ، بما يمكنها من تحديد رؤيتها ومهامها للمرحلة القادمة بدقة ، سواء على الصعيد الفلسطيني أو العربي أو الدولي ، من إعادة إحياء وتجدد الوعي بطبيعة كيان الاحتلال، ودوره ووظيفته كمشروع إمبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف السيطرة الإمبريالية على مقدرات الوطن العربي واحتجاز تطوره .

امام كل ذلك فإن الانتفاضة اليوم تشكل خطوة مهمة يجب الاستفادة منها باعتبار ان طريق النضال هو الطريق الصحيح من اجل استعادة شعبنا لحقوقه رغم تزايد واتساع عنصرية وصلف وهمجية "دولة" العدو الإسرائيلي، هذه الانتفاضة تكتب حقيقة فلسطينية جديدة وتكسر جدار الأوهام وتطلق موجة وعي جديد في جيل لديه الحس الثوري مؤمنابالتحرير والخلاص من الاحتلال الاستيطاني .

ختاما: لا بد من القول، ان الانظار اليوم تتجه الى الدوحة لترى ، ولكن في نفس الوقت انتفاضة الشباب والشابات تمارس اسلوبها الكفاحي ودورها الطليعي بمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه بعلملياتها الجريئة التي لم تتوقف و لا يجوز التقليل من شانها وقد أثبتت قدرتها على التجدد والاستمرار لأنها وليدة مخاض تاريخي يصعب التحكم به، وهي تقدم الشهداء بشوق كبير على طريق الحرية والاستقلال والعودة.

بقلم/ عباس الجمعة